وأظهر التقرير الذي أعلنت تفاصيله الاثنين في العاصمة عمان، أن "غياب الإرادة السياسية من بين أسباب انتشار التعذيب في الأردن، إذ لم يصدر أي قرار قضائي يدين أي موظف رسمي لارتكابه جريمة التعذيب خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى عدم استقلالية جهات التحقيق والادعاء العام والمحكمة، حيث تتبع جميعها مديرية الأمن العام، كما أن مرتكب التعذيب يتبع نفس الجهة في أغلب الحالات".
وقال رئيس مركز عدالة، المحامي عاصم ربابعة، في مؤتمر صحافي لإعلان نتائج التقرير، إن "هناك زيادة في حالات التعذيب وإساءة المعاملة خلال الفترة الأخيرة. تم تسجيل 33 حالة في الفترة من 2013 إلى 2015، في حين تم تسجيل 80 حالة في الفترة من بداية 2016 إلى إبريل/نيسان 2018".
وأوضح ربابعة أن "التقرير نتاج جهود فريق رصد حالات التعذيب وإساءة المعاملة، إلى جانب معلومات وردت من جهات رسمية ومؤسسات مجتمع مدني، ورصد المركز خمس وفيات، إضافة إلى وجود العديد من الاعتداءات خارج نطاق القانون".
وقال إن "التقرير توصل إلى أن ممارسة التعذيب تتم بشكل ممنهج ومتكرر، والمقابلات مع الحالات تشير إلى أن الأسلوب ذاته يمارس في مختلف المحافظات، ومن أغلب الجهات الأمنية"، مشيرا إلى تكرر ممارسة التعذيب الجسدي والنفسي على الموقوفين للحصول على اعترافات.
وأضاف أن "التقرير يكشف انتشار ظاهرة الإفلات من العقاب، وأن الحكومة أخفقت في منع حالات التعذيب، والمركز لم يتمكن من الوصول إلى معلومات حول حالات الانتحار داخل المراكز الأمنية والسجون، وتم رصد استخدام مفرط وغير مبرر للقوة عند ضبط المتهمين والملاحقين في بعض القضايا".
بدوره، قال مدير وحدة المساعدة القانونية في مركز "عدالة"، سالم المفلح، إن "أبرز التحديات التي تواجه المحامين خلال المرافعة عن ضحايا التعذيب هي الحاجة إلى نصوص تشريعية جديدة"، مشيرا إلى عدم قدرة المحامين على الاطلاع على إجراءات التحقيق، ليكون دورهم مجرد دور شكلي.
وأضاف: "هناك إشكالية في التعامل مع الشهود، إذ لا يستطيع الشهود الحديث بعيدا عن الخوف من تعرضهم للمخاطر، وأحيانا يكون هناك عدم رغبة بالشهادة خوفا من الانتقام".
وحول الإجراءات المتخذة بحق المتهمين بالتعذيب، قال إن "هناك توقيفا صوريا للمتهمين من خلال إبقائهم في وحداتهم، واعتبار ذلك جزءا من العقوبة في حال صدور قرار بحقهم".
وأفادت شقيقة الأردني بلال العموش الذي توفي تحت التعذيب، خلال المؤتمر، بأن شقيقها الشاب الجامعي تم إجباره على وضع بصمته على إفادة اعتراف وهو مقيد. وقالت شقيقة إبراهيم زهران الذي توفي أثناء التحقيق، إن شقيقها لم يتم توجيه أية تهمة له، بل مجرد اشتباه، وحتى الأن لا يعرف اشتباها بأي تهمة.
وقال المحامي حسين العمري، خلال المؤتمر الصحافي، إن التقرير لا يشمل جميع حالات التعذيب، ولا يعبر عن حجم الظاهرة لأنه تم استثناء الحالات غير الموثقة، والقضايا غير المستكملة، وبهذا فإن "التقرير لا يشكل مسحا واقعيا لجريمة التعذيب في الأردن".
وأضاف أن "أغلب العقوبات التي يحكم بها على المتهمين بالتعذيب هي عقوبات جنحية، ولا ترتقي إلى المستوى الجنائي إلا في حالات الوفاة والعجز، ونحن نطالب بمنع الحجز الإنفرادي. بعض الموقوفين في سجن (الموقر 2) بقوا فترة تزيد عن 6 شهور في الحبس الانفرادي".
وكشف تقرير للمركز الأردني لحقوق الإنسان صدر الشهر الماضي، عن ارتفاع شكاوى التعذيب في الأردن على نحو كبير، وأنه في عام 2017 تلقت الإدارات الأمنية 85 شكوى من مواطنين تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة على أيدي رجال الأمن، مقارنة بـ63 شكوى في 2016، فضلا عن ارتفاع عدد الموقوفين إدارياً إلى 34952 حالة عام 2017، مقارنةً بـ30138 حالة سجلت في 2016، وربط التقرير هذا الارتفاع بلجوء الإدارات الأمنية باستمرار إلى قانون منع الجرائم الذي يمنح إجراءات ضبط بحق بعض الأشخاص من أصحاب السوابق بدواعي الاعتبارات الأمنية.