فتوى دينية بتحريم مناهج الاحتلال الإسرائيلي في القدس

16 سبتمبر 2017
الاحتلال يسعى إلى طمس الهوية الفلسطينية ( ديفيد سيلفرمان/Getty)
+ الخط -


يرى مراقبون في القدس المحتلة، أن الصراع  بين المقدسيين والاحتلال على محاولة الأخير فرض مناهجه التعليمية على عشرات آلاف التلاميذ المنضوين في أكثر من 45 مدرسة تديرها وتشرف عليها دائرة المعارف وبلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس، دخل مرحلة جديدة بفتوى أصدرها رئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري تقضي بعدم جواز تطبيق المناهج الإسرائيلية في مدارس القدس المحتلة، وأن من يطبقها ويدرسها، ومن يرسل ابنه أو ابنته إلى مدارس تدرس تلك المناهج يعتبر آثما.

وفي حديث خاص لـ"العربي الجديد"، جدد الشيخ عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا، وهي أعلى مرجعية دينية في المدينة المقدسة، وتحظى باحترام وتقدير الجميع، ما كان أفتى به أمس الجمعة، خلال خطبة صلاة الجمعة، مؤكدا أن هذه الفتوى ملزمة للهيئات التدريسية ولأولياء الأمور في هذه المدارس، ومن لا يلتزم بها فهو خارج عن إجماع المسلمين ويرتكب إثماً عظيماً.

وقال: "توقيت هذه الفتوى يأتي رداً على الحملة المحمومة التي تشنها سلطات الاحتلال على التعليم الفلسطيني في القدس، واستهدافها لمدارسنا وطلابنا ومناهجنا التي تربت عليها أجيال عديدة".

وأضاف: "سنحرص على أن يطبق الجميع هذه الفتوى وأن يلتزموا بها، ونحن نثق بوطنية أبناء شعبنا وصدق انتمائهم لدينهم وعقيدتهم. الاحتلال لا يريد أن ينشأ جيل يدافع عن وجوده ومقدساته، لهذا هو يحاول استهداف هذا الجيل بطمس هويته الوطنية، بعد الذي رآه في هبة الأقصى الأخيرة، حيث نصرت القدس بالشباب".

وكان الشيخ صبري قد اتهم الاحتلال بالإمعان في تطبيق مناهجه التي قال إنها "تتعارض مع قيمنا وديننا وعاداتنا وتاريخنا وحضارتنا"، مشيراً إلى أن سلطات الاحتلال تقدم الآن الامتيازات والإغراءات لتطبيق مناهجها على الطلاب والطالبات المقدسيين.

وورد في نص الفتوى التي ألقاها على مسامع عشرات الآلاف من المصلين في المسجد الأقصى: "من على منبر المسجد الأقصى المبارك، نعلن بوضوح بأنه لا يجوز شرعاً تدريس المناهج الإسرائيلية في المدارس في القدس، ويأثم كل من يقوم بتدريسها، ويأثم كل من أيّد ويؤيد تدريسها، ويأثم كل من يرسل ابنه أو ابنته إلى المدرسة التي تدرس هذه المناهج، وعلى الآباء والأمهات أن يكونوا يقظين ومتنبهين من خطورة ذلك، وبهذا نفتي".

وتعليقاً على فتوى الشيخ صبري، قال الإعلامي والمتابع لشؤون التعليم في القدس المحتلة، راسم عبيدات: "نثمن هذه الفتوى ونشيد بها وندعمها، وهي تكتسب أهمية خاصة في هذا الوقت، حيث يتعرض التعليم في القدس لأسوأ استهداف من قبل الاحتلال، سواء بمحاولة فرض مناهج الاحتلال على مدارسنا، وحرمان الآلاف من التلاميذ من الدراسة، إضافة إلى النقص الحاد في الغرف الصفية والذي يتجاوز 2400 غرفة".


وأضاف: "نأمل أن تجد مثل هذه الفتوى طريقها للتطبيق وأن يلتزم الجميع بها، فمعركة التعليم واحدة من معارك شرسة نخوضها هنا في القدس، ولا بد من الظفر فيها".

وانتقد عبيدات بشدة من سمّاهم "اللصوص والفاسدين والمرتزقة والمتاجرين في الطلاب والتعليم" من مديرين ومفتشين وأساتذة، ومن يسمون أنفسهم شخصيات عامة وقطاعاً خاصاً ولجاناً محلية"، قائلاً "هؤلاء جزء أساسي من عملية الأسرلة".

بدوره، عبّر اتحاد أولياء أمور التلاميذ في مدارس القدس عن تأييده ودعمه لهذه الفتوى، وأنها تشكل رافعة مهمة في مواجهة سياسات الاحتلال بشأن التعليم في القدس.

وقالت مصادر في الاتحاد لـ"العربي الجديد"، "التوقيت مهم، فالاحتلال ماض في سياسته مستهدفا تلاميذنا ومدارسنا ومناهجنا، مع حرمانه أيضا آلاف التلاميذ من حقهم في الدراسة، ولعل آخر ما جرى على هذا الصعيد إغلاقه مدرسة دار المعرفة في كفر عقب شمالي القدس المحتلة، التي يدرس فيها نحو 4000 طالب وطالبة، متذرعا بتجاوزات إدارية ومالية في هذه المدرسة".

أضافت هذه المصادر: "سنعمل على أن تجد هذه الفتوى تطبيقاً والتزاماً من قبل الجميع، عبر تحرك جاد لدى إدارات المدارس والمعلمين وكذلك أهالي الطلبة".

في حين، اعتبر حاتم عبد القادر القيادي في حركة فتح، فتوى الشيخ عكرمة صبري، أنها أحد أسلحة المقدسيين في التصدي لأسرلة التعليم وتهويد المناهج الدراسية في القدس. وقال: "هي فتوى لا بد منها، وسنبذل جهودنا لكي يلتزم الجميع بها مدارس ومعلمين وأولياء أمور".

وتابع عبد القادر في حديث لـ"العربي الجديد"، "لا مانع أيضاً من أن نوفر البدائل المناسبة فيما لو قرر الاحتلال تصعيد هجمته ضد مدارسنا من خلال إغلاقها ومن خلال إجراءات أخرى عديدة تتطلب مواجهة مدروسة ومنظمة وتؤتي ثمارها".


المساهمون