"رايتس ووتش": آلاف النازحين السوريين محتجزون في مخيمات

01 اغسطس 2018
من مخيمات النزوح في سورية(زين الرفاعي/فرانس برس)
+ الخط -


أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم الأربعاء، أن "سلطات الأمر الواقع في منطقتين في شمال شرقي سورية تفرض قيوداً غير قانونية على حركة الفارين من مناطق يسيطر عليها تنظيم "داعش" داخل مخيمات للنازحين".

وأوضحت المنظمة في تقرير نشرته اليوم، أن تلك المخيمات تُديرها سلطات تابعة لـ "مجلس سورية الديمقراطية"، و"الإدارة الذاتية" الكرديّة. وأن تلك السلطات صادرت وثائق هوية سكان المخيمات، ومنعتهم بشكل تعسفي من المغادرة، ما زاد من خطر تعرّضهم للاستغلال وفصل العائلات، وقيّد وصولهم إلى الرعاية الصحية.

وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، لما فقيه: "بسبب عدم امتلاكهم وثائق هويّة، وفي ظلّ الغموض الذي يكتنف سُبل المغادرة، بات سكان المخيمات المستضعفون مُجبرين على التعامل مع المهربين لمغادرة المخيمات أو الحصول على رعاية صحية أو الالتحاق بعائلاتهم. لم تُثبت السلطات أن تقييد حركة هؤلاء الأشخاص، المستضعفين أصلا، ضرورة لها أسباب أمنية شرعية أو أي أسباب أخرى".

واستند التقرير إلى مقابلات أجرتها المنظمة مع 24 نازحاً سورياً من دير الزور والرقة، كانوا جميعا في مخيمات الهول، والسد، ومبروكة، وعين عيسى، أو عبروها في الفترة من فبراير/شباط 2017 إلى مايو/أيار 2018. وقالوا إنهم فرّوا من العنف والاضطهاد فقبضت عليهم "قوات سورية الديمقراطية" أو "وحدات حماية الشعب"، الجناحان المسلحان لمجلس سورية الديمقراطية والإدارة الذاتية على التوالي، فوضعتهم في المخيمات ومنعتهم من المغادرة.

قال رجل من دير الزور، مرّ بمخيم الهول: "أجبرونا على الدخول، حاول بعض الشباب رفض ذلك، لكن الحراس أجبروهم. يتعيّن على كل سوريّ المرور بالمخيّم، ولما سألناهم متى سيتركوننا ننصرف، أجابونا، 'متى نُريد، وقد لا نترككم أبدا'".

بحسب الأمم المتحدة، حتى مايو/أيار 2018، نزح 125642 من سكان الرقة و248658 من سكان دير الزور بسبب القتال الدائر هناك. رغم تأكيد منظمات إغاثة ومسؤولين في المخيمات حصول تراجع في عدد النازحين واستقرار في عدد سكان المخيمات، إلا أن القيود المفروضة على الحركة ما زالت تثير قلقا.

ولفت التقرير إلى أن كلاً من "مجلس سورية الديمقراطية" والإدارة الذاتية أنشآ بمساعدة منظمات دولية، 6 مخيمات في محافظتي الرقة والحسكة لاستقبال النازحين. اثنان منها هما عين عيسى، والهول، اللذان يؤويان أيضا مواطنين أجانب في أقسام منفصلة. كما أقامت "قوات سورية الديمقراطية" نقاط تفتيش عدة للقبض على القادمين وفحصهم أمنيا، وتوجيه الفارين إلى المخيمات، واحتجاز المشتبه بانتمائهم إلى "داعش"، بحسب ما قاله سكان ومنظمات إغاثة لـ "هيومن رايتس ووتش".

واستناداً إلى المقابلات مع 24 نازحاً، ذكر التقرير: "قالوا جميعهم إنهم كانوا يحتاجون إلى تصريح من سلطات المخيم ليغادروا، سواء نحو المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، مثل دمشق وحلب، أو العودة إلى الرقة ودير الزور اللتين تعتبرهما السلطات المحلية منطقتين آمنتين يُمكن العودة إليهما". ولفت إلى أن سلطات المخيمات ومنظمات إغاثة أوضحت أن "عودة أعداد كبيرة من السكان إلى الأماكن المُسترجعة من "داعش" والتي أصبحت آمنة باتت مسموحة أكثر، لكن بعض الأشخاص يفضلون البقاء في المخيم".

وأشار إلى أن أغلب الأشخاص كانوا يرغبون في الذهاب إلى المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية، لكن كلتا السلطتين لا تسمحان للسوريين بالانتقال إلى هذه المناطق دون كفيل كردي. وعملية الحصول على كفيل صعبة وغامضة. وأوضح أنه في حالة واحدة على الأقل، دفعت عائلات أموالا لأحد السكان الأكراد كي يكفلها. ويحق للنازحين اختيار مكان إقامتهم والتحرك دون قيود في كل المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية ومجلس سورية الديمقراطية. لكن السلطتين تحظران بالكامل تنقل العائلات السورية التي لها أقارب يُشتبه بانتمائهم إلى "داعش"، بحسب ما قالته العائلات نفسها وسلطات المخيمات.

واعتبرت "هيومن رايتس ووتش" أن السياسة المعتمدة في هذه المناطق تنتهك الضمانات القانونية الدولية بشأن حق النازحين في حرية الحركة داخل مكان النزوح، ما لم تكن توجد ظروف خاصة تقتضي فرض قيود. وأكدت أن القانون الدولي يسمح بفرض عقوبات فقط على الأشخاص المتورطين في جرائم، بعد محاكمات عادلة تُحدّد الإدانات الفردية، في حين أن فرض عقاب جماعي على العائلات التي لها أقارب كانوا بتنظيم "داعش" أو يشتبه بانتمائهم له بمنعها من المغادرة يشكل انتهاكا لقوانين الحرب.

ونقلت عن السلطات المحلية أنها لا تفكر في توجيه اتهامات إلى النساء الأجنبيات المتزوجات من عناصر "داعش" وأطفالهن، مشيرة في تقريرها إلى أن على تلك السلطات السعي إلى ترحيلهن إلى بلدانهن إذا كان ذلك آمنا، بالتنسيق مع بلدانهن الأصلية، ورفع القيود المفروضة عنهن داخل المخيمات.

وقالت فقيه: "التصريحات الغامضة بشأن المخاوف الأمنية ليست أساسا كافيا تستطيع السلطات المحلية بموجبه احتجاز المدنيين، وحرمانهم من الرعاية الصحية والضروريات الأساسية، وتشتيت العائلات. يجب السماح للنازحين من الرقة ودير الزور بالتنقل بحرية في المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية إلى أن تصبح عودتهم إلى ديارهم آمنة".
المساهمون