تركيا تخصص 9 آلاف مسجد للاعتكاف في رمضان

08 يونيو 2018
جهزت المساجد من أجل استقبال المعتكفين (Getty)
+ الخط -
فتحت المساجد التركية المخصصة للاعتكاف، أخيرا، أبوابها لكل من يريد الاعتكاف في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، بعدما أعلنت رئاسة الشؤون الدينية التركية تجهيزها 9 آلاف و364 مسجدا، من أجل استقبال الراغبين في إحياء هذه السنّة.

وحدّدت رئاسة الشؤون الدينية أسماء المساجد التي ستستقبل المعتكفين في الثلث الأخير من رمضان بعموم تركيا، مشيرة إلى أن 251 مسجداً مخصصاً للاعتكاف بالعاصمة أنقرة و225 مسجداً بإسطنبول.

ويقول رجل الدين محمد خلف: "تلقى هذه السنّة النبوية اهتماماً كبيراً بتركيا، بهدف الابتعاد عن صخب الحياة ومشاغل الدنيا، والتفرغ للعبادة وتحري ليلة القدر".

ورداً على سؤال حول كيفية تأمين احتياجات المعتكفين، يضيف رجل الدين، من حي كرازلي بإسطنبول: من لديه استطاعة أو بيته قريب، يمكن أن يؤمن أهله له احتياجاته، كما يوجد متبرعون يقدمون لوازم المعتكفين، وعادة بتركيا تُقدم وجبات إفطار وسحور ضمن المساجد للمعتكفين، بمعنى لا يحتاج المعتكف أي شيء، ليتفرغ للصلاة والعبادة والتسبيح.

وأخذت المساجد بتركيا منذ أعوام، أدواراً اجتماعية وتثقيفية، حيث يشرح إمام المسجد، المعتكف، إضافة إلى تفسير القرآن والفقه الإسلامي، يحاضر بهم حول الأدوار الاجتماعية للمؤمن وعلاقته مع جيرانه والمجتمع والدولة. بل كانت المساجد تفتح أبوابها للمسافرين ومن يود الجلوس والقراءة أو حتى بحث شؤون البلاد العامة والخاصة.

كما لعبت المساجد التركية أدوراً اجتماعية وتعليمية، حتى إعلان الجمهورية عام 1923 على يد مصطفى كمال أتاتورك، ما حوّل بعد ذاك تلك الأدوار، بل تم إغلاق العديد من المساجد وتحويل بعضها لمخازن ومستودعات.

وفي عام 1925، منع رفع الأذان وأداء الصلاة في آيا صوفيا، التي تعد رمزا لفتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح. وفي العام نفسه قررت الحكومة التركية الجديدة بزعامة مصطفى كمال أتاتورك تحويل القرآن الكريم إلى اللغة التركية وقراءته بها بدلا من العربية.

وفي فترة حكم عصمت إينونو، الذي جاء بعد أتاتورك، تم تحويل المساجد إلى إسطبلات أو بيعها. وفي قانون الموازنة العمومية الذي صدر عام 1927 وردت مادة متعلقة بما سُمي في ذلك الحين "مشكلة الجوامع في تركيا"، تقول المادة إن تركيا تملك الكثير من الجوامع، وأكثرها فائض عن الحاجة ولذا يجب إغلاق أو تدمير العديد من المساجد.

في عام 1928، ووفقا لهذا القانون، تم تدمير المساجد في الكثير من المدن في تركيا، مثل: توكات على البحر الأسود، وأماسيا وجوروم على البحر الأسود، وكوتاهيا في منطقة الأناضول الغربية، وأضنة في جنوب تركيا، وإسكي شهير وسط تركيا.

واستخدم أيضا "مسجد كعبة" في مدينة توكات كمخزن لمدة عشر سنوات، ومسجد "علاء الدين" الذي بني بأمر من السلطان السلجوقي علاء الدين كيتوبات في مدينة جوروم كان سيهدم ولكن تم الاكتفاء بإغلاقه بعد اعتراض أهالي المدينة، و"مسجد جارشي" في مدينة قرشهير، وسط تركيا، تم إغلاقه لمدة أربع سنوات وحظر العبادة فيه. ودُمّر "جامع الأصفر" في ميدان بورصة بذريعة أن الصلاة لا تُقام فيه، وذلك على يد رجال الدرك عام 1939.

وقد استخدم "مسجد غوكسو"، الذي بني بأمر من زوجة السلطان مصطفى الثالث "السلطانة مهري شاه" قرب منطقة حصار بإسطنبول، كمقر لحزب الشعب الجمهوري، وذلك عقب القانون الذي صدر عام 1941 والمتعلق بالمساجد، ورُفع على مدخل المسجد علم الحزب. وكذلك "جامع علي ده ده" في مدينة أضنة، استخدم كمقر حزب الشعب الجمهوري لمدة سبع سنوات.

كما استخدم مسجد "علاء الدين" في قونيا، وسط تركيا، ومسجد "محمد باشا" في غازي عنتاب، جنوب تركيا، كإسطبل لمدة طويلة. وتم تحويل مسجد "جديد مصطفى" في مدينة سيواس إلى سجن في فترة حكم حزب الشعب الجمهوري.

وظل مسجدا "آغا" و"كاتب مصطفى جلبي" بمنطقة تقسيم في إسطنبول مغلقين منذ عام 1931، وفي عام 1941 بيع الأخير من قبل الدولة وتم تدميره، وشيد مكانه بناء من ثلاثة طوابق.

ونشر القانون الذي أصدر عام 1935 لإغلاق وبيع المساجد والجوامع في 22 من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1935 في جريدة رسمية.

وعادت أدوار المساجد مع بداية حكم حزب العدالة والتنمية نهاية عام 2002، حيث بدأت تستعيد إشعاعها الاجتماعي وحتى السياسي، ولعل المثال الأهم دور المساجد في إفشال الانقلاب الذي ضرب تركيا في يونيو/حزيران العام الماضي، حيث ارتفعت فيها النداءات للدفاع عن الدولة والوقوف بوجه الانقلابيين.




وتمتاز تركيا بعدد مساجدها الكبير، حيث تبلغ، وفق هيئة الإحصاء، 84684 مسجداً في عموم الولايات، تتربع إسطنبول على قائمة المدن الأكثر احتواء على المساجد، ففيها 3269 مسجدا، تليها قونيا ويبلغ عدد مساجدها 3115 مسجدا، ثم العاصمة 2955 مسجدا، فسامسون 2674 مسجدا، كاستامونو 2601 مسجد، أنطاليا 2161 مسجدا، أوردو 2079 مسجدا، طرابزون 1994 مسجدا، ديار بكر 1968 مسجدا، إزمير 1864 مسجدا، شانلي أورفا 1849 مسجدا، مانيسا 1708 مساجد، بورصة 1689 مسجدا، باليك أسير 1669 مسجدا، أرضروم 1572 مسجدا، غيراصون 1544 مسجدا ومرسين 1526 مسجدا.