الحيوانات تحظى بدفء إنساني في تركيا

22 يناير 2019
في أمان (خليل ساغركايا/ الأناضول)
+ الخط -

يكثر اهتمام الأتراك بالحيوانات في فصل الشتاء. ولا يقتصر الأمر على الحكومة من خلال افتتاح أمكنة رعاية، بل يعمد مواطنون إلى إطلاق مبادرات فردية

خلال فصل الشتاء، يحرص الأتراك على الاهتمام بالحيوانات، في ظل البرد القارس. علماً أنّ درجة الحرارة تصل، في بعض مناطق شرق الأناضول، إلى أكثر من 30 درجة مئوية تحت الصفر، ويزيد ارتفاع الثلج عن عشرة أمتار.

وبعد افتتاح مركز لرعاية الحيوانات في إسطنبول، العام الماضي، الذي يعدّ ثاني أكبر مركز رعاية مؤقت للحيوانات في أوروبا، افتتحت تركيا مركز رعاية الحيوانات الضالة في ولاية ملاطيا التركية شرق الأناضول، والذي يعد أكبر مركز لرعاية الحيوانات في تركيا، وتحديداً القطط والكلاب الضالة التي تتعرض لخطر الموت من جراء الأمراض وبرودة الطقس.

ويضمّ المركز، الذي يمتد على مساحة 128 دونماً، سبع وحدات منفصلة، واحدة منها إدارية، وتضمّ غرفاً للعمليات والحجر الصحي، ووحدة لعلاج مرض الجرب. وقد زُوّد المركز بأنظمة للتدفئة في أيام الشتاء، ليضاف إلى مراكز وقرى عدة افتتحتها تركيا للعناية بالحيوانات الأليفة، منها قرية للقطط في ولاية سامسون، قبل عامين، على مساحة 10 آلاف متر مربع، وتضم حالياً 800 قطّة تحصل على الغذاء والعلاج والترفيه.




ويختلف التعامل مع الحيوانات في موسم تساقط الثلوج. في حديقة الحيوانات في ولاية إزمير، 2600 حيوان من 138 نوعا، وقد بدأ العمل مطلع الشهر الجاري لحمايتها من البرد، في ظل الانخفاض الشديد في درجات الحرارة.

الإجراءات المتّخذة في حديقة إزمير تشمل زيادة كميات الطعام للحيوانات غير المعتادة على الأجواء الباردة، مثل الفيل، والزرافة، والقرد، والليمور، والأسد، والنمر، بنسبة 20 في المائة، كي تزيد مقاومتها ومناعتها ضد البرد. كما يحرص الأطباء البيطريون المشرفون على أن تكون نسبة الأطعمة والمشروبات عالية في القيمة الغذائية، مثل التين اليابس والتوت.

وبالنسبة للحيوانات الشاردة، ثمّة اتجاهان في تركيا اليوم: الأوّل رسمي يتعلق بالبحث عن الحيوانات التي تتعرض للمخاطر، بعدما نقلت وسائل إعلام تركية عن فرق من الدرك ومديرية حماية الطبيعة والحدائق الوطنية، إنقاذها أيلاً مصاباً كان قد علق في أحد الجداول في قضاء "مودورنو"، في ولاية بولو شمال غرب تركيا.

الأيل أصيب بجروح عدة بسبب هجوم كلاب ضالة عليه قبل سقوطه في الجدول. وعثر عليه سكان قرية "بيك دميرلار". وذكر بيان صادر عن بلدية سيواس مؤخراً إنقاذ فرق الإطفاء التركية كلباً كان عالقاً وسط نهر قزل إيرماق، الذي تجمّد بسبب الانخفاض الشديد في درجات الحرارة.

على المستوى الشعبي، يزيد الأتراك كميات الأطعمة في الأماكن المخصّصة للحيوانات، كالحدائق وزوايا ومداخل الأبنية. وكانت هناك حملة مدرسيّة عمد خلالها تلاميذ إلى تأمين مأوى للقطط والكلاب الشاردة. وبنى تلاميذ إحدى المدارس الابتدائية، في ولاية قريق قلعة وسط تركيا، أكواخاً لحماية حيوانات الشارع من برد الشتاء، عبر إعادة تدوير بعض المواد، بينها صناديق اقتراع قديمة.

وأطلق المشروع أساتذة وتلاميذ في مدرسة "كارا كشيلي" الابتدائية، بدعم من أولياء الأمور، بهدف حماية الكلاب والقطط والطيور من البرد القارس، إثر تساقط الثلوج في الولاية. واستخدمت صناديق اقتراع خشبية في المشروع قدمتها اللجنة العليا للانتخابات، إضافة إلى ورق مقوى وصناديق لتعبئة الفاكهة أحضرها التلاميذ.

ويهدف المشروع إلى رفع وعي المجتمع حول أهمية توفير الرعاية لحيوانات الشارع، وأن يكون مثالاً يُحتذى به في باقي المناطق. ويقول والي قرقلرإيلي، كمال صفا كوكمن أوغلو، خلال تصريحات صحافية: "يجب على المجتمع الحرص على حيوانات الشارع خلال فصل الشتاء"، موضحاً أن المشروع استعملت فيه صناديق اقتراع خشبية تعود إلى 30 و40 عاماً".

بدوره، أعرب مدير المدرسة حيدر دروأكان عن سعادته بنجاح المشروع في تأمين ملاذ آمن للحيوانات، لافتاً إلى أن المشروع سيتواصل تطبيقه في حديقة المدرسة طوال فصل الشتاء، مؤكداً أن المدرسة ستقدم الأكل والشرب للحيوانات والطيور، إضافة إلى المأوى.

وانتشرت التجربة، إذ عمد تلاميذ مدرسة ابتدائية في ولاية "إيغدير" شرق تركيا، إلى تحويل عجلات السيارات القديمة إلى مأوى للقطط، لتقيها برد الشتاء. ووضعت العجلات في الحدائق وبعض الشوارع في الولاية، التي تدنّت فيها درجات الحرارة بشكل كبير في فصل الشتاء.


وساندت مديرية حماية الطبيعة والحدائق الوطنية في الولاية، تلاميذ المدرسة، عبر بتأمين عجلات السيارات القديمة للتلاميذ الذين جهّزوها لتكون مناسبة لتوفير الحماية والدفء للقطط.

ونالت هذه المبادرة دعم الولاية، وشارك والي إيغدير، أنور أونلو، التلاميذ في توزيع العجلات على الحدائق وأماكن تواجد القطط بكثرة في الشوارع والأحياء. وفي معرض تعليقه على المبادرة، شكر والي إيغدير التلاميذ والقائمين على المبادرة. أضاف أن هذه المبادرة تأتي في إطار مشروع "صفر نفايات" في سائر البلاد.
المساهمون