تزايد الزواج المتعدّد والطلاق في المغرب: الأسباب والخلفيات السوسيولوجية

25 يوليو 2018
الطلب المتنامي لتعدد الزوجات في البلاد (Getty)
+ الخط -
رغم مرور 14 سنة على إقرار قانون الأسرة في المغرب، الذي وضع شروطا عدة أمام تعدد الزوجات، بهدف تقنينه وجعله أمرا صعب التحقق من خلال اشتراط إذن مكتوب من الزوجة الأولى وضرورة وجود ضرورة قاهرة، غير أن الأرقام تقول خلاف ذلك.

وكشف تقرير حديث قدمته فدرالية رابطة حقوق النساء، وهي منظمة حقوقية مدنية تدافع عن حقوق النساء، أنّ الطلبات المقدمة بتعدد الزوجات في الفترة بين 2006 و2016 بلغت أكثر من نصف مليون حالة، وتحديداً 559 ألف طلب، وأن الاستجابة من طرف قضاء الأسرة تمت لـ19 ألف طلب.

ووفق المصدر ذاته، إن أعلى نسبة لتعدد الزوجات في المجتمع المغربي سنة 2016 بلغت 1065 زواجا، بنسبة ناهزت 38 في المائة، مقارنة بعام 2013 الذي لم يعرف سوى 787 زيجة تعددية، بنسبة 26 في المائة من مجموع رسوم الزواج للسنة نفسها.

فدرالية رابطة حقوق النساء علقت على هذا الطلب المتنامي لتعدد الزوجات في البلاد، بكون "العمل القضائي لا يساير فلسفة المدونة التي نصت على المنع كقاعدة وقيدت استثناء بالمبرر الموضوعي والاستثنائي، بحيث يتم التوسيع في تفسير المبررين ويتم تغليب القدرة المادية على المبررين"، كما دعت إلى "منع التعدد وحذف الاستثناء".

الباحث في مركز الدراسات في علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، كريم عايش، قال لـ "العربي الجديد"، إنّ موضوع تعدد الزوجات تكتنفه مجموعة من النواقص والمساوئ في ظل النصوص السابقة التي جعلته وسيلة للتهرب من المسؤولية وطريقة قانونية لإشباع نزوات سرعان ما ينبلج عنها ضوء المتعة، فتبقى الزوجة لوحدها تواجه مصيرها ومصير أبنائها".

وأكمل عايش أن الإنسان المغربي نفسه أمام مفارقة "انتمائه دينيا ومجتمعيا إلى بلد يعتبر فيه التعدد من العادات الاجتماعية المقبولة والشائعة، وما بين رغبته في تكريس القيم الغربية وبعض الاتفاقيات الدولية التي تنص على الحدّ من تعدد الزوجات وأحيانا منعه".

واسترسل بأنه لهذه الغاية جاءت مدونة الأسرة بحلول لتقنين تعدد الزوجات، حتى يتم احترام وضمان حقوق الزوجة والأبناء، والحد من مشاكل المصروف اليومي وتدبير البيت، والنفقة والمسكن ورعاية الأسرة"، مبرزا أن هذه المدونة نفسها شددت على حماية المرأة أثناء عملية الطلاق باعتبارها الحلقة الأضعف ضمن المنظومة الاجتماعية بعد الأبناء".

وفي موضوع الطلاق، أورد تقرير المنظمة النسائية أن هناك ارتفاعا لنسبة الطلاق في المجتمع المغربي، إذ انتقل المعدل من 7213 حكما بالطلاق سنة 2004 إلى 40850 حكما خلال سنة 2013، وبلغت 46801 حكم طلاق سنة 2016.

ويعد طلاق الشقاق أكثر أنواع الطلاق انتشارا في المغرب، بدليل أنه في عام 2012 تم تسجيل 41376 حالة، وفي سنة 2014 تم تسجيل 43438 حالة طلاق، وارتفع إلى 46377 طلاق شقاق سنة 2016.

الفدرالية علقت على هذه الأرقام بكون إجراءات التطليق للشقاق المقدمة من طرف الزوجة كثيرا ما تخفي نوعا من الابتزاز والمساومة، مثل تنازل الزوجة عن مستحقاتها، فتصبح الإجراءات في مضمونها طلاقا خلعيا دافع الزوجة فيها دوما هو البحث عن خلاص لها مما تعانيه من عنف ومآسٍ جسدية، نفسية، وعاطفية".

وعاد الباحث السوسيولوجي عايش، ليوضح أن المادة 45 من قانون الأسرة تنص على أن المحكمة تطلق بالشقاق الزوجة الأولى في حالة عدم موافقتها على التعدد، وعدم طلبها الطلاق من المحكمة"، معتبرا أن الشقاق يعتبر حلا سريعا لتفادي إجراءات طلاق معقدة ومستنزفة ماديا".

وتحدد المحكمة مستحقات الزوجة من الصداق المؤخر إن وجد، ونفقة العدة، والمتعة التي يراعى في تقديرها فترة الزواج والوضعية المالية للزوج، وأسباب الطلاق، ومدى تعسف الزوج في توقيعه، وتكاليف السكن في مبلغ يودع كذلك ضمن المستحقات في المحكمة، ومستحقات الأطفال الملزم بنفقتهم.

وسجل المتحدث أنه "وجب قبل مناقشة القانون الذي يعقد وضعية الجميع، إطلاق ورش مجتمعية بهدف الحديث عن المشاكل الزوجية وتحديد الأخطاء القبلية للزواج، واقتراح دورات تكوينية للمقبلين على الزواج والعزاب، قصد معرفة حجم المسؤولية الزوجية قانونيا واجتماعيا وماديا".

واعتبر عايش أن الهدف الرئيس من ذلك، هو نشر الوعي وتبديد الفوارق المعرفية وتوضيح الفصول القانونية وتبسيط الظواهر الاجتماعية، والاهتمام بالتفاصيل الاجتماعية لبناء أسر سليمة، وتقوية المجتمع بدلا من تركه عرضة للتفكك والأمراض النفسية والاجتماعية".

دلالات