مسنّو تونس معزولون في مراكز الرعاية أو مشردون بالشوارع

07 يونيو 2018
مراكز رعاية المسنين في تونس (العربي الجديد)
+ الخط -
يعاني كبار السن في تونس من شبح العزلة والإقصاء المجتمعي داخل مراكز الرعاية، فضلا عن تهديد أمراض الشيخوخة لهم، في واقع اجتماعي يؤشر إلى فقدان العائلة التونسية قيم التكافل والتآزر.


ويعتبر المجتمع التونسي من المجتمعات التي تعاني من الشيخوخة، لأسباب منها تأخر سن الزواج، وسياسة تحديد النسل بمعدل طفلين على الأقصى للعائلة الواحدة. وكشف الديوان التونسي للأسرة والعمران البشري، خلال آخر إحصاء رسمي، انخفاض المؤشر الإجمالي للخصوبة من 7 في المائة عام 1966، إلى 2.4 في المائة سنة 2014. كما سجل النمو الطبيعي للسكان بدوره انخفاضا من 3 في المائة إلى 1.5 في المائة، وفق المصدر ذاته.

وسجلت نسبة الولادات تراجعا من 45 في المائة إلى 20 في المائة، وتراجعت نسبة الوفيات من 15 ألف وفاة، إلى 5600 وفاة سنة 2014، إضافة إلى ارتفاع معدل أمل الحياة عند الولادة من 51 إلى 74 سنة، وصولا إلى 83 سنة لدى النساء.

ويرى خبراء علم الاجتماع أن النمط المجتمعي التونسي الآخذ في التغير بنسق سريع، عصف بشكل كبير بتماسك العائلة وبقيم التكافل الأسري والتآزر العائلي لأسباب اقتصادية واجتماعية، ما دفع الأبناء للتخلي عن آبائهم وأمهاتهم المسنين، بإيوائهم دور الرعاية، وفي أحيان أخرى يكون الشارع مأوى من لا عائل له من كبار السن.

من جانب آخر، توفر مراكز رعاية المسنين الحكومية، والتي يبلغ عددها 12 مركزا، بطاقة استيعاب قدرها 720 سريرا، الرعاية الاجتماعية والمتابعة الصحية لحوالي 616 مسنا ومسنة، تسهر على خدمتهم إطارات طبية وإداريون وأخصائيون اجتماعيون.

وقالت السيدة بهيجة، وهي مسنة مقيمة بمركز الصادق إدريس لرعاية المسنين، لـ"العربي الجديد"، إنها لا تطلب سوى الاستماع للمسنين ولمشاغلهم والإصغاء إليهم، داعية إلى حوار معهم.

وبين محمد الخويني، رئيس الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي، لـ"العربي الجديد"، أن ضعف الميزانية المرصودة، ونقص الإمكانيات البشرية والاختصاصات الطبية، يعكس عدم رضا عدد من النزلاء في مراكز الرعاية، مشيرا إلى أنه يتم العمل على برنامج للرعاية النفسية والاجتماعية يسهر عليه أطباء ومرشدون ومختصون في هذه المجالات، ولكنهم غير مقيمين في المراكز، حيث يقدمون هذه الخدمات بشكل دوري أسبوعيا نظرا للكلفة وعدد المسنين المقيمين.

وأكد الحاج عمر لـ"العربي الجديد"، أنه يشعر بالعزلة وبإقصاء المجتمع له بعدما تنكر له جيرانه وأصدقاؤه، مضيفا "لا أنتظر شيئا من المجتمع، فقد نسيني أبنائي، فكيف أبحث عن الخير عند الغرباء؟ أنا هنا أنتظر موعد الرحيل عن الدنيا، ولا أنتظر أن يكون معي أحد في تلك اللحظات".


ويعمل عدد من مراكز رعاية المسنين في تونس بدرجات متفاوتة على ضمان برامج ترفيهية وتنشيطية وبرامج تأهيل نفسي واجتماعي تقوم على محاكاة الواقع الخارجي بتوفير محيط اجتماعي وعائلي يعوض كبار السن عن شعور العزلة والإقصاء.

وأكدت وزيرة المرأة وشؤون الأسرة والطفولة وكبار السن، نزيهة العبيدي، لـ"العربي الجديد"، حرص الوزارة على الإحاطة بهذه الفئة الهشة والفاقدة للسند، والتي يشكو عدد من أفرادها من ظروف اجتماعية قاسية دفعتهم إلى الإقامة في مراكز الرعاية.

وحول المعاملة السيئة والحوادث المسجلة في عدد من مراكز الرعاية، بينت العبيدي أن "الوزارة تقوم بمراقبة مستمرة لظروف الإقامة والمعيشة والرعاية الصحية والنفسية والمتابعة الاجتماعية".

دلالات