تونس تبحث سبل تطويق ظاهرة الاتجار بالبشر

23 يناير 2019
بحثت الندوة سبل حماية وتأهيل الضحايا (العربي الجديد)
+ الخط -


تواصل تونس تكثيف جهودها من أجل الإحاطة بظاهرة الاتجار بالبشر التي اتخذت أشكالاً حديثة. وبالتزامن مع إحياء البلاد العيد الوطني لإلغاء الرق والعبودية، جمعت الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر خبراء وقضاة وحقوقيين في إطار الندوة الدولية حول الاتجار بالبشر في تونس، والآلية الوطنية لإحالة الضحايا، لمناقشة سبل تطويق الظاهرة وتأطير الفاعلين في هذا السياق.

وحضر الندوة اليوم الأربعاء، ممثلون عن رئاسة الجمهورية ووزارة العدل والبرلمان، إضافة إلى منظمات حقوقية محلية ودولية، وهيئات أممية على غرار المفوضية السامية لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية للهجرة ومكتب الأمم المتحدة المعني بالجرائم والمخدرات.

وقال المنسق المقيم لمنظومة الأمم المتحدة في تونس دياغو زوريلا، خلال كلمة الافتتاح، "إن الاتجار بالأشخاص جريمة شنعاء تتغذى على عدم المساواة وتغذي بدورها عدم المساواة، وتعمل الأمم المتحدة من خلال تنفيذ أجندة التنمية المستدامة لعام 2030، وهي الخطة الإنمائية الكبرى للبشرية، على الحد من أوجه عدم المساواة مع التركيز بشكل خاص على الفئات الهشة، إذ تحمل أجندة 2030 وعداً مهماً يتمثل في ألا يتخلف أحد عن الركب".

وأشار زوريلا إلى أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وضعت إطارًا معياريًا وتشريعيًا دوليًا يشمل اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبروتوكولها الإضافي، لمنع الاتجار بالأشخاص وحماية الضحايا ومعاقبة مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر.

وذكّر المسؤول الأممي بعمل المقررة الخاصة المعنية بأشكال الرق المعاصرة، وهو جزء من آلية خاصة لمجلس حقوق الإنسان تهدف إلى تسليط الضوء على الوضع الراهن بشأن حقوق معينة، ومتابعة الاليات المخصصة لتطويق الظاهرة. كما لفت إلى اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2010 خطة العمل العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وحثت الحكومات على اتخاذ إجراءات متضافرة وملموسة. وحيّا زوريلا تونس كونها أول دولة في المنطقة تضع قانونا ضد التمييز العنصري.

وتنسق الهيئات الأممية مع مجلس نواب الشعب في إطار بلورة أدوات تشريعية أخرى ذات أهمية مثل قانون مكافحة التمييز العنصري.

بدورها، أكدت رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر روضة العبيدي، أن وضعية الاتجار بالبشر تفاقمت خلال العام الماضي، مع تسجيل زيادة 40 حالة خلال عام 2018 بمجموع بلغ 780 حالة.

وشددت على أهمية نشر الوعي بضرورة الإبلاغ على حالات الاتجار حتى تحظى بالإحاطة. وبينت رئيسة الهيئة في حديثها لـ"العربي الجديد" أن "ضحايا الاتجار بالبشر من مختلف الشرائح العمرية يتم انتهاز ضعفهم لاستغلالهم، وتشهد البلاد حالات مستحدثة من الاتجار، وتعمل الهيئة بالشراكة مع هيئات ومنظمات أممية وأخرى أهلية من أجل توفير العناية الخاصة لتلك الفئات، ونجحت الهيئة في توفير المأوى والتأهيل لها، وتمكين حالات عدة من الانخراط في مشاريع حتى لا يقعون ضحايا من جديد".

من جهة أخرى، بيّن الخبير شارليريك كليس ردا على سؤال لـ"العربي الجديد" عن جانب المتابعة القضائية والتحقيق بشأن الاتجار بالأشخاص أنه "يمكن الجزم بوجود عصابات تمتهن الاتجار بالأشخاص وهي ظاهرة عابرة للدول، ووفّر القانون التونسي الآليات الكفيلة بمكافحة الظاهرة".

وأبرز كليس أن الخيط الفارق بين ضحية الاتجار بالبشر والذين ينخرطون بإرادتهم في عصابات الاتجار، هو غياب الإرادة وممارسة سلطة لغاية الانتفاع من حالة الضعف. لذلك يتمتع الضحايا بحماية جزائية ولا يعاقبون ويحظون بإحاطة خاصة، من بينها إيداعهم في مراكز إيواء متخصصة تقدم التأهيل النفسي والمساعدة القانونية، في حين أن ضلوع الشخص من تلقاء نفسه ومن دون أي ضغط عليه بالعصابات واستغلال واستضعاف الآخرين فيخضع للمحاكمة بصفته مجرماً.

وتشهد تونس تنامياً في الوعي بضرورة وضع حد للانتهاكات العنصرية والتمييز بجميع أشكاله، خصوصا بعد وضع ترسانة جديدة من القوانين الرادعة. وسجلت منذ أيام حادثة اعتداء مواطنة تونسية على معلم تضمنت عبارات عنصرية، ما خلف موجة استنكار شعبية واسعة. وأصدرت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية صفاقس 1 أمس الثلاثاء بطاقة إيداع بالسجن في حق السيدة التي اقترفت اعتداء عنصرياً على المربّي أحمد الطرابلسي يوم السبت الماضي، بعد أن صدر عنها "قول يتضمن تمييزاً عنصرياً بقصد الاحتقار والنيل من الكرامة".
المساهمون