علاقة تلوث الهواء بالإجهاض

29 يناير 2019
تمارين بدنية (Getty)
+ الخط -

يزيد تلوث الهواء من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والجلطات وكذلك من احتمالات تلف الأوعية الدموية. لكن هل من علاقة له باحتمالات الإجهاض لدى الحوامل؟

وجدت دراسة أميركية أنّ هناك أنواعاً معينة من تلوث الهواء تزيد من خطر حدوث الإجهاض بالقدر نفسه الذي للتدخين. وتوصّل باحثون من جامعة "يوتا" إلى أنّ مخاطر الإجهاض تزيد بنسبة 16 في المائة بين النساء المعرّضات لمستويات أعلى من ثاني أوكسيد النيتروجين، وهو غاز يتكوّن نتيجة مركبات البنزين والديزل.

يأتي هذا التحذير وسط مخاوف متزايدة من صلة محتملة لتلوث الهواء وعلاقته المتزايدة بأمراض مثل السكتة الدماغية والخرف والتوحد. وفي هذا الشأن، تقول "هيئة خدمات الصحة الوطنية" البريطانية، إنّ من بين النساء اللواتي يعرفن أنّهن حوامل، يقدر عدد حالات الإجهاض بنحو واحدة من كلّ ثماني حالات.

وجدت الأبحاث روابط بين الإجهاض المحتمل والتلوث في السجلات الطبية لأكثر من 1300 امرأة، ممّن طلبن المساعدة في قسم الطوارئ في مستشفى جامعة "يوتا"، بعد الإجهاض، بين عامي 2007 و2015. واحتسب الفريق مخاطر الإجهاض خلال فترة ثلاثة أو سبعة أيام بعد ارتفاع في مستويات ملوثات الهواء الشائعة، بما في ذلك الجسيمات الصغيرة، وثاني أوكسيد النيتروجين. وعثر الباحثون على زيادة في مخاطر الإجهاض بين النساء اللواتي تعرضن لمستويات مرتفعة من ثاني أوكسيد النيتروجين. ولم ترتبط الجسيمات بشكل كبير بزيادة مخاطر الإجهاض.

تواصلت "العربي الجديد" مع الدكتور بول سرحال، أحد أشهر المتخصصين بالعقم في بريطانيا، الذي يقول في البداية إنّ هناك أسباباً عديدة للإجهاض. ويلفت إلى دراسة أجريت قبل نحو عام، حول مادة فثالات البلاستيك ومخاطرها، بعد إجراء اختبارات دم لمريضات عانين من الإجهاض ووجدن أنّ لديهن نسبة من هذه المادة في الدم. لكن، على الرغم من نسبة تأثير التلوث على حالات الإجهاض، فضلاً عن عوامل أخرى قد تلعب دوراً في هذه العملية يبقى السبب الأكبر له وتتراوح نسبته بين 85 و90 في المائة على علاقة بكروموزوم البويضة، أي حين تكون البويضة غير صالحة لتكوين جنين طبيعي. وهناك أسباب مختلفة أحدها بيئي، لكنّه لا يحتل أعلى القائمة، بل إنّ أكثر من 80 في المائة يرتبط بالحمض النووي للبويضة.

تصوير صوتي (إيغور علييف/ Getty)


يلفت سرحال إلى أنّه يجري ربط كثير من الأمور بالإجهاض، لكن لا يمكن البت أنّها السبب الرئيس، وإن لا يمكن إنكار أنّها تساهم بالتأكيد في الإجهاض. يتابع أنّ نوعية البويضة هي الأساس، فضلاً عن دور الغدة الدرقية الذي يؤثر على الإجهاض نتيجة نقص النشاط أو زيادته، وقد يكون هناك أحياناً خلل في الرحم نفسه. يؤكد أنّ الطبيعة ذكية والجسم يرفض الحمل غير الطبيعي ما يؤدي إلى الإجهاض "لكن قد يكون الحمل طبيعياً أحياناً ويحدث الإجهاض".

يشير سرحال إلى أنّ ضعف هذه الدراسة التي تربط بين الإجهاض وتلوث الهواء، يكمن في أنّها لم تحدّد أسبوع الحمل الذي تمّ فيه الإجهاض، لذلك يستحيل الجزم بأنّ التلوث هو السبب. ويتابع أنّ احتمال الإجهاض يكون واحداً من بين كلّ 10 حالات حمل ما دون الثلاثين، واثنين من بين كلّ 10 حالات ما بين الثلاثين والأربعين، ويرتفع إلى خمس من بين كلّ 10 حالات ابتداء من سن الأربعين. يتابع: "إذا كان التلوث يلعب دوراً كبيراً في الإجهاض، فمن المفترض أن يكون معدّل الإجهاض لدى نساء الصين مرتفعاً جداً إذ نعجز عن الرؤية من شدّة تلوث الهواء هناك، لكن لا دراسة تؤكد ذلك. هناك رابط محتمل بين التلوث والإجهاض كما تقول الدراسة لكنّ الإجهاض حالة طبيعية وطريقة ذكية حين يكون هناك خلل في الحمل، فيتخلص الجسم منه، وهو أفضل من إكمال حمل غير طبيعي. من الممكن القول إنّ 15 في المائة من حالات الإجهاض تأتي نتيجة عوامل مختلفة وقد يكون الالتهاب من ضمنها".

من جهته، يقول ماثيو فولرن، الأستاذ المساعد للجراحة في جامعة "يوتا": "نتائج هذه الدراسة مزعجة، ونحن في حاجة إلى العمل معاً كمجتمع لإيجاد حلول بناءة". أضاف أنّ على النساء الحوامل أن يبحثن أيّ مخاوف صحية قد يتعرضن لها مع الطبيب. كما يمكنهن تجنب المخاطر عن طريق الابتعاد عن النشاط البدني في الهواء الطلق في الأيام التي ترتفع فيها نسبة تلوث الهواء.




تزامن الإعلان عن نتائج الدراسة مع فوز إحدى الأمهات، بالحق في إجراء تحقيق جديد حول ما إذا كان تلوث الهواء قد تسبّب في وفاة ابنتها البالغة من العمر تسع سنوات. وتوفيت إيلا كيسي ديبرا في فبراير/ شباط 2013 بعد تعرّضها لسلسلة من المضاعفات الصحيّة التي تعتقد والدتها، أدو كيسي ديبرا، أنّها كانت بسبب ارتفاع مستوى التلوث في المنطقة التي تسكن عائلتها فيها، في لويشام، لندن.
المساهمون