الألغام ومخلفات الحرب تؤرّق السوريين

09 اغسطس 2018
الألغام تزيد أوجاع السوريين (Getty)
+ الخط -
يواجه السوريون خطر الألغام والعبوات الناسفة ومخلفات الحرب في مناطق مختلفة من البلاد، وخاصة تلك التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، أو تنتشر فيها خلايا تنظيم القاعدة أو قوات نظام الأسد.

وتعدّ مدينة الرقة واحدة من أكثر المدن السورية التي تنتشر فيها الألغام والعبوات الناسفة التي تودي بحياة العشرات من أهلها كل فترة.

ونقلت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان في تقرير حديث لها، "أنه في الفترة بين 21 أكتوبر/تشرين الأول 2017 و20 يناير/كانون الثاني 2018، أصابت الألغام ما لا يقل عن 491 شخصا، بينهم 157 طفلا، وقتلت أغلبهم. ومن المؤكد أن العدد الفعلي للضحايا أعلى بكثير نظرا لوفاة الكثيرين قبل تلقيهم أي مساعدة طبية، وعدم توثيق هذه الحالات بالضرورة".

وفي السياق، يوضح المواطن السوري محمد عواد (43 عاما) لـ "العربي الجديد"، أنّ "كل شيء في مدينة الرقة مفخخ، لا تدري ما الذي قد ينفجر فيها، فتنظيم داعش وضع الألغام في كل مكان تقريبا، حتى الأدوات المنزلية في العديد من البيوت وجدت ملغمة وأودت بحياة الكثيرين من الأهالي أو تسببت ببتور لهم في الأطراف".

ويضيف محمد عواد: "كل الحلول والتدابير الوقائية التي يتخذها الأهالي في الحقيقة هي مجرد حلول ترقيعية، والتحالف الدولي وقوات سورية الديمقراطية "قسد" لا يبذلان جهودا لإزالة الألغام أو إرسال فرق لنزعها، ومهما بلغت مهارة المتطوعين من أهالي الرقة لإزالتها فلن يصلوا لمرحلة الخبراء، كما يمكن أن يتحولوا لضحايا لأن معداتهم  قديمة ولا يملكون وسائل لحماية أنفسهم".

ويتابع: "بكل الأحوال وصلنا لنتيجة أنه يتوجب علينا إزالة أشواكنا بيدنا كما يقول المثل، فلا أحد يهتم لنا، وحتى الآن وبعد أشهر على إعلان التحالف الدولي تحرير المدينة من تنظيم "داعش"، لاتزال الجثث تحت الأنقاض والأهالي هم من يعملون على انتشالها ودفنها".


بدوره، يقول مهنا البكر (42 عاما) لـ"العربي الجديد"، إنّ الجميع زرع ألغاما، سواء تنظيم داعش أو قسد، ولا تمضي أيام دون سقوط ضحايا، التنظيم زرع الألغام في أماكن عديدة وهي في الغالب تتركز عند مداخل المدينة ونقاط كانت تحدث عندها اشتباكات سابقا، أما قسد فقد زرعتها بشكل عشوائي، وحتى عناصرها لا يعرفون أين زرعت وماهي أماكنها بالضبط".

ويتابع البكر: "في نهاية الأمر الضحايا هم مدنيون أغلبهم من الأطفال، يلعبون بين ركام الأبنية ولا يعلمون بالخطر الكامن بها، وأكثر ما يخيف الناس هو مخلفات القصف، فبعض القنابل غير المنفجرة لاتزال على حالها، وهي نشطة، والبعض منها بمجرد تعرضه لأي حركة ينفجر ويمتلك قوة تدميرية كبيرة، أما الأمر الثاني فهو طلقات المدافع الرشاشة من عيار ثلاثة وعشرين التي يتخذ منها الأطفال ألعابا، وهي أكثر ما يؤدي لبتور وإصابات خطيرة، وتنتشر بكثافة بين أنقاض المباني المهدمة في الرقة، وتحتاج إلى جهود كبيرة لنزعها والتعامل معها.

ولا تقل معاناة أهالي مدينة "سلمية" في ريف حماة عن معاناة أهالي الرقة، حيث تنتشر ألغام تنظيم "داعش" في الأراضي الزراعية وبمحيط بعض القرى القريبة التي دخلها التنظيم خلال الهجوم الأخير الذي تقدم فيه باتجاهها.

ويقول سعيد أبو عقيل (52 عاما) لـ"العربي الجديد"، إن "الكثير من رعاة الأغنام فقدو عددا من مواشيهم جراء انفجار عبوات ناسفة في بساتين قرب السلمية، مع تسجيل إصابات لبعض الأهالي جراءها".

ويشير "الخمسيني" إلى أن وحداتٍ وفرقا هندسية تابعة للنظام تعمل على نزع تلك الألغام، لكن ليس بالشكل المطلوب كما يروج النظام، وإنما فقط لطمأنة الأهالي لا أكثر، وتجنب أي رد فعل محتمل منهم عن الموضوع".

وفي إدلب، يتخوف الأهالي من العبوات الناسفة التي انتشرت بشكل مكثف مؤخرا، كونها لا تميز بين الأطفال والكبار، فضلا عن بقايا القذائف التي تنتشر في المناطق الزراعية.

ويشرح السوري علي الرج لـ "العربي الجديد"، أن هناك أطفالا يعيشون من جمع بقايا المواد البلاستيكية والحديد والخردوات، وأن منهم من تعرض لحوادث كان آخرها في مدينة سراقب حيث أصيب طفل بصاعق عبوة ناسفة، عندما كان يجمع بقايا خردوات ليبيعها"، معقبا "أصبحت لقمة الناس مغمسة بالدم".

ويتحدث الرج عن قصة مماثلة لرجل في مدينة الأتارب، كان يعمل على جمع بقايا الخبز الجاف من الفصائل المسلحة والأهالي، لتستخدم في علف الحيوانات، وفي إحدى المرات عندما بدأ بفرز الخبز الذي وصله بأكياس بلاستيكية، لاحظ وجود جسم غريب داخل الكيس، وبالفعل كان يحتوي على قذيفة مدفع هاون من عيار "60 ميلي متر" لتنفجر وتؤدي لمقتله على الفور.

ويطالب المتحدث بضرورة "تركيز الجهود أكثر لدى الجميع لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد بخطرها الأطفال بالدرجة الأولى لقلة وعيهم، كما يجب السعي لتثقيف الناس وتنبيههم لمخاطر وتبعات الألغام ومخلفات الحرب".