تعاني مئات العوائل العراقية التي يتهم أبناؤها بالانتماء لتنظيم "داعش" الإرهابي، مأساة حقيقية تحت ضغط وتضييق القوات العراقية بعد أن منعت عنها حتى المساعدات المالية والغذائية، الأمر الذي حذّر مراقبون من خطورته.
وقال أبو جاسم (65 عاماً)، وهو والد أحد المتهمين بالانتماء لـ"داعش" في حديث لـ"العربي الجديد"، "إنّ حياتنا أصبحت عبارة عن مأساة تحت ظلم وبطش القوات الأمنية وغيرها"، مؤكداً "لم يسمح لنا بالعودة إلى منازلنا، ويتم التعامل معنا وكأننا مجرمو حرب، ونعزل عن العالم الخارجي".
وأضاف "أحد أبنائي اتهم بالانتماء لداعش، وانقطعت أخباره منذ أكثر من عامين، ولا نعلم هل هو حي أم ميت، واليوم نحن ندفع ضريبة هذه التهمة التي لم تثبت ضدّه أساسا". وقال: "منعنا من العودة إلى منازلنا في الموصل، ونعيش حياة كفاف، لا غذاء ولا دواء ولا حتى كرامة".
وتابع "لدينا أطفال وشيوخ ونساء يتضورون جوعاً وينهكهم المرض، لا لذنب ارتكبوه وإنما لاتهام أبنائنا بالانتماء لداعش"، مضيفا "حتى وإن كان الاتهام حقيقة، هل يجوز أن نؤخذ بذنب غيرنا؟ وما هو ذنب الأطفال الرضع؟ هل هم عناصر داعش؟".
وأكد أنّ "حالنا يرثى لها، ولا يمكن أن نستمر ضمن أطواق تمنعنا من العيش في هذه الحياة"، مشيرا "حتى حياة السجن أفضل من حياتنا، فالسجين يحصل على غذاء ودواء، ونحن لم نحصل على شيء".
ومنعت السلطات العراقية وصول المساعدات المالية لعوائل المتهمين بالانتماء لـ"داعش"، وتتهم كل من يقدم المساعدة لهم ولأطفالهم، على أنّه منتم لـ"داعش".
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، اللواء سعد معن في بيان: "مفارز مكافحة الجريمة المنظمة في محافظة نينوى والعاملة ضمن وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية، بالتعاون مع مركز شرطة الربيع تمكنت من إلقاء القبض على شبكة إرهابية تقوم بتوزيع المساعدات المالية على عوائل الهالكين من عصابات داعش الإجرامية".
وأكد أنّ "العملية تمت بعد ورود معلومات دقيقة وتشكيل فريق عمل نجح في القبض على هذه الشبكة المكونة من خمسة أشخاص، والتي تعمل على جمع أسماء زوجات قتلى عناصر داعش في الجانب الأيمن لمدينة الموصل، بهدف إيصال المساعدات المالية لهن"، مبيناً أنه "تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم".
ويحذر خبراء مجتمعيون، من مغبة استمرار التعامل مع عوائل وأطفال المتهمين بالانتماء لـ"داعش" بأسلوب التضييق، لما لهذا الأسلوب من تأثير نفسي خطير خصوصاً على الأطفال.
وقال الأستاذ في علم الاجتماع في جامعة بغداد، جبار العوادي، لـ"العربي الجديد"، "يتحتم على الحكومة أن تحتضن الأطفال والعوائل بغض النظر عن أي تهم موجهة لذويهم"، مبينا أنّ "الحكومة يجب عليها توفير بيئة صحية مناسبة لهذه العوائل، وزجهم في المجتمع، وفي المدارس والجامعات، ليكونوا عناصر نافعة لمجتمعهم".
وأشار إلى أنّ "هذه الإجراءات ستخلق أجواءً غير صحية لتلك العوائل، وتجبر الكثير منهم على أن يكونوا عناصر ضارة في المجتمع، الأمر الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار".
يشار إلى أنّ جهات سياسية تعمل على منع عودة عوائل المتهمين بالانتماء لـ"داعش" إلى منازلهم، وتعدهم عناصر خطيرة يجب عزلهم عن المجتمع.