أطفال سوريون يغنون بالعربية والتركية

02 سبتمبر 2018
نشاطات دمج مختلفة للأطفال (كريس ماكغراث/ Getty)
+ الخط -
دمج السوريين في تركيا قائم، خصوصاً التلاميذ والطلاب، مهما كثر الحديث عن وضع اللاجئين هناك الذين يزيد عددهم عن ثلاثة ملايين ونصف مليون. فقد حصل معظم طلاب الجامعات في تركيا على الجنسية، وألزم الأطفال بالدراسة في مدارس تركية، بهدف تحضيرهم للخطوة اللاحقة، وهي الدمج الكامل.

في هذا الإطار، تحضّر بلدية مدينة شانلي أورفا، عاصمة ولاية أورفا في جنوب شرق تركيا، جوقة من أطفال اللاجئين السوريين المقيمين في الولاية كي تكون سفيرة الثقافة للمدينة، من خلال الأغاني التي ترددها باللغات العربية والتركية والإنكليزية. وبحسب مصادر إعلامية، يتردّد عشرون طفلاً سورياً، منذ نحو شهرين، إلى معهد تعليم الموسيقى الذي تنظّمه بلدية شانلي أورفا، في شارع الفن، ليتعلموا فنون العزف على العود والأورغ، بهدف تنظيم حفلات غنائية في الولاية ككلّ وجوارها.

يقول رئيس البلدية، نهاد جفجي، إنّ الولاية ككلّ تعتبر من أهم الأماكن الثقافية في تركيا، وتقدم ما في وسعها، من تسهيلات وإجراءات، من أجل دمج السوريين بالمجتمع التركي. يضيف أنّ أورفا من أكثر الولايات التركية استيعاباً للاجئين السوريين، كما أنّ بلديته تنظّم العديد من الدورات التعليمية في مجالات مختلفة، بغية تحقيق الانسجام والاندماج السريع بين اللاجئين السوريين والسكان.



يقول جفجي إنّ 524 ألف لاجئ سوري يعيشون في الولاية، و"يجب أن نتيح لهؤلاء فرصة التأقلم والانسجام مع ثقافتنا، لذلك ننظم فعاليات عدة لتحقيق هذا الهدف، وعلى رأس تلك الفعاليات، تنظيم دورات تعليمية في مجال الفن والموسيقى، ويتعلم الأطفال في هذه الدورات العزف والغناء باللغات التركية والعربية والإنكليزية".

تعتبر المعلمة السورية، منار يوسف، أنّ هذا الإجراء ليس جديداً ولا يخص ولاية أورفا فقط، بل ثمة إجراءات تركية منذ عامين، لدمج تلاميذ المدارس السوريين، بالمجتمع التركي، سواء عبر زجهم بمدارس تركية وإلغاء المدارس السورية، أو تعليمهم اللغة والموسيقى التركية، لتسهيل دمجهم. تضيف لـ"العربي الجديد" أنّه ستلغى ابتداء من العام المقبل المرحلة الابتدائية في المدارس السورية، وهذا الإجراء جاء مكملاً لإجراءات سابقة عبر إلغاء بعض المواد من المدارس السورية وهي الإنكليزية، والتاريخ، والجغرافيا، فضلاً عن تخفيض ساعات اللغة العربية لتشمل ثلاث حصص أسبوعياً. تتابع يوسف أنّ موقف تركيا أقوى من حجة السوريين، خصوصاً بعد تفشي الفساد في معظم المدارس السورية بتركيا، وتقديم كثير من السوريين شكاوى لوزارة التربية التركية، ورغبة الأهل بتدريس أبنائهم التركية، فضلاً عن رغبة الأطفال السوريين بتعلم اللغة التركية كونها أسهل من العربية، كما تقول.

تؤكد يوسف أنّ المعلمين السوريين فقدوا منذ العام الماضي السيطرة والصلاحية على التلاميذ السوريين، وبات وجودهم في المدارس لا يتعدى الإشراف وإعطاء حصص تعليمية قليلة (لغة عربية وتربية إسلامية) ما يعني برأيها، دمج التلاميذ السوريين بالمجتمع التركي، بل باتوا يرددون النشيد الوطني التركي، سواء من يدرسون في مدارس تركية أو سورية مؤقتة ستغلق نهائياً بعد العام الدراسي 2018 - 2019.

تلفت المعلمة السورية أنّ لأورفا خصوصية، "نتيجة فتح ملفات فساد الشهادات المزورة لبعض المعلمين السوريين، كما أنّ فيها عدداً كبيراً من السوريين، لذلك، كانت الولاية رائدة في إعلانها برامج ومشروعات عدة، منها مشروع دعم دمج الأطفال السوريين بنظام التعليم التركي في قضاء أقجة قلعة في الولاية، بالإضافة إلى البرامج والندوات الخاصة بتدريب الأطفال السوريين على الاندماج التي تتولاها منظمة إيتيم بيرسان".



من جهته، يقول المحلل التركي، سمير صالحة لـ"العربي الجديد": "نعيش في عصر العولمة، وفيه كثير من الإيجابيات والسلبيات، ومن ايجابياته إتاحة فرص الانفتاح والتعايش ومعرفة الآخر والتأقلم ومدّ الجسور للاتصال والتواصل، وهذا ما تشهده تركيا مع العرب عموماً والسوريين على وجه التحديد، بعد ثورات الربيع العربي ولجوء كثيرين إلى تركيا". يلفت صالحة إلى أنّ "البعض قد يحاول اللعب على مسألة استغلال تركيا للعرب أو السوريين، وهنا لن نشير إلى ما فعلته تركيا من أجل اللاجئين، أو الأثمان التي تكبدتها، لكن لنركز فقط على أنّ تلك النشاطات والبرامج التي تصب في تعايش السوريين وتأقلمهم بالمجتمع التركي، هي في صالح كلا الطرفين، لأنّ تركيا تستفيد من استثمارات السوريين وطاقات شبابهم، كما أنّها فتحت جميع الأبواب للطلاب والطامحين على أراضيها".

وحول الموسيقى كأداة دمج، يقول العازف والملحن السوري، علاء الخطيب، لـ"العربي الجديد": "أولاً، تعلم الأطفال السوريون اللغة التركية ووفق اللهجة التي يتحدث بها الأتراك، على خلاف كبار السن الذين يتعلمون اللغة متأخرين، وباتت الأغاني والثقافة التركية، من ضمن حياتهم اليومية واهتماماتهم. الموسيقى أحد أهم وجوه المجتمع وانعكاسه الحقيقي، والأطفال السوريون يجيدون الغناء باللغات العربية والتركية والكردية، وهذه مناسبة ليمثلوا، ليس أنفسهم وسوريتهم فقط، بل تركيا التي قدمت لهم الكثير ويتعلمون على أرضها وبين أولادها، أيضاً".
المساهمون