مئات الأيتام يشتكون من الإهمال في الموصل

20 ابريل 2018
تتكفل بعض الأسر بالأيتام (Getty)
+ الخط -
أكد مسؤول محلي بارز في الموصل العراقية، أنّ أكثر من 1400 طفل يتيم بلا أب أو أمّ أو عائلة تم تسجيلهم لدى السلطات المحلية في المدينة، فقدوا ذويهم خلال الحرب التي طحنت المدينة وسكانها، من بينهم ما لا يقل عن 100 رضيع.

وقال المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن عدد الأيتام تراجع أخيرا بسبب تكفل عوائل بهم، خاصة الرضع، في الوقت الذي لا تتوفر فيه الموصل على أي دار إيواء بعد تدمير الدار السابقة بفعل الحرب. في المقابل تتكفل جمعيات ومنظمات أهلية ورجال دين ومساجد بتقديم الدعم والرعاية للأطفال الأيتام الذين أنسوا أهل المدينة مصائبهم، فملفهم محزن للغاية، خاصة أن منهم من يسأل باستمرار عن أمه أو أهله، الذين منهم من بقوا تحت الأنقاض أو استخرجوا ودفنوا في مقابر.

الطفل مصطفى أحمد، البالغ من العمر (10 سنوات)، انتقل من مسجد بالجانب الأيمن من الموصل إلى بيت رجل ستيني يعيش مع زوجته بمفردهما بعد أن تزوج الأبناء وهاجروا خارج العراق.

يقول لـ"العربي الجديد"، إنه انتُشل من بين الأنقاض وآخر ما يذكره أن أمه كانت تسلق البيض في المطبخ ووالده يقرأ القرآن كعادته كلما تجدّد القصف على المدينة، ويؤكد مصطفى أنه لم ير شقيقيه بعد أن فتح عينيه في مستشفى ميداني عسكري.

مصطفى، الذي سيحتفل بعامه الحادي عشر بعد أسبوع، عاد إلى المدرسة، ويؤكد أنه يحظى بحب ورعاية كبيرين من العمّ عبد الله وزوجته سلمى، إلا أنه ما زال يحن إلى حضن أمه وأبيه.

وتُهمل الحكومة بشكل واضح شريحة الأيتام في البلاد، كما أنّ مؤسساتها لا تتابع هذا الملف، ولا توجد إحصائية حكومية لهم، الأمر الذي تسبب بوجود العشرات منهم في الشوارع، ما دفع مواطنين ومنظمات مدنية إلى إطلاق حملات لكفالة الأيتام.

ويقول الشاب أحمد سلمان، لـ"العربي الجديد"، إننا "لا ننتمي لأي مؤسسة حكومية، لكن واجب المواطنة دفعنا إلى تنظيم حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمساجد، لكفالة الأيتام في الموصل"، مبينا أنهم جمعوا معلومات عن عشرات الأيتام، وحددوا أكثرهم معاناة، وأطلقوا الحملة لكفالتهم.

وأضاف أنّ "العائلة التي تستطيع أن تتبنى اليتيم وتأويه في منزلها ستأخذه، والعوائل التي تشارك بالحملة تدفع مبالغ معينة حسب قدرتها المالية، ونحن بدورنا سنوزعها على الأيتام"، مبينا أنّ "هذا الملف إنساني وعلى الجميع أن يشارك فيه، حفاظا على أيتامنا من الضياع".

وأشار إلى أنّنا "مستمرون بالحشد للحملة، وفي كل يوم نضيف أسماء أيتام ولوائح عوائل تتكفلهم"، مبينا أنّ "هناك منظمات مجتمع مدني أطلقت أيضا حملات مشابهة، ولديهم قوائم لأسماء أيتام وعوائل تتكفلهم".

ويؤكد رجال دين أهمية رعاية الأيتام، التي حثّ عليها الدين الإسلامي، محملين الحكومة مسؤولية ضياع شريحة كبيرة من الأيتام بلا مأوى ولا معيل.

وقال الشيخ عبد الله الحديثي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "رعاية اليتيم مسؤولية تقع على عاتق الدولة وكل متمكن ماديا، وكل إنسان يستطيع تقديم الدعم لها"، مبينا أنّ "هذه الرعاية تأتي في إطار حفظ كرامة الإنسان الضعيف العاجز عن إعالة نفسه، وحمايته من الضياع".

وأشار إلى أنّ "الثواب الذي أعدّه الله لكافل اليتيم عظيم جدا، وعلى كل قادر أن لا يتردد في تقديم الدعم للإسهام في مثل هذه المشاريع".

وخلفت الحرب مع تنظيم "داعش" الإرهابي وما تبعها من انتهاكات من قبل مليشيات وجهات خارجة عن القانون في البلاد، أعدادا كبيرة من الأيتام، الذين لم تتكفلهم الدولة، وتركوا في الشوارع، في وقت يحذر فيه مختصون من خطورة عدم احتوائهم، ما قد يدفعهم إلى الانحراف إلى اتجاهات تضر بالمجتمع.

وحول ذلك، يقول مسؤول بوزارة الشؤون الاجتماعية في بغداد لـ"العربي الجديد"، إنّ الوزارة بصدد إعداد قاعدة بيانات متكاملة حول الأيتام بغية إيصالهم لأقربائهم أو نقلهم لدار أيتام أو إيجاد من يتبناهم.


ويضيف: "إيجاد العم أو الخال أو القريب يعني أن 80 بالمائة من المشكلة تم حلها، إذ سيتم تسليم الطفل إلى قريب من الدرجة الثالثة أو الرابعة بتعهد خطي يتكفل برعايته، وإذا لم نعثر على أقرباء له يعني نقله لدار أيتام في بغداد أو أن يتبناه أحدهم"، مضيفا أن العراق لا يجيز قانون التبني بالمعنى المعروف حيث يحتفظ الطفل باسم أبيه الحقيقي، لكن فقط يحظى بالكفالة والرعاية الكافية.