فرنسا: مشروع قانون "وارسمان"..تشدد مع المهاجرين المُدَبْلنين

25 يناير 2018
زيادة عدد من يتم طردهم من فرنسا (Getty)
+ الخط -
يتأهب مجلس الشيوخ الفرنسي، للتصويت على مشروع قانون "وارسمان"، الذي يعزز من إمكانيات وضع مهاجرين مدبلنين (ينطبق عليهم قانون دبلن) في مراكز اعتقال. ويتم هذا النقاش في إطار ما يسمى "التطبيق الجيد لنظام اللجوء الأوروبي". 

وتلقى مشروع القانون تعديلات كثيرة ساهمت في تشدده، خاصة ما يتعلق بنتائح رفض منح اللاجئ للبصمات. ولا تخفي الحكومة وبعض عناصر اليمين الفرنسي اتفاقها على بذل جهود إضافية من أجل زيادة عدد من يتم طردهم من فرنسا من المهاجرين، الذين يوجدون في وضعية غير قانونية.  

وليس غريبا، أيضاً، أن القانون الذي سيرى النور قريباً حول اللجوء والهجرة، يتضمن إجراءات ترمي إلى تسهيل عمليات ترحيل المهاجرين من فرنسا.

وقبل أن يتمّ التصويت على هذا القانون الجديد، تعززت ترسانة قمع المهاجرين غير القانونيين، بمقترح تقدم به النائب السابق من حزب "الجمهوريون"، جان-لوك وارسمان، وتمّ التصويت عليه في الجمعية الوطنية (البرلمان) في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، ويصل الآن، إلى مجلس الشيوخ للتصويت عليه.

وبالنظر إلى الأغلبية اليمينية في مجلس الشيوخ، ينتظر أن يحظى بالموافقة من قبل نواب مجلس الشيوخ، خاصة أن بعض نواب اليمين اعترفوا أنهم اشتغلوا بشكل وثيق لصياغته مع وزارة الداخلية، ثم يعود مرة ثانية للجمعية الوطنية، وهناك سيُحسم في الأمر، في شهر فبراير/شباط القادم.

ويركّز هذا النص على المهاجرين الذين يطلق عليهم "المدبلنين"، والذين يفترض، وفق معاهدة دبلن، أن يطلبوا اللجوء في البلدان التي أخذت منهم بصماتهم لأول مرة.



وتعرف فرنسا ارتفاعاً كبيراً في نسبة المتواجدين على أراضيها من هؤلاء المدبلنين، 35 ألف شخص سنة 2016، مقابل 5000 فقط سنة 2014. ويعبر بعض النواب عن امتعاضهم لأن 9 في المائة فقط منهم يتم ترحيلهم خارج فرنسا.


ويأتي مشروع قانون وارْسْمان لتسهيل عمليات ترحيل هذا الصنف من المهاجرين، وقبلها وضع كل من يُخشى اختفاؤه تحت الاعتقال الاحتياطي، بعد أن كانت محكمة النقض قد حكمت، قبل شهور، بعدم قانونية اعتقال هؤلاء المهاجرين.    

ولا يقتصر مشروع القانون على هذا الأمر، بل يسعى إلى توسيع إمكانات التخلص من هؤلاء، وهو ما جرّ عليه انتقادات عنيفة من قبل جمعيات، من بينها سيماد (وهي جمعية تعمل على تقديم العون للمهاجرين)، رأت في مشروع القانون "منطق اعتقال، غير مسبوق ولا يتناسب مع الوضع".  

وقد خضع هذا النص لمزايدات من قبل نواب اليمين، الذين ضمّنوه بند "عقاب إضافي في حالة رفض المهاجر أخذ السلطات بصماته".  

ويتوقع أن تحظى هذه المزايدات اليمينية في مجلس الشيوخ برضى الحكومة، التي تسير في نفس اتجاه التشدد، مع هؤلاء المدبلنين، وهو ما عبر عنه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، غير ما مرة. 

ولا يخفى على المراقبين أن العديد من المهاجرين الرافضين لأخذ بصماتهم يخشون إعادتهم إلى البلدان الأولى التي استقبلتهم، كاليونان وإسبانيا وإيطاليا، وهي الدول التي يفترض أن تدرس ملفات لجوئهم. 

ولم ينتظر القانون الفرنسي، إلى اليوم، إجراء الزجر، فهو يتضمن عقوبة سنة سجناً وغرامة في حق هؤلاء، ولكن لم يتم تطبيقه، وإن كان الرئيس ماكرون أعلن، من كاليه، يوم 16 يناير/كانون الثاني، عن "مرسوم جنائي"، من أجل تطبيق هذه الإجراءات.

ويأتي مشروع القانون الجديد، الذي يتضمن بنداً آخر، إلى جانب بند "مخاطر حقيقية للفرار"، وهو بندٌ يعاقب على "التستر على المسار الذي اتبعه المهاجر في هجرته، وأيضاً التستر على وضعيته العائلية وعلى طلبات اللجوء السابقة".

ويعتقد نواب اليمين، أن هذين الإجراءين، إضافة إلى بنود أخرى، منها تمديد الفترة التي يمكن للشرطة أن تزور فيها المعتقل في السجن من 4 أيام إلى 6 أيام، بقرار من القاضي، وأيضاً بند حول تقليص فترة الاعتراض على قرار الترحيل من 15 يوماً إلى 7 أيام، سيسمحان بوضع عدد أكبر من المدبلنين تحت طائلة الاعتقال الإداري.

وحاول مشروع القرار ألا يخلو من مسحة إنسانية، فتضمن بنداً، سبق أن طرح في البرلمان، يذكر أن الدولة الفرنسية ليس لديها الحق في تحويل طالب لجوء نحو بلد موقّع على معاهدة دبلن، لكنه يمثل إخفاقات نظامية بسبب وجود مخاطر من معاملات غير إنسانية ومُهينة تجاه المهاجرين.

وتبقى الإشارة إلى أن هذه التعديلات غير نهائية، طالما أن الجمعية الوطنية، لديها الكلمة الفصل. ولكن الجمعيات الخيرية والإنسانية ما فتئت تؤكد وجود نوع من التوافق بين اليمين الفرنسي، الذي لا يخفي نفوره من المهاجرين، وبين الرئيس وحكومته اللذين لا يخفيان نيتهما في إظهار المزيد وكثير من التشدد، في هذه القضايا.​

المساهمون