"الخوذ البيضاء" تحذر من المس باستقلاليتها في الشمال السوري

22 يناير 2019
عرقلة العمل الإنساني تضر بالمدنيين أولاً (عمر الموهباني/الأناضول)
+ الخط -
أعرب الدفاع المدني السوري المعروف بـ"الخوذ البيضاء" العاملة في مناطق سيطرة المعارضة والفصائل المتشددة في الشمال السوري، عن خشيته من خطر تأثرها بنتائج الصراعات العسكرية، التي سمحت لـ"هيئة تحرير الشام"، المصنفة دوليا "تنظيما إرهابيا"، بالسيطرة على مساحات جديدة من الأرض. واعتبر أن وقف دعمها من قبل الجهات المانحة الدولية، أو تدخل تلك الفصائل في عملها، سينعكس سلبا على واقع سكان المنطقة المتردي بالأصل. 

وأصدر متطوعو "الخوذ البيضاء" بيانا، اليوم الثلاثاء، حول "الوضع في الشمال السوري وأثره على المدنيين في إدلب"، أشاروا فيه إلى أن "الدفاع المدني السوري تأسس كمؤسسة وطنية مستقلة تلتزم مبادئ الحيادية والإنسانية وعدم التمييز. وسمحت لنا هذه القيم بالعمل بشكل مستقل حتى عندما وقعت المجتمعات التي نخدمها ضحية النزاعات المحلية والدولية. وأنقذنا الآلاف من الأرواح من الضربات الجوية للنظام السوري، وروسيا، والتحالف الدولي، وكذلك من نيران معارك الأطراف المختلفة المتصارعة على الأرض".

ولفت البيان إلى أنه "في الأسبوع الماضي، شهدنا تغييرات سريعة في خريطة مناطق السيطرة العسكرية والإدارية في شمال غرب سورية، وهي واحدة من المناطق التي يعمل فيها الدفاع المدني السوري"، مضيفا "لم تؤثر هذه التغييرات على استقلالنا وحيادنا على أي حال. ومن المعلوم للجميع أن أي ضغط على الدفاع المدني السوري ومتطوعيه وأي محاولة مس بحياده واستقلاله من شأنهما أن يحدا من قدرتنا على توفير الخدمات لأكثر من أربعة ملايين مدني سوري وهو ما سيضطرنا لوقف عملنا في أي منطقة نتعرض فيها لذلك".

وأوضح أن "متطوعي الدفاع المدني السوري يستمرون في العمل ليل نهار في خدمة مجتمعاتهم وعائلاتهم داخل سورية. بالنسبة للمتطوعين، لم يتغير شيء، فهم يعملون اليوم، كما كل يوم، لتوفير الخدمات الأساسية لمجتمعاتهم، والدليل الأكبر استجابتنا لحاجة النازحين في المخيمات التي تواجه أحد أشد فصول الشتاء قساوة".

وتابع البيان أن "النزاعات على الأرض والتجاذبات الدولية لا تشتت انتباهنا عن واجبنا النبيل، وهو حماية المدنيين، وسنستمر بأداء هذا الواجب في كل منطقة سورية نستطيع الوصول إليها وبغض النظر عن هوية القوى المسيطرة".


وسبق لـ"الدفاع المدني السوري" أن أصدر، يوم أمس الاثنين، بياناً عبر فيه عن "خيبة أمل عميقة بسبب قرار بعض الجهات المانحة الدولية بتعليق التمويل لمديريات الصحة في الشمال السوري". وأوضح البيان: "بالنسبة لنا هذا القرار يعني أن الطواقم الطبية لن تمتلك الموارد اللازمة لتوفير الرعاية الصحية الضرورية لأكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون شخص، بل يترك الفرق الطبية في وضع حرج وظروف عمل عصيبة لمواصلة عملهم بدون تعويضات تعينهم على الاستمرار بالتفرغ لهذا العمل الحيوي والنبيل، بالإضافة لتضاؤل ​​الإمدادات ومواجهة صعاب جمة لا يمكن تصورها، كاختيار أولويات إنقاذ أي حياة؟ أو علاج أي مريض؟".

وأضاف البيان "يمثل هذا القرار تهديداً لسلامة أكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون شخص ويحول دون الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، وهو حق من المفترض أن يكون مضموناً من قبل المجتمع الدولي، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الأمراض والوفيات من جهة وانتشار الكثير من الأوبئة، ويهدد استقرار الناس في مناطقهم ويدفعهم للهجرة نتيجة نقص توافر الخدمات وظروف الحياة السيئة. هذا القرار سوف يعاقب المدنيين الأكثر ضعفاً الذين يعانون من الهجمات الجوية والتشريد القسري وظروف الشتاء الصعبة على مدى ثماني سنوات، وسيجعل بقاءهم في ديارهم أمرا بغاية الصعوبة".

وحذر الناشط محمد إدلبي، في حديث مع "العربي الجديد"، من نتائج إيقاف الدعم عن المنظمات والمؤسسات الإغاثية والصحية، معتبرا أنها "ستكون كارثية بالنسبة لملايين السوريين".

واعتبر أن "سياسة العقاب الجماعي، بحجة وجود تنظيمات متشددة، لن تنتج إلا مزيداً من المعاناة وعدم استقرار المجتمع"، ما سيدفع إلى "ازدياد التوجه إلى الهجرة والتشدد".

ولفت إلى أن "الدفاع المدني لعب دوراً مهماً في ظل سوء الأوضاع الجوية خلال فصل الشتاء الحالي، من حيث فتح الطرقات ومساعدة النازحين في المخيمات جراء غرق خيامهم، كما أنه يكون أول من يقدم المساعدة في حال الحرائق وحوادث السير، وغيرها من القضايا".