أكراد عراقيون يعيشون خارج إقليم كردستان: سنكون ضحية للمليشيات

15 سبتمبر 2017
ستكون عواقب الاستفتاء سلبية على بعض الكرد (تويتر)
+ الخط -



ينتاب الخوف الكرد الذين يسكنون في العاصمة بغداد ومحافظات أخرى، من أن يتعرّض لهم عناصر في المليشيات، بعمليات خطف أو تهجير أو قتل؛ نتيجة تصاعد حدة الخلاف بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان، شمالي البلاد. 

وتسير حكومة كردستان في مشروع الانفصال عن العراق وتأسيس كيان مستقل، على الرغم من المعارضة الدولية الكبيرة.

ومع إصرار حكومة إقليم كردستان، متمثلة بزعيمها مسعود البرزاني، على الذهاب نحو إجراء استفتاء، محدد في  25 سبتمبر/ أيلول الحالي، ليقرر سكان المناطق الكردية، المتنازع عليها، إن كانوا مع الانفصال أم ضده، يتلقّى أكراد يسكنون في العاصمة العراقية ومدن أخرى خارج الإقليم الكردي، تهديدات بالقتل والتهجير وترك مناطق سكناهم، من قبل مليشيات "طائفية". 

وازداد خوف الأكراد بعد تصريحات أطلقها عدد من السياسيين التابعين لأحزاب متنفّذة في السلطة، هددوا من خلالها باتخاذ إجراءات عدة مع المواطنين الكرد.

يقول أحمد صالح أمين، وهو تاجر سيارات كردي، يسكن في العاصمة بغداد، إنّ ما يجري يُثير خوفه على حياته وحياة عائلته، مضيفاً في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه يسكن بغداد منذ 30 عاماً. 



وتابع أمين: "أولادي الخمسة ولدوا في بغداد ودرسوا فيها. مصالحي وأعمالي كلها هنا، ولي في أسواق السيارات بالعاصمة أكثر من نصف مليون دولار، وهناك للأسف من يثير الفتنة ويطالب بترحيلنا. هذا الأمر مرعب بالنسبة لنا، سنفقد كل شيء إن حصل هذا الأمر". 

وكان عضو مجلس محافظة بغداد التابع لكتلة "دولة القانون" سعد المطلبي، قد هدّد في تصريح صحافي له، في يونيو/ حزيران الماضي، بسحب بطاقات النفوس المدنية من المواطنين الكرد، وطردهم من العاصمة بغداد، في حال جرى التصويت على الانفصال. 
 
وفي إطار التصريحات المضادة لقرار حكومة كردستان بالانفصال، طالب القيادي التركماني في منظمة بدر، محمد مهدي البياتي، في 31 أغسطس/ آب، بطرد رئيس الجمهورية العراقية فؤاد معصوم (كردي)، والوزراء الكرد من العاصمة بغداد. 


وحول ذلك يقول أمين، متسائلاً باستغراب: "لقد وصل الأمر إلى طرد رئيس الجمهورية، فكيف سيكون الحال معنا نحن المواطنين البسطاء؟".

أكثر ما يخيف الكرد ممن يسكنون في محافظات خارج الإقليم الكردي، هو أن تتحرك المليشيات وتنفذ عمليات تهجير واعتداءات معهم، إذ يرون أن المليشيات أخطر القوى الموجودة على الساحة العراقية. 

يقول عبد الكريم فرمان، وهو تاجر أجهزة كهربائية، إنه منذ ظهور المليشيات بعد غزو البلاد في 2003، يدفع بشكل شهري "إتاوات" للمليشيات لـ"درء الشر". ويضيف في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "المليشيات هي ما نخافه وأدفع شهرياً 1000 دولار لمجموعة من الشباب، يتبعون لمليشيا متنفذة في الشارع وفي السلطة"، مؤكداً أن أصدقاءه التجار وأصحاب محال تجارية يدفعون هذه الإتاوات بشكل شهري.

ويتابع: "المبالغ التي ندفعها لا تعني أنهم يوفرون بالمقابل حماية لنا، بل إنهم فقط في مقابل هذه المبالغ يسمحون لنا بالعمل وفتح متاجرنا ومحالنا". ويؤكد أن "بعض التجار استخدموا نفوذهم وعلاقاتهم بأحزاب وشخصيات في السلطة لكي يمنعوا استغلال هذه المليشيات لهم، لكنهم تلقوا تهديدات خطيرة واضطروا إلى الرضوخ للأمر الواقع ودفع الإتاوات، وهذا يبيّن مدى قوة وهيمنة المليشيات". 


