أبو عماد جابر... فلسطيني يوثق جرائم الاحتلال بعدسته

09 نوفمبر 2018
يوثق بالكاميرا جرائم الاحتلال (فيسبوك)
+ الخط -
أمضى الفلسطيني أبو عماد جابر (43 عاما)، عشر سنوات في رصد جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي ترتكب بحق الفلسطينيين في البلدة القديمة ومحيطها بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة بكاميرا هي سلاحه لكشفهم أمام العالم.

يعيش أبو عماد في حارة جابر في البلدة القديمة في الخليل، متطوع في تجمع المدافعين عن حقوق الإنسان، وبكاميرا صغيرة يرصد غالبية الاعتداءات التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين بحق الفلسطينيين الذين يواجهون هجمة تهويدية شرسة لا سيما في البلدة القديمة.

يوثق معظم الأحداث، وأبرزها عمليات إعدام الشهداء، والاعتقالات، ومداهمات المدارس وترويع الأطفال، وهجمات المستوطنين على منازل الأهالي وتحطيم محتوياتها، ما يعد حجة دامغة تجابه في معظم الأحيان رواية الاحتلال الذي عادة ما يختلق ذريعة عند كل جريمة يرتكبها بحق الفلسطينيين.

هذه الحجة تقلق ضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتجعلهم في موقف محرج أحيانا خصوصا أمام الرأي العام العالمي، عندما تنتشر فيديوهات الجرائم، وعلى رأسها عمليات الإعدام الميدانية المتعمدة، ما جعلهم يحاولون منع أبو عماد من تصوير تلك الأحداث وتهديده في مرات كثيرة وصولا إلى التهديد بالقتل.

يقول أبو عماد جابر لـ"العربي الجديد"، إن رصد اعتداءات وجرائم الاحتلال هي مهمة إنسانية سامية، في خدمة الفلسطينيين الذين يعيشون في البلدة القديمة ومحيطها في مدينة الخليل، خصوصا أن الاستيطان يتفشى فيها بشكل غير مسبوق، إضافة إلى أن غلاة المتطرفين من المستوطنين وحتى جنود الاحتلال يعيشون هناك بكثرة، هذا الأمر وفق قوله يشكل رواية فلسطينية قادرة على مجابهة رواية الاحتلال، سواء تعلق الأمر بجريمة أو عملية أو حدث إعدام.

ويوضح أن "الفيديوهات التي يتم رصدها وتنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي قادرة على أن تشكل رأيا عاما عالميا بشأن ما يقع من أحداث، وكذلك يمكن استخدامها في المحاكم الإسرائيلية"، وسبق أن كان أبو عماد شاهدا على حادثة إعدام الشهيد الفلسطيني عبد الفتاح الشريف في 24 مارس/آذار عام 2016.

يحاول ضباط الاحتلال الإسرائيلي ردع أبو عماد جابر، ومنعه من رصد جرائم الاحتلال وقطعان المستوطنين المتطرفين، لذا ينفذون جملة من الاعتداءات عليه، منها عمليات اقتحام منزله والاعتداء عليه وعلى زوجته وأبنائه الخمسة بالضرب المبرح، وكذلك تحطيم محتويات المنزل، وخلع الأبواب، وتنفيذ عمليات اعتقال بحقه وأبنائه وحتى زوجته.

يقول أبو عماد إنه نقل إلى المستشفى عقب تعرضه وزوجته للضرب المبرح من قبل جنود الاحتلال بعد اقتحام منزله، وقبل شهرين تم اقتحام المنزل مجددا والتهديد بعرقلة وتخريب حفل زفاف نجليه في حال استمر في تصوير اقتحامات الجنود ورصد اعتداءاتهم، وسط إطلاق لعدد كبير من قنابل الصوت لترويع الأطفال والجيران في الحي.

تعرض أبو عماد جابر لتهديدات مباشرة بالقتل لحظة توقيفه عدة مرات على حواجز ينصبها الاحتلال في محيط البلدة القديمة، وهناك يتم الاعتداء عليه بالضرب بذريعة عقابه على تصوير عمليات إعدام الشهداء، وما يليها من اعتداءات لجنود الاحتلال، آخرها فيديو صوره للشهيد رامي صبارنة الذي أعدم برصاص جنود الاحتلال في الثاني من يونيو/حزيران الماضي.

سلسلة من المضايقات التي يتعرض لها أبو عماد في حياته الطبيعية، وهو يعمل موظفا في محافظة الخليل، وفي بعض الأحيان سائق مركبة، عدا عن الاعتقالات التي تعرض لها هو وزوجته وأبناؤه الخمسة، أقل واحد فيهم اعتقل تسع مرات، وفي كل مرة يبلغه الجنود أن عملية الاعتقال جاءت بسبب نشاط والده في رصد اعتداءات الجنود ويجب عليه أن يتوقف.



يُصر أبو عماد جابر على رسالته الإنسانية ومهمته التي لن تتوقف بالرغم من الضغوطات التي يتعرض لها من قبل ضباط وجنود الاحتلال، وحتى تلك الإغراءات التي يحاولون تقديمها له، ويختم حديثه مع "العربي الجديد" أن الرواية الفلسطينية الموثقة بالفيديو هي بمثابة دليل يقدمه للعالم بأن الفلسطيني الذي يقتل، يعدم مع سبق الإصرار والترصد في ظل إمكانية كبيرة للجنود بعدم قتله واعتقاله كونه في غالب الأحيان لا يشكل خطرا مطلقا على حياة الجنود، وهذا ما ترصده الكاميرا.