وذكر التقرير أن "معدلات النمو السكاني انخفضت عما كانت عليه، بسبب انخفاض معدلات الخصوبة خلال العقود الثلاثة الأخيرة في العراق، بمعدل 6 مواليد لكل امرأة في سن الإنجاب إلى 4 مواليد في عام 2017".
وأوضح أنّ "نسبة استخدام وسائل منع الحمل ارتفعت إلى 60 في المائة بين النساء في سن الإنجاب، فيما بلغت نسبة النساء الراغبات بوقف الإنجاب دون استخدام وسائل منع الحمل 8 في المائة، ونسبة الحمل المبكر بين النساء في سن الإنجاب بلغت 2 في المائة فقط".
وبحسب التقرير "بلغت معدلات الولادة بين النساء اليافعات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عاماً، 82 حالة إنجاب، لكل ألف امرأة في سن الإنجاب، في وقت بدأت فيه الأسر العراقية تفكر بتحسين نوعية الأسرة".
ويأتي هذا التقرير في وقت تتجه فيه معظم الأسر العراقية نحو تنظيم النسل، بسبب تفشي البطالة، وتزايد معدلات الفقر، وصعوبة العيش، وتراجع نسبة الدخل والمخاوف من المستقبل الأمني والسياسي للبلاد.
تراجع النمو السكاني
واعتبر خبراء عراقيون، أن تراجع النمو السكاني له أسباب عديدة أبرزها، تغير نمط التفكير لدى العائلات خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية.
وفي السياق، قال الخبير الاجتماعي حاتم العوادي، إنّ "الأسر العراقية عموماً كانت تفتخر وتتباهى بكثرة الإنجاب بحكم الطبيعة العشائرية للمجتمع، لكن في السنوات الأخيرة بدأ هذا التفكير يتغير نسبياً، خصوصًا في المدن، بسبب صعوبة الحياة وقلة مصادر الدخل".
وأضاف العوادي لـ"العربي الجديد"، أنّ "تفشي البطالة وارتفاع نسبة الفقر وتردي الأوضاع الأمنية، كلها عوامل ساعدت على دفع الأسر العراقية إلى إعادة التفكير في تنظيم النسل بدلاً من عدم التقيد فيما يخص الإنجاب وعدد الولادات".
ويقدر عدد سكان العراق حسب آخر التقديرات الإحصائية، بنحو 38 مليون نسمة، 60 في المائة منهم تقريباً تتراوح أعمارهم بين 16 – 64 عاماً، يتزامن ذلك مع حروب وصراعات داخلية طاحنة سببت تراجع معدلات الخصوبة كثيراً، بحسب المختصين.
وأوضح الخبير الإحصائي عز الدين الجبوري لـ"العربي الجديد"، أنّ "النمو السكاني ارتفع بعد عام 2003، لكن الحروب والصراعات الداخلية والاحتلال كانت أسباباً منطقية لتراجع هذه المعدلات أمام تزايد أعداد الوفيات بسبب التفجيرات والحروب والأمراض".
وتابع الجبوري: "لاحظنا أخيراً توجه كثير من الأسر العراقية إلى عملية تنظيم النسل، خصوصًا في المدن، باعتبار أن المناطق الريفية تفتخر وتتباهى أكثر بقضية كثرة الإنجاب".
عوامل انخفاض الخصوبة
ويتفق العديد من الباحثين أنّ "هناك محاولات جدية لمعظم الأسر في البلاد للتفكير في تنظيم النسل، للسماح لنفسها بإعادة النظر في طريقة العيش وفق معايير الدخل وفرص العمل، فضلاً عن التخوف من الأوضاع الأمنية وخطرها على الأبناء".
وتقول الباحثة الاجتماعية ميسون العاني "قمنا بعمليات مسح أولية في عدد من المدن لمعرفة رأي الأسر العراقية بموضوع تنظيم النسل، ووجدنا تجاوباً من معظمها، أما القرى والأرياف فهي لا تتفهم هذا الأمر كونها تعيش في طابع عشائري يتباهى بكثرة الأبناء".
ونتيجة للحروب التي خاضها العراق في العصر الحديث، وأطولها الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثمانية أعوام، أطلق النظام السابق حملة واسعة لتشجيع الإنجاب، وخصص لها ميزانية ضخمة وحملات إعلامية توعوية مستمرة خلال فترة التسعينيات.
ويذكر مراقبون أن آخر إحصاء سكاني رسمي وشامل في العراق، جرى عام 1999، صدرت بعده تقديرات للجهاز المركزي للإحصاء، كان أولها عام 2005، أظهرت أن نسبة سكان العراق بلغت نحو 28 مليون نسمة، ما يعني أن نسبة الزيادة في عدد السكان بين عامي 2005 – 2018 أي بعد 13 عاماً فقط بلغت نحو 10 ملايين نسمة، لكنها تراجعت مؤخراً.