أسرى صغار... إسرائيل تعذّب الأطفال

17 ابريل 2018
يتضامنون مع المعتقلين القصر (رمضان الآغا/ Getty)
+ الخط -
يوم الأسير الفلسطيني، الذي يُصادف اليوم، فرصة للتذكير بمعاناة الأسرى الفلسطينيين وقضيّتهم المحقة. ولا يتردّد الاحتلال الإسرائيلي في اعتقال أطفال وتعذيبهم وتهديدهم وحرمانهم من حقوقهم، وقد بلغ عدد المعتقلين القصّر 350

تعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في سجونها، نحو 350 طفلاً فلسطينياً دون سن الثامنة عشرة، يعيشون ظروف اعتقال صعبة تفتقر إلى أدنى معايير حقوقهم كأطفال التي تكفلها الشرائع والقوانين الدولية.

يُداهم جنود الاحتلال منازل الأطفال بعد منتصف الليل، كما يفعلون مع الأسرى الآخرين الأكبر سناً. يكبلون أيديهم ويعصبون أعينهم وينقلونهم في مركبات نقل الأسرى المعروفة بـ "البوسطة"، والتي يتعامل عناصرها بوحشية مع المعتقلين. وبعد تفتيش منازلهم، يقتادون في المركبات العسكرية إلى مراكز التحقيق، ويتعرض بعضهم للضرب والاعتداء أثناء الاعتقال، فيما يخضع آخرون لتحقيق قاس يخالف فيه المحققون القوانين الدولية.

ويعامل الاحتلال الإسرائيلي الأطفال الأسرى الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة معاملة الأسرى الكبار، من دون أي اعتبار لطفولتهم، ويحاكمون في المحاكم العسكرية ذاتها. ويُعتقل غالبية الأطفال على خلفية رشق الحجارة، والمشاركة في التظاهرات، ويسجنون لفترات قصيرة. أما الأطفال القصر، فيعتقلون بتهم تنفيذ عمليات طعن، ويسجنون بأحكام عالية.

في هذا الإطار، يخالف الاحتلال الإسرائيلي المادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة لحقوق الإنسان، التي تحظر نقل المعتقلين من أراضيهم المحتلة إلى سجون الاحتلال. هذه المخالفة تنطبق أيضاً على الأطفال الذين يعتقلون من منازلهم إلى تلك السجون.

وتفيد الدائرة الإعلامية في مكتب الحركة العالمية للدفاع عن حقوق الأطفال في الضفة الغربية المحتلة، لـ "العربي الجديد"، بأن الاعتقال في المجتمع الدولي هو الملاذ الأخير للطفل. أما عند الاحتلال الإسرائيلي، فهو الطريقة الوحيدة التي يتعامل بها مع الأطفال الفلسطينيين.

وبحسب الحركة العالمية، فإن الاحتلال الإسرائيلي ومحققيه يعتمدون أساليب مخالفة لاتفاقية حقوق الطفل الدولية، خلال تعاملهم مع الأطفال الفلسطينيين المعتقلين، منها الضرب أثناء الاعتقال، والتهديد أثناء التحقيق، ونزع الاعترافات بوسائل وأساليب ممنوعة دولياً. وبحسب الدائرة الإعلامية، فإن سلطات الاحتلال تلجأ إلى العزل الانفرادي أثناء التحقيق، وقد تصل الفترة إلى عشرين يوماً، بهدف التأثير على نفسية الأطفال، في إطار سياسة منظمة وممنهجة هدفها تحطيم الأطفال وانتزاع اعترافات بالضغط والإكراه.




كما تعتمد محاكم الاحتلال العسكرية تلك الاعترافات التي ينتزعها المحققون بالقوة، لإصدار الأحكام، بغض النظر عن الطريقة التي ينتزع بها المحققون الاعتراف من الأطفال، ومنها التهديد باعتقال ذويهم، أو سجنهم لفترات طويلة، إضافة إلى التهديد بالقتل أو الضرب أو التعذيب.

وخلال التحقيق، تحرم سلطات الاحتلال الإسرائيلي الأطفال الفلسطينيين القصر من غالبية حقوقهم المتعارف عليها دولياً، أبرزها حق الالتزام بالصمت، واستشارة محام خاص، والحق بوجود أحد أفراد العائلة خلال جلسة التحقيق معه.

وفي محاولة لضمان حقوق الأطفال، تقول الحركة العالمية للدفاع عن حقوق الأطفال إنّها تتحرّك على صعيد الأمم المتحدة من خلال وحدة المناصرة الخاصة بها. وهناك طاقم محامين يتابع أمور الأطفال المعتقلين، لكن غالبية الردود الدولية تكتفي بالتضامن والوعد بالتدخل لدى الاحتلال، كونها تعارض سياسة الاحتلال في التعامل مع الأطفال الفلسطينيين.

أطفال يعتقلون بتهمة رشق الحجارة  (مأمون وزوز/ الأناضول) 












في العادة، يسجن الاحتلال الأطفال الفلسطينيين في أقسام خاصة بالأشبال، والبعض منهم يسجنون في أقسام الكبار بسبب الاكتظاظ. لكن بحسب الحركة العالمية، تفتقر السجون الإسرائيلية إلى كل مقومات الحياة الأساسية، وبالتالي يُحرم الأطفال من عيش حياتهم اليومية، والتمتع بحقوقهم التي تكفلها القوانين الدولية.

