"ديكستر" يعلّم تلاميذ غزة

27 اغسطس 2017
شغف في تعلّم التجارب (محمد الحجار)
+ الخط -
في ظلّ الفرص القليلة لتلاميذ غزة في تعلم تجارب علمية بشكل عملي لعدم تجهيز المدارس بمختبرات، بادرت مجموعة خريجات إلى إنشاء مختبر "ديكستر" المتنقل

شكلت مجموعة من خريجات كليات العلوم في غزة أول مختبر متنقل مختص في علوم الفيزياء والكيمياء والأحياء يستهدف الأطفال في جميع محافظات قطاع غزة، وهي خطوة فعالة في طريق السعي إلى سد حاجة تلاميذ المدارس للخوض في التجارب العلمية، في ظل افتقادهم ذلك في مدارسهم والاعتماد على التجارب النظرية أكثر من العملية.

تحققت فكرة الخريجات في إنشاء المختبر الذي يحمل اسم "ديكستر" (شخصية كرتونية لطفل عالم) بعد مبادرة دعمتها "هيئة المستقبل للتنمية". وقد بدأ مختبر "ديكستر" العمل في شهر يناير/ كانون الثاني 2016، وكانت منطقة الشجاعية أول المناطق التي استهدفها.



في البداية، استهدف "ديكستر" التلاميذ من الصف الرابع الابتدائي حتى الصف الأول الثانوي، لكنّه وسع نشاطه لاحقاً ليشمل الصفوف من الأول الابتدائي حتى الأول الثانوي. المختبر مؤلف من ثلاثة أقسام، هي قسم للكيمياء وقسم للفيزياء وقسم للأحياء والعلوم الطبية. لا مقر ثابتاً له بل يتنقل بين مناطق غزة.

أميرة الحايك خريجة قسم الأحياء والعلوم الطبية في جامعة الأزهر توضح أنّ ما تعلّمه للأطفال في المختبر هو تعريفهم في البداية على علم الأحياء وما فيه من بشر وحيوانات وكائنات دقيقة وبكتيريا وفطريات وطحالب وغيرها. تقول لـ"العربي الجديد": "المناهج كبيرة جداً في المدارس والحصص قليلة، ومن الصعب إنجاز كلّ التجارب النظرية عملياً. من هنا أطلقنا مبادرتنا كي يتعرف التلاميذ على العلوم من الداخل، ويستمتعوا باختبار كلّ التجارب بأنفسهم وتعلّمها".



توصلت أميرة مع زميلاتها إلى تعليم الأطفال عدة تجارب مثل فحص فصيلة الدم، واستخلاص الحمض النووي (دي ان ايه) من النباتات، والتحنيط والتشريح. وشاركت مع الفريق هذا العام في مخيم شتوي طوال أسبوع علّمن فيه الأطفال الفيزياء والكيمياء والأحياء. وفيه استطعن تحديد ميول الأطفال في العلوم واستكشاف تخصصهم المستقبلي المحتمل.

نظم مختبر "ديكستر" في شهر أغسطس/ آب 2016 ورشات عمل علمية في مختلف محافظات قطاع غزة بالتعاون مع هيئة الإغاثة الإسلامية، استهدف خلالها الأطفال وأمهاتهم. واستفاد من الورشات تلك أكثر من ثلاثة آلاف طفل. كذلك، شارك المختبر في معرض أسبوع التوعية للمضادات الحيوية مع الجامعة الإسلامية في غزة، ومعرض "أثر" مع مركز "أميديست" للغة الإنكليزية، وفي الأسبوع العلمي في الجامعة الإسلامية.

تقول الحايك إنّ الفريق تمكن عبر هذه المعارض من عرض أفكاره، ومنح الثقة للأطفال المستهدفين من خلال تمكينهم من عرض تجاربهم التي تعلموها في المختبر، وشرح بعض الأفكار العلمية.

على صعيد الفيزياء، تتولى ولاء أبو العون (22 عاماً) وهي خريجة فيزياء طبية من جامعة الأزهر تعريف التلاميذ المشاركين بالعلوم وأهميتها في حياتنا، وتقدم لهم تعريفات بسيطة مثل حالات المادة والإلكترونيات والأدوات التي يشاهدها الأطفال في حياتهم اليومية، وفي مرحلة متقدمة تبدأ التجارب الفعلية وتصمم ألعاباً غايتها التعريف بالوظائف الفيزيائية. من هذه الاختبارات صنع جرس كهربائي والتعرف على آلية عمله بمشاركة الأطفال.



تعتمد أبو العون في شرح قوانين الفيزياء على التجارب العملية المباشرة لترسّخ تلك القوانين في أذهان الأطفال. تقول لـ"العربي الجديد": "الأطفال بالمفهوم العلمي الحديث يتعلمون عبر التجارب والألعاب، ويتناقلون الخبرات بين بعضهم البعض".

ياسمين عبيد (27 عاماً) خريجة كيمياء من جامعة الأزهر، تتدارك خطورة الكيمياء بعدم استخدام المواد السامة والخطيرة في تجاربها، بل تلجأ إلى مواد عادية يمكن أن تُلحظ التفاعلات الكيميائية فيها، وبذلك يتعلم التلاميذ من دون تعريض سلامتهم للخطر. تشير إلى أنّ عدداً من التلاميذ طبقوا تجارب في منازلهم وقدموها في المعارض.

رزان (13 عاماً) مثلاً تقوم بتجارب تحليل الحمض النووي، وهي تطمح إلى التخصص في الصيدلة كي تصنع أدوية "تنقذ المرضى في غزة". أما سارة (13 عاماً) فقد أحبت تجارب الحمض النووي وفصائل الدم وتعلمتها للترفيه، وهي تطمح إلى تعلم طب الأسنان. بدورها، أجرت ريهام (9 سنوات) تجارب كيميائية لكشف قواعد الأحماض، الى جانب تجارب نفخ البالونات بتفاعل بعض العناصر الكيميائية، وتطمح في أن تكون طبيبة عظام في المستقبل. من جهتها، تمكنت سارة (7 سنوات) من إجراء تجربة نافورة الصابون، ولحظت التفاعل بين الخل والصباغ والكربون لإنتاج ثاني أكسيد الكربون، وتحلم في أن تصبح عالمة.



المساهمون