أصدرت محكمة سودانية في الخرطوم اليوم الأحد، حكماً بإبطال زواج طفلة في الحادية عشرة من عمرها، وتسليمها لذويها مع إلزام زوجها بعدم التعرض لها لاحقاً.
وأمرت المحكمة أيضاً بالتحقيق مع المأذون الشرعي الذي أشرف على إجراءات عقد القران، واستخراج وثيقة الزواج، مخالفاً بذلك قوانين الأحوال الشخصية التي تنص على ضرورة أخذ الإذن من المحكمة قبل عقد زواج القاصرات.
وتعود القصة إلى أن الطفلة (ر) وهي في الحادية عشرة من عمرها، تم تزويجها في يناير/كانون الثاني 2018، لأحد أقربائها البالغ من العمر 38 عاماً. لكن الفتاة لجأت أخيراً لمحكمة خاصة بالأحوال الشخصية في منطقة أبو آدم في جنوب الخرطوم، مطالبةً بفسخ زواجها، خصوصاً بعد أن أقدم زوجها على توثيقها وضربها، ما عرضها لجروح ونزيف، بحسب قولها.
وسبق لقاضي المحكمة أن طلب من الزوج في جلسة المحكمة السابقة إحضار وثيقة الزواج، كما أمر بإحضار المأذون الشرعي الذي أكمل عقد القران، في حين طالب محامي الطفلة بإبطال الزواج، استنادا إلى أن المحكمة لم تأذن بإكمال عقد القران وفقاً لما تنص عليه القوانين في زواج الفتيات دون سن الثامنة عشرة.
وبعد عرض وثيقة الزواج، أصدرت المحكمة حكمها ببطلان الزواج، والتشديد على الزوج بعدم التعرض للفتاة مطلقاً. كذلك طلب التحقيق مع المأذون الشرعي وأسباب عدم لجوئه إلى المحكمة لأخذ الإذن منها.
ووصف محامي الطفلة، الفاتح حسين، في حديث لـ"العربي الجديد" الحكم الصادر اليوم لصالح الطفلة، بانه منصف ويُطابق صحيح القانون، وطالب بتعديل القوانين السودانية التي تبيح زواج الفتيات والطفلات دون سن الثامنة، مع التجريم الكامل لزواج الطفلات.
كما طالب حسين بضرورة إحداث تعديل في وثيقة الزواج، وإدخال بنود تتعلق بعمر الزوجين لحظة عقد القران، حتى يكون ذلك واضحاً للمأذون الشرعي الذي يكمل عقد الزواج.
وتسمح نصوص في القوانين السودانية بزواج الفتيات دون سن الثامنة حتى عمر العشر سنوات، لكنها تشترط أن يتم ذلك بإذن المحكمة التي عليها أن تنظر في المصلحة من الزواج.
ورحبت الناشطة السودانية، تهاني عباس، بحكم المحكمة الصادر اليوم، واعتبرته خطوة في طريق طويل للقضاء على ظاهرة زواج الطفلات.
وأضافت عباس، التي تنشط في التحالف السوداني لإنهاء زواج القاصرات، وهو تحالف ممتد مع تحالف عالمي رعاه أيقونة النضال الأفريقي نيلسون مانديلا، تحت شعار (طفلات لا عرائس)، أنها سعيدة جداً بالخطوة، لكن سعادتها لن تكتمل إلا بتعديل القوانين السودانية، على أن تنص صراحة على أنه لا يجوز تزويج فتاة ما لم تصل إلى عمر الثامنة عشرة. ودعت في الوقت نفسه إلى إلغاء المادة 40 من قانون الأحوال الشخصية التي تبيح تزويج الفتيات دون سنة الثامنة عشرة.
وتعيد قصة الطفلة (ر) إلى الأذهان قصة الفتاة نورا حسين التي أجبرت على الزواج في سن السادسة عشرة، وقتلت زوجها طعنا بالسكين، بعد أن اغتصبها بمساعدة أقربائه. وحكمت عليها محكمة أولية بالإعدام، إلا أن محكمة الاستئناف ألغت الحكم، وأمرت بسجنها 5 سنوات مع دفع الدية كاملة لذوي الزوج القتيل.