في القدس، كانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تلجأ إلى الحبس المنزلي لمحاكمة الأطفال المقدسيين (حملة الهوية الإسرائيلية الزرقاء). لكنّها عمدت بعد الهبّة الفلسطينية التي اندلعت مطلع أكتوبر/تشرين الأول في عام 2015 إلى تعديل تلك القوانين، وباتت تحاكم الأطفال القصر كما تحاكمهم في الضفة الغربية المحتلة. وفي الثاني من أغسطس/آب في عام 2016، أقرّ الكنيست الإسرائيلي قانوناً جديداً سمح بموجبه للمحاكم الإسرائيلية، بمحاكمة الأطفال الفلسطينيين دون سن الرابعة عشرة في حال ارتكابهم "أعمالا خطيرة" وفق تسمية الاحتلال.

الطفل المقدسي، بحسب نائب مدير الوحدة القانونية في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين المحامي جميل سعادة، يعرض على محكمة الصلح في مدينة القدس المحتلة، وفيها يُجبر الاحتلال على الالتزام بقانون العقوبات الإسرائيلي. ويقول سعادة لـ "العربي الجديد" إن الطفل المقدسي يحاكم اليوم بعد القوانين والتشريعات الأخيرة المعدلة، لكن ظروف التحقيق معه تختلف عن الطفل في الضفة الغربية المحتلة، إذ يأخذ بعضاً من حقوقه كاستشارة محام، أو حضور المحامي أو أحد أفراد العائلة جلسة التحقيق معه، لكن ظروف الاعتقال والسجن مشابهة للأسرى الفلسطينيين بشكل عام من أي تمييز بين طفل أو بالغ.




وفي السجن الاحتلال، يعاني القاصر أنس حمارشة (17 عاماً)، بسبب انتهاكات سلطات الاحتلال حقوق المعتقلين الفلسطينيين القصر، ولا يأبه ضباط الاحتلال والمحققون للمرض النادر الذي يعاني منه، ويعتقلونه بتهمة رشق الحجارة وإلقاء الزجاجات الحارقة. واعتقلت قوات الاحتلال حمارشة في بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، وخضع حتى اللحظة لثماني جلسات محاكمة من دون النطق بالحكم، وما زال في مرحلة التحقيق. ويعاني من مرض نادر يسمى تآكل رأس الفخذ، وترفض سلطات الاحتلال إطلاق سراحه لتلقي العلاج.

وتقول شقيقته ليلى حمارشة لـ "العربي الجديد" إنّ أنس في حاجة ماسة إلى جهاز خاص لعلاج مرضه النادر قبل فوات الأوان، وقبل بلوغه سن الثامنة عشرة، لكن سلطات الاحتلال ترفض علاجه ومساعدته. وفي حال لم يُعالج، قد تُصبح إحدى قدميه أطول من الأخرى، ما سيسبب له متاعب كثيرة في الحياة. وهذا الإهمال الطبي يقع على عاتق مؤسسات حقوق الطفل التي يجب أن تتدخل لحماية طفل فلسطيني قاصر دون سن الثامنة عشرة، يعاني في قسم الأشبال في سجن مجدو.

بعد الافراج عن الطفلة ديما الواوي (جعفر أشتيه/ فرانس برس) 













وحمارشة من بلدة يعبد جنوب مدينة جنين في شمال الضفة الغربية المحتلة، وقد اعتقل بتهمة نشاط مقاوم ضد جنود الاحتلال. وتوضح ليلى أن مدرسة يعبد تقع على مقربة من مستوطنة إسرائيلية، وهي نقطة تماس مع الجنود والمستوطنين. ويعمد جنود الاحتلال إلى الاقتراب من المدرسة واستفزاز التلاميذ حتى تندلع المواجهات ويُعتقل الأطفال هناك.

وتعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي من مدرسة يعبد أربعة أطفال إضافة إلى القاصر أنس، وتحرمهم من مواصلة الدراسة. ولن يتمكن أنس من إتمام مرحلة الثانوية العامة بسبب السجن.
مرض أنس، وفق شقيقته، يعد صامتاً. نادراً ما يشعر بالألم إلا إذا بذل جهداً كبيراً. في بعض الأحيان، تمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي أفراد العائلة من زيارته بحجة المنع الأمني. لكن خلال الأيام الأخيرة، علمت العائلة أنه نُقل إلى مستشفيات الاحتلال لتلقي العلاج من دون أن تصلهم معلومات أخرى.

كما اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الطفل الفلسطيني مالك الجعبري (14 عاماً)، أثناء تواجده قرب إحدى نقاط المواجهات في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة. لحظة اعتقاله تعرض للضرب والتنكيل، وعمد عناصر الاحتلال إلى تكبيل يديه وعصب عينيه، ثم اقتادوه إلى مركز تحقيق في مدينة الخليل.




وبحسب شقيقه حمادة الجعبري، فقد خضع للتحقيق واتهم برشق جنود الاحتلال بالحجارة، وحكم عليه بالسجن لمدة شهرين، على الرغم من عدم اعترافه بالتهمة الموجهة إليه، وقد أصرّ على عدم المشاركة في المواجهات هناك.

وفرضت محكمة الاحتلال غرامة مالية على العائلة قدرها 3 آلاف شيكل إسرائيلي (نحو 850 دولارا)، وقد حقّق معه من قبل محققي الاحتلال، وسجن في قسم الأشبال في معتقل عوفر العسكري قرب رام الله.