"سيّب القائمة" لانهاء معاناة شهداء وجرحى الثورة التونسية

11 اغسطس 2018
خلال التحركات (العربي الجديد)
+ الخط -
"لم يندمل جرحي بعد على الرغم من مرور 8 أعوام على الثورة التونسيّة في يناير/ كانون الثاني 2011. ما زلت أنزف وأشعر بالألم نتيجة غياب أدوية أساسيّة وضرورية لتسكين آلامي، وهي مفقودة منذ نحو شهرين، عدا عن الخذلان وعدم الاعتراف بما قدمناه من تضحيات. حتّى اليوم، ننتظر صدور القائمة النهائية لشهداء وجرحى الثورة، التي ستعيد إلينا قليلاً من الأمل وردّ الاعتبار، ما دفعنا إلى إطلاق حملة سيّب القائمة (أي أترك القائمة)، التي ستستمر حتى صدور القائمة النهائية". هذا ما يقوله جريح الثورة خالد بن نجمة لـ "العربي الجديد".

يشعر خالد بخذلان الدولة له نتيجة انتهاء تاريخ صلاحية بطاقة التنقل والعلاج، وكأنها لا تهتم بآلامه وتضحياته هو والآخرين. يضيف: "نحن في انتظار صدور القائمة النهائية حتى اليوم". وما زالت القائمة النهائية لشهداء وجرحى الثورة التونسية تائهة بين الرئاسات الثلاث، في الوقت الذي تنتظر فيه العائلات صدورها. ومع كل يوم انتظار إضافي، معاناة وآلام وجروح لم تندمل. وعلى الرغم من انتهاء الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية من ضبط القائمة النهائية لشهداء الثورة ومصابيها، إلا أنها لم تنشر في الجريدة الرسمية (الرائد الرسمي)، بحسب القرار رقم 1515المؤرّخ في 14مايو/ أيار في عام 2013. في المقابل، سلّمت لرئاسة الجمهورية في 2 أبريل/ نيسان 2018، وإلى رئاسة الحكومة في 13 أبريل/ نيسان 2018، وإلى رئاسة مجلس نواب الشعب بتاريخ 17 أبريل/ نيسان 2018.

من جهته، يؤكّد جريح الثورة مسلم قصد الله لـ "العربي الجديد" أنّه على الرغم من كلّ تحركاتهم والوقفات التي نفذوها أمام مجلس نواب الشعب ورئاسة الحكومة، إلّا أنه من المخجل ألا تصدر القائمة النهائية بعد مضي 8 سنوات من الثورة. ويبيّن أن عدم صدور القائمة يعني عدم الاعتراف بالجرحى والشهداء الذين ضحّوا بأنفسهم وقدموا دماءهم ثمناً للحرية والديمقراطية. وفي النتيجة، هناك تنكّر لمعاناة الجرحى وآلامهم، خصوصاً أن جروح بعضهم ما زالت مفتوحة.

طال الانتظار (العربي الجديد) 


ويبيّن مسلم أن شعار "سيّب القائمة" يغني عن أي شعار. المطلب الأساسي صدور القائمة النهائية التي تقدّم اعترافاً بتضحياتهم، خصوصاً أنهم يواجهون صعوبات عدة في العلاج والتنقل ويعيشون أوضاعاً اجتماعية صعبة ودقيقة.

إلى ذلك، يقول رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق شهداء وجرحى الثورة "لن ننساكم"، ومنسّق حملة "سيّب القائمة" علي المكي، لـ "العربي الجديد" أنه في ظلّ عدم صدور القائمة في الجريدة الرسمية، قدّموا دعوى قضائيّة لدى الهيئة العليا للنفاذ للمعلومة، للحصول على النسخة الرسمية من القائمة النهائية. ويشير إلى إصدار قرار يقضي بإلزام الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية بتسليمهم نسخة من القائمة، وهم في انتظار تنفيذ هذا القرار الذي سيتيح لهم أخيراً الحصول على مطلبهم.



ويبيّن المكي أنّ هذا الأمر يعدّ خطوة إيجابية في طريق تحقيق مطلب العديد من أهالي شهداء وجرحى الثورة الذين طال انتظارهم، وأصبح أملهم محصوراً في صدور القائمة. ويشير إلى أنّ هذه الخطوة ستقود إلى تحريك الملف، خصوصاً أن هيئة النفاذ للمعلومة لديها صبغة إلزامية وقراراتها شبيهة بالقرارات القضائية. ويؤكد المكي أنّه في ظل التستّر على القائمة، وغياب الإرادة السياسية في إصدارها، والتلكؤ الواضح في الملف، لم يبق أمامهم سوى فك الحصار على القائمة واتباع الإجراءات القانونية التي ستمكنهم من الكشف عنها والاطلاع عليها قريباً.

ويفيد المكي بأنّ المسألة سياسيّة بامتياز، فقد مضى على المطلب أكثر من ثماني سنوات، وجدّد من خلال حملة "سيّب القائمة" التي كانت قد انطلقت أول مرة في 9 أبريل/ نيسان في عام 2016. واليوم، هناك تذكير بها بعد سنتين من انطلاقها، لأن غالبية التعديلات التي تقدم إليهم لا مبرر لها، في ظل تملّص كل جهة من مسؤوليتها في نشر القائمة.

مستمرون (العربي الجديد) 


ويلفت إلى أن حملة "سيّب القائمة" تؤكد تمسّكهم بهذا المطلب المشروع، وضرورة تحقيقه من قبل السلطات التونسية من دون تردد وبكل فخر، موضحاً أن الإذن بنشر القائمة الرسمية لشهداء وجرحى الثورة في الجريدة الرسمية قـرار وطني وسيادي. فالفصل الخامس من القرار عدد 1515، ينص على أن اللجنة التابعة للهيئة العليا لحقوق الإنسان، والتي تشرف عليها رئاسة الحكومة فور الانتهاء من ضبط القائمة، تتولى نشرها في الجريدة الرسمية وتسليمها للرؤساء الثلاثة للاطلاع عليها. ويقول إنه بدلاً من نشرها في الجريدة الرسمية، تمّ القفز على هذا الإجراء واتباع برتوكولات تسليمها للرؤساء الثلاثة الذين لم يتخذوا أي قرار.



ويوضح أنّ تساؤلات العائلات حول القائمة النهائية لم تنقطع يوماً، وهم في حالة ترقب مستمرة لصدورها. ويبيّن أن هناك شعورا بالغبن وتنكر السلطات الرسمية لتضحيات أبنائهم وآلامهم. ويشير إلى أنه كان من المفروض ألا يطلب الأهالي صدور القائمة، وأن تكون مسألة بديهية وأساسية في بلد شهد ثورة لأنها ستظل مصدر فخر للدولة التونسية. ويقول المكي إن صدور القائمة النهائية لشهداء وجرحى الثورة في الجريدة الرسمية اعتراف بالجميل للشهداء الذين ضحوا بحياتهم، واعتراف بدور الجرحى. وطالما لم يتحقق مطلبهم، فإن الحملة ستتواصل.