لذلك يقول فرمان "سيجلب استفتاء الكرد للانفصال كارثة علينا نحن الكرد الذين نعيش خارج الإقليم". 

فرمان أكد أن أقرباء له يسكنون في بغداد تعرضوا لتهديدات منذ أكثر من شهرين، من قبل مليشيات، بالطرد في حال حصل الاستفتاء، مشيراً إلى أن بعض أصدقائه الكرد "عرضوا بيوتهم للبيع وغادروا إلى مناطق إقليم كردستان تحسباً لظروف قد تحصل يذهبون ضحية لها". 


وكان أمين بكر، عضو البرلمان العراقي عن "كتلة التغيير" الكردية، قد أكد في وقت سابق تعرّض الأكراد في محافظتي بغداد وواسط (110 كيلومترات جنوبي العاصمة) للتهديد، محذراً الحكومة من "مغبّة السماح أو السكوت عن أية تهديدات يتعرّض لها الأكراد خارج إقليم كردستان".

وأشار بكر، في بيان، إلى أن "الأكراد بدأوا يتعرّضون بشكل واضح للتهديد بالقتل والتهجير والسلب والنهب، في بغداد وواسط وبعض مناطق محافظة ديالى (شرقي العراق)".

ولفت بكر الانتباه إلى وجود فئات كبيرة ومهمة من الأكراد تسكن خارج الحدود الحالية لإقليم كردستان، مؤكداً أن على الحكومة القيام بواجباتها الدستورية والأخلاقية لحمايتهم، محمّلاً الحكومة "مسؤولية أية مخاطر واقعة حالياً أو محتملة مستقبلاً عليهم". 

إلى ذلك أكّد حسن علي قادر، وهو كردي من بغداد، أنه نقل سكنه إلى منطقة أخرى في بغداد، بعد تلقيه تهديداً من مجموعة مسلحة. وقال قادر، والذي يدير مطعماً في وسط العاصمة العراقية، وهو يتحدث لـ"العربي الجديد"، إنه منحدر من عائلة تسكن بغداد منذ ما يزيد عن 500 عام. 

وأضاف: "لا أعرف أحداً من أقاربي في المدن الكردية. أجدادي ولدوا في بغداد، وكل العوائل التي تفرّعت لاحقاً من هذه العائلة تسكن في بغداد". 

وتابع: "أنا مولود في عام 1950، لقد شاركت في الحرب ضمن صفوف الجيش العراقي مع إيران (1980-1988)، أولادي وبناتي يخدمون في مؤسسات الدولة، بل إننا ضحينا كثيراً لخدمة البلد". 

وأشار إلى أن أحد أشقائه قتل في الحرب مع إيران، وقُتل أحد أولاده في تفجير "إرهابي" ببغداد في 2007، مستطرداً بالحديث "إنها كارثة، سنفقد بيوتنا وأعمالنا إن حصل الانفصال. والطامة الكبرى أننا لا نعرف أي أقارب في المدن الكردية نلجأ إليهم، ولا نعرف حتى اللغة الكردية، لقد نشأنا بين العرب منذ مئات السنين". 
 
يذكر أن رئيس إقليم كردستان، مسعود البارزاني، عقد في 7 يونيو/ حزيران الماضي، اجتماعاً موسعاً مع ممثلي 17 حزباً وطرفاً سياسياً في كردستان، وتقرر في الاجتماع تحديد يوم 25 سبتمبر/ أيلول الجاري موعداً لإجراء استفتاء استقلال كردستان.
 
وحظي موضوع التصويت على انفصال كردستان باهتمام دولي، وتدخلت أطراف دولية عدة لإيجاد حلّ، كان آخرها تسلّم مسعود بارزاني، الخميس، من ممثلي الدول العظمى، مقترحاً بديلاً عن استفتاء الانفصال عن العراق.

اقتراح الدول العظمى جاء خلال لقاء جمع بارزاني بممثل الرئيس الأميركي في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، بريت ماكغورك، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة، يان كوبيج، والسفير الأميركي لدى بغداد، دوغلاس سيليمان، وممثل الحكومة البريطانية في العراق، فرانك بيكر.

وبحسب بيان صدر عن الاجتماع، فإن البارزاني "وعد بالرد عليه في القريب العاجل بعد مشاورة القيادة السياسية الكردية". ‎