صدقت الحكومة المغربية، اليوم الخميس، على قانون جديد ينظم عمليات التبرعات من طرف المواطنين أو الجمعيات، وتوزيع المساعدات على الناس لأغراض خيرية، ويضع شروطا لهذه التبرعات المالية والعينية، كما يحدد عقوبات زجرية لمن خالفها، أو أقدم على جمع التبرعات بدون سند قانوني.
ويأتي القانون التنظيمي الجديد بعد شهور من حادثة مفجعة ذهبت ضحيتها 15 سيدة بسبب الزحام الشديد لنيل مساعدات غذائية من طرف جمعية خيرية بإقليم الصويرة، وهو ما دفع العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى توجيه تعليماته إلى الحكومة من أجل سن قانون يعيد تنظيم عملية الإحسان العمومي.
ويأتي القانون المنظم للتبرعات في المغرب عقب خطاب العاهل المغربي في البرلمان في شهر أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، عندما تطرق إلى موضوع التكافل الاجتماعي باعتباره من مميزات الشعب المغربي، داعيا إلى ترسيخ هذا التكافل والتضامن من خلال قوانين تعمل على تنظيمه ليستفيد منه الفقراء والمحتاجون.
القانون الجديد الذي صدقت عليه الحكومة يؤكد على ضرورة أن تخضع التبرعات جميعها إلى ترخيص قانوني قبلي من طرف العمال (محافظي المدن)، مع وضع استثناءات تهم التبرعات التي تتم بطرق تقليدية وعرفية، بينما يتم منع التبرعات لأغراض تجارية أو دعائية أو انتخابية أو من أجل الترويج لمنتجات أو سلع أو خدمات، مع تجريم استعمال الإحسان لأداء غرامات أو تعويضات صادرة بشأنها أحكام قضائية أو أداء ديون.
وشدد مشروع القانون على ضرورة إيداع الأموال المتحصل عليها من جمع التبرعات في حساب بنكي خاص بكل عملية ولمدة زمنية محددة، كما يتعين على الجهات المنظمة لجمع التبرعات أن تقدم تقريرا مفصلا للإدارة حول سير العملية، مع الإشارة إلى مجموع الأموال التي تم جمعها، بما فيها القيمة المالية التقديرية للتبرعات العينية، وكذا جميع الوثائق والمعلومات التي تثبت تخصيص مجموع الأموال المتبرع بها.
ومنح القانون الجديد الصلاحية والسلطة للمحافظ في قبول أو رفض أية عملية تبرع وموعدها وطريقة جمعها، أو تأجيل القيام بها أو توقيفها في أي وقت يراه ضروريا، إذا ما ارتأى أن هذه التبرعات قد تمس بالنظام العام، أو تتزامن مع فترة الانتخابات، أو في حال الإخلال بالشروط والقواعد المتعلقة بالتوزيع.
وفي السياق، أوضح مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، أنه "من الناحية التشريعية، يهدف مشروع القانون الخاص بجمع التبرعات إلى تبسيط الإجراءات، بما يمكن من تشجيع فعاليات المجتمع المدني على جمع التبرعات والقيام بالأعمال الخيرية".
وعن مدى فعالية هذا القانون في تعزيز العمل الخيري في المغرب، قال الخضري لـ"العربي الجديد"، إنه "من الصعب الإجابة، لأن الهاجس الأمني ومبدأ ضبط ميزان القوى الشعبية دائما نجده حاضراً في مثل هذه القضايا، نظرا للدور الكبير الذي تلعبه الأعمال الخيرية في استمالة الناس".
وشرح المتحدث أنّ "العديد من الأحزاب تستعمل هذا الحق لخدمة صورتها وأهدافها السياسية، فيما تعرف بعض التنظيمات المدنية، التي تتمتع بصفة المنفعة العامة وحق جمع التبرعات، العديد من الاختلالات في التدبير، مثل الاختلاس، خاصة الجمعيات المكلفة بتدبير المؤسسات الإنسانية، مثل دار العجزة ومأوى الأيتام والمشردين".
وخلص إلى أنه "لا ينبغي الاقتصار على التشريع، بل يجب إحداث مؤسسة تتمتع بالتفويض اللازم لمراقبة العمل الخيري واتخاذ التدابير اللازمة، في حالة خرق القانون، مع إبعاد الحسابات السياسية، حيث بات المغرب بحاجة ماسة إلى العمل الخيري، من أجل دعم التكافل والتآزر الاجتماعيين بين أفراد المجتمع".