بيّنت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب بتونس مساء أمس الثلاثاء، أن 76 في المائة من التونسيين يعتقدون أن البوليس السياسي وراء أعمال التعذيب في البلاد، وذلك خلال عرض نتائج المسح الوطني عن "نظرة التونسيين إلى التعذيب: المعرفة والمقبولية"، خلال مؤتمر حضرته منظمات حقوقية إحياءً لليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب.
وكشف الاستبيان أنّ 76.4 بالمائة من التونسيين يرون أن البوليس السياسي يمارس أعمال التعذيب، مقابل 30 بالمائة ينفون ذلك، في حين يجد 47.93 بالمائة من المستجوبين أن أعوان السجون يمارسون التعذيب في كثير من الأحيان، أما 30.64 بالمائة فقط يعتبرونه سلوكاً نادراً لدى هؤلاء.
وأوضح الاستبيان أن 47.13 بالمائة يجدون أن الشرطة والحرس الوطني تمارس التعذيب، لكن 49.38 بالمائة يجدونها نادرة لدى تلك الفئة، مقابل نفي 3.49 بالمائة علاقة الشرطة بالتعذيب.
وأشار إلى أن 86.84 بالمائة من التونسيين لا يعتبرون أنّ العسكريين يمارسون التعذيب، مقابل 1.63 بالمائة منهم يجدون العكس، و11.35 بالمائة يرون أن هذا الأمر نادر الحدوث.
وقالت عضوة بالهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، راضية الحلواني، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنّ هذا الاستبيان يهدف إلى الحصول على معطيات علمية حول التعذيب في تونس، وإن إجراءه جاء في إطار برنامج تعاون مع صندوق الأمم المتحدة للتنمية، لافتة إلى تركيزه على تصورات التونسيين للتعذيب وماذا يعني لهم التعذيب، خصوصاً أن الحديث عن هذا الموضوع لم يكن مسموحاً في السابق.
وشرحت الحلواني معطيات أخرى بيّنها الاستبيان لدى التونسيين، ومنها أن 40.6 بالمائة من المستجوبين يعتبرون أن التعذيب اعتداء جسدي، و19.8 بالمائة يعتبرونه ظلماً، و9 بالمائة يصفونه بالألم. ويجد 7.6 بالمائة أن التعذيب استبداد، و6.2 بالمائة أنه اضطهاد، وهو إهانة لدى 4.8 بالمائة، تعدٍّ على حقوق الإنسان بالنسبة لـ 4.2 بالمائة.
وأشارت إلى أن 85.6 بالمائة من المستجوبين نفوا تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة، و14.4 بالمائة أكدوا تعرضهم إلى التعذيب من قبل أعوان الوظيفة العمومية.
وأضافت أن مقاومة التعذيب تتم من خلال مقاومة الممارسات التي يقوم بها أعوان الأمن والمؤسسات المعنية، وإن أغلب المستجوبين لا يعرفون الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، في حين أن نسبة 2.5 بالمائة فقط يعرفون مهامها وأغلبهم من المناضلين والمعنيين بملفات التعذيب.
وقالت إنهم لاحظوا أنّ أغلبية المستجوبين يرفضون التعذيب ولا يبررونه، مبينة انه لا يزال هناك ضبابية حول المفهوم والتعدي على حقوق الإنسان.
وأفاد رئيس جمعية "الكرامة"، حسين بوشيبة، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الأمل كان بأن يشمل الاستبيان ضحايا التعذيب لأنهم المعنيون بالدرجة الأولى بهذا الموضوع، مبيناً أن هؤلاء مرّوا بتجربة السجن والتعذيب. وأكد على وجوب الاهتمام بما يحدث في السجون والاعتداءات التي تقع على المساجين والإفلات من العقاب.
وبيّن أنّ سجن 9 أبريل الذي هُدم مقره إبان الثورة يعتبر أكبر شاهد على الانتهاكات التي وقعت، وأعمال التعذيب التي مورست ضد المساجين قبل الثورة التونسية.
وانتقد رئيس المرصد التونسي للسجون، لطفي السايحي الهيئة، داعياً إياها إلى المزيد من العمل. وقال لـ"العربي الجديد"، "على الهيئة التواجد أكثر على أرض الواقع وتكثيف نشاطها في السجون ومراكز الإيقاف، ومتابعة الحالات والانتهاكات". ولفت إلى لوم المجتمع المدني للهيئة اليوم بعد أن ساندها ودافع عنها سابقاً، وأكد حرصه على تفعيل دور ومكانة الهيئة في المحافل الكبرى.