البرلمان البريطاني: واقع الانتهاكات الجنسية في منظمات الإغاثة "مدمر"

31 يوليو 2018
دعوة لتغيير ثقافة العمل الإغاثي ومحاسبة المعتدين(تويتر)
+ الخط -


أصدر البرلمان البريطاني تقريراً وصفه بـ"المدمر" عن الاستغلال الجنسي الحاصل في قطاع المساعدات والإغاثة وحفظ السلام، منتقداً سياسة "الإنكار" التي اتبعتها المنظمات والمؤسسات المعنية، ومحاولتها التستر على العاملين لديها خوفاً على "سمعتها"، مقابل ترك الضحايا بدون الدعم اللازم.

وأبرز التقرير الصادر اليوم، الثلاثاء، عن لجنة التنمية الدولية البرلمانية برئاسة ستيفن تويغ، جملة نقاط تلخص محاوره، هي: أن الاستغلال والاعتداء الجنسيين متوطنان في المنظمات والمؤسسات، وأن قيادات تلك المنظمات والمؤسسات فشلت فشلاً جماعياً في معالجة الاستغلال الجنسي الحاصل فيها على مدى سنوات، وأنها مارست ما يعتبر "خداعاً" في التعامل مع تلك المشاكل وسبل علاجها، إضافة إلى استبعاد الضحايا عن الحلول، ما يجعل الإصلاحات غير فعالة.

وقال إن القطاع فشل في مواجهة المشكلة بالكامل أو معالجتها، وتعامل برد فعل بطيء ومتعاطف مع المؤسسة بدل الضحية، ما يعطي انطباعاً بـ"الرضا عن التواطؤ الذاتي"، والاهتمام بالسمعة على حساب الضحايا وما تعرضوا له من انتهاكات واعتداءات.

واعتبر التقرير أن قطاع المعونة على دراية بالاستغلال والانتهاك الجنسيين من قبل أفراده لسنوات من عمال الإغاثة وحفظة السلام ضد النساء والفتيات، وهو متوطن في العديد من البلدان النامية، لا سيما في مناطق النزاع والتشريد القسري.

وأشار إلى سمة مشتركة للبيانات التي استند إليها تدل على عمليات اتجار بالبشر في الدعارة، وبيّن أنه من "المروع بشكل خاص العثور على أدلة عن أفراد من قطاعي المعونة والأمن يرتكبون هذه الانتهاكات بدلاً من مكافحتها (...) ويسيئون استخدام السلطة وتوازن القوى، والذي يظهر في الغالب أن الرجال يسيئون استخدام النساء والفتيات".

ورأى التقرير أنه من المستحيل حاليًا تحديد المقياس الدقيق لواقع الانتهاكات بالكامل بسبب عدم التبليغ عن كل الانتهاكات ونقص المعلومات، لكن الخبراء يعتبرون أن ما كُشف للضوء ليس سوى "قمة جبل الجليد". وأكد أن هناك أدلة على وجود عدد كبير من حالات التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي داخل منظمات المعونة، ومنها حالات أدت إلى نتائج سيئة للغاية. وقال: "يبدو أن هناك خيطاً مشتركاً من العجز الواضح يجمع قطاع الإغاثة في تعامل مؤسساته ومنظماته مع الادعاءات والشكاوى والحالات التي تنطوي على اعتداء جنسي كما يجب".

وأكدت اللجنة البرلمانية في تقريرها، أن "حركة هذا القطاع في منع الاستغلال والاعتداء الجنسيين في الأشهر القليلة الماضية هي موضع ترحيب، ولكن طال انتظارها". وأعربت عن أملها في "المشاركة المستدامة في رعاية الضحايا والناجين، وتزويد المستفيدين من المساعدات بالمزيد من المعرفة والثقة بشأن حقوقهم، وملاحقة الجناة ومنع الاستغلال والانتهاك الجنسيين".

وشدد التقرير على "تحسين الإبلاغ عن الاستغلال والانتهاك الجنسيين لفهم المشكلة والاستجابة لها وفي النهاية منعها. ويجب على منظمات الإغاثة والجهات المانحة اعتبار ذلك أولوية مطلقة، لأن ضعف الضحايا والناجين من الاعتداء الجنسي، وقوة المسيء، يخلقان العديد من الحواجز المتشابكة أمام الإبلاغ".

وأكد على أن "عدم التسامح مع الاستغلال والاعتداء الجنسي هو أكثر من مجرد كلمات. تصبح سياسات وإجراءات الحماية بلا معنى مطلقًا بدون تغيير جذري وثقافي في عمل تلك المؤسسات والمنظمات. وإن القادة مسؤولون عن أداء أي جزء من المؤسسة وفقًا للقيم المذكورة بما في ذلك القمة".

وأوضح أن لجنة التنمية الدولية ستستغل فرصة مؤتمر الحماية الدولية الذي ينعقد في أكتوبر/تشرين الأول المقبل لضمان التزام جميع منظمات الإغاثة بالتقييمات المنتظمة للثقافة، استناداً إلى مؤشرات متفق عليها.

والجدير ذكره أن الفضيحة الجنسية التي تركزت على منظمة "أوكسفام" الخيرية البريطانية أواخر العام الماضي، تسببت تبعاتها بطرد أكثر من 120 موظفا من مؤسسات خيرية عالمية رائدة بتهم سوء السلوك الجنسي.
المساهمون