ذكريات الجزائريين عن أول يوم في المدرسة

08 سبتمبر 2017
اختلفت الذكريات حول أول يوم دراسي (Getty)
+ الخط -


بين الأمس واليوم، قصة طويلة يرويها جيل من الجزائريين عن أول يوم دخلوا فيه إلى المدرسة، وما رافقه من تفاصيل راسخة في الذاكرة، عن تحية العلم الوطنية والتعرف على المعلمين والأصدقاء، وعن ألوان المئزر، وذلك الشعور الغريب.

"إنها أول خطوة نحو التعلم"، تقول السيدة خيرت مراح لـ"العربي الجديد"، وهي ترافق ابنها لدخوله الأول إلى المدرسة، وهناك العديد من التلاميذ توزعت مشاعرهم بين الدهشة والدموع. لقد تذكرت اليوم الذي دخلت فيه المدرسة قبل ثلاثين سنة كاملة. "يومها، أعدّت لي الوالدة طبق المشوشة بالعسل والبيض"، وهو خليط من الدقيق والزبدة يطهى في مقلاة مع البيض ويوضع في العسل، "حتى تمر سنوات الدراسة حلوة وبنجاح باهر وحتى لا أجوع في المدرسة".

ذكريات تسللت ونجحت في انتزاع ابتسامة هذه الأم، قبل أن تلتفت لابنها مفدي زكريا، الذي يحمل اسم شاعر الثورة الجزائرية الكبير، قائلة: "سميته تيمنا بالشاعر الذي قال قسما من نشيدنا الوطني، وأتمنى أن ينجح ويبهرني في الكبر".

أما الإعلامية نايلة برحال، فإنها لا تخفي حنينها لأول يوم ترتاد فيه المدرسة، وتقول "أحن كثيرا لذلك الزمن الجميل الذي لن ننساه يوما، فهو يذكرني بأجمل لحظات حياتنا، إنه اليوم الأول من المدرسة الذي هيأت لي والدتي فيه طبق (الخفاف)، وهو نوع من الرغائف مغموس بالعسل. ما زالت الأمهات يحرصن عليه تيمنا باسمه ومساعدته في خفة استيعاب الدروس، كما ناولتني العنب المجفف (الزبيب)، حتى أنجح وتكون أيامي كلها حلوة".

وعلى عكس برحال، فإن أول يوم في المدرسة ترك في ذهن وليد هاشمي صدمة، كما يقول لـ"العربي الجديد"، "كان ذلك قبل 35 سنة، كنت أول طفل في العائلة يلتحق بالمدرسة. وجدت نفسي في محيط وأجواء مغايرة لم أتعود عليها في البيت ومع الجيران، ولجت المدرسة وأطلقت العنان للبكاء حتى طلب حارس المدرسة من والدتي أن تعيدني للبيت لكنها رفضت وأدخلتني رغما عني".



أما السيدة نرجس كرميش، فإنها تعود بذاكرتها إلى أيام أحياء مدينة قسنطينة العتيقة، حيث كانت والدتها تتحايل على الفقر وتقوم بإعادة خياطة مآزر قديمة وكيها والقيام بطرزها بالورود حتى تظهر وكأنها جديدة، كما تعيد خياطة بعض الملابس القديمة حتى يخيل إليهم أنها جديدة، وتجتهد في تلميع أحذية الأبناء، أما عشية الدخول إلى المدرسة فتأخذهم إلى الحمام تحضيرا لدخولهم المدرسة كأنه يوم عيد، فينام الأبناء وهم سعداء، مشددة على أن تلك اللحظات لافتة وبسيطة وأسعد اللحظات.

ويجمع الكثير من الجزائريين على أنهم تعلموا، رغم الفقر، ولم تكن الظروف تسمح لهم بأخذ مأكولات إلى مؤسساتهم التعليمية كما هو حال تلاميذ اليوم، لكنهم درسوا وتفوقوا، بل كانت هذه الظروف حافزا جيدا لهم. أما أطفال اليوم، فإن أذهانهم مشتتة بين حصولهم على وسائل إلكترونية كهدية لهم في أول يوم في المدرسة، وما يحملون معهم إلى المدارس من مأكولات، أو غيرها من الوسائل التي تسيء لهم أكثر مما تخدمهم.

وتقول الأخصائية النفسانية نورة بن حملة، لـ"العربي الجديد": يعيش التلميذ حالة من التيه في أول يوم له في المدرسة، بين محيط اعتاد عليه في سنواته الأولى وآخر جديد عليه، قد يشكل له اكتشافا عظيما، داعية الوالدين إلى التعامل مع هذه المحطة بتحفيزات ذكية بدل الهدايا الإلكترونية، لما لها من تداعيات على صحة الأبناء النفسية ونتائجهم الدراسية المستقبلية وتحصيلهم الدراسي أيضاً.