كلاب في مصر... وجاهة وتجارة وحراسة وتحرّش

25 اغسطس 2017
بات صديقه (Getty)
+ الخط -
انتشرت تجارة الكلاب، خصوصاً "كلاب الحراسة"، في مناطق مصريّة مختلفة خلال الفترة الأخيرة، لأسباب كثيرة. ورصدت الباحثة الاجتماعية رنا خالد تنامي اقتناء الكلاب، مشيرة إلى أن للأمر علاقة بالطبقية. تقول لـ "العربي الجديد" إن الأسباب تتراوح ما بين استخدامها في حراسة المزارع والشقق السكنية والمؤسسات التجارية، أو للوجاهة الأرستقراطية، ويبدو هذا واضحاً بالنسبة إلى طبقة مجتمعية تتمتع بقدرٍ عالٍ نسبياً من الإمكانات المادية. ويؤكّد بعض مقتني الكلاب أنها للحماية والدفاع عن النفس في حال حدوث شجارات بين المواطنين، وقد وصل الأمر إلى استخدامها لقطع الطرقات والتحرّش بالفتيات، في وقت يستخدمها تجار المخدرات لمقاومة السلطات الأمنية أثناء مداهمات الأمن لهم.

هناك إقبال كبير على بيع وشراء أنواع مختلفة من الكلاب، التي أصبح لها أسواق في عدد من المحافظات المصرية. ويعمد بعض الشباب في مناطق القاهرة الكبرى، وغيرها من المحافظات، إلى التجول مع كلابهم في الشوارع الرئيسية. وهذا الأمر بدأ يثير انتقادات حادة من الأهالي خوفاً من هجوم الكلاب عليهم. ويلجأ البعض إلى إخراج الكلاب في نزهات في سياراتهم، أو حتى الطلب من أشخاص أخذهم في نزهة خلال النهار مقابل بدل مادي.

وفي ظلّ تصاعد الأزمة الاقتصاديّة في البلاد، بدأ بعض الشباب، خصوصاً في المناطق الشعبية، تربية سلالات معيّنة من الكلاب وبيعها، باعتبارها مشروعاً اقتصادياً. فالكلب الصغير أو الجرو، الذي لا يتجاوز عمره الثلاثة أشهر مثلاً، يباع بنحو 500 جنيه. أما السلالات الأخرى مثل "رود فايلر"، التي يقال إنّها متحدرة من فصيلة "الدروف"، التي تعود بدورها إلى الإمبراطورية الرومانية القديمة، ويترواح سعرها ما بين ألفين وخمسة آلاف جنيه. وهناك كلاب "الولف" و"الجيرمان" و"شيبرد" و"بيتبول". أما الكلب "البوليسي"، وهو الأحبّ إلى قلوب عدد كبير من المصريين، والأكثر رواجاً في الأسواق، فيمتاز بالقوة والسرعة وجمال الألوان والوفاء، والقدرة على حراسة الأماكن الكبيرة مثل المزارع والفيلات والقصور.

ويختلف سعره، بحسب مواصفاته، من ألفين إلى خمسة عشر ألفاً. لكن جمعيات حقوق الحيوان ترى أنّ معظم مالكي تلك الكلاب يعززون دوافعها العدوانية بقطع ذيول بعضها حتى تصبح أكثر شراسة، علماً أن القانون في مصر لا يفرض عقوبات على امتلاك هذه الأنواع من الكلاب، إلا في حالة ارتكاب جريمة. فإذا استخدمه صاحبه على سبيل المثال في القتل، يُعاقب على أنه قاتل عمداً.



ونتيجة لانتشار الكلاب في مصر، ظهرت الكثير من العيادات البيطرية، وأسواق متخصصة في بيع مستلزمات الكلاب، من طعام وإكسسوارات وغيرها للعناية بها. يدهن الكلب بمحلول مطهّر يحميه من الحشرات، ويحافظ على لمعان وبره، ويجعله حيوياً ونشطاً طوال اليوم. وتحتاج الكلاب إلى مناديل مبللة للوجه والعيون، والأطواق والسلاسل، وكسوة للشتاء، ووسادة للنوم، وأدوية لتقوية المناعة والكالسيوم، إضافة إلى ألعاب مطاطية لتنمية الذكاء. ويتناول الكلب الواحد ثلاث وجبات يومياً، ويتنوع طعامه بين الخضر واللحوم والدهون. ويرى بعض المواطنين أن ذلك يعد ترفاً ورفاهية للكلاب، خصوصاً في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار.

يسلي المارة (خالد دسوقي/ فرانس برس) 


يرى حازم محمد، وهو صاحب محل لمستلزمات الكلاب في منطقة شبرا في القاهرة، أن تجارة الكلاب انتشرت في مصر بطريقة غير مسبوقة، وزادت المستلزمات الخاصة بالكلاب، موضحاً أن أسعار تلك المستلزمات ارتفعت بسبب ارتفاع سعر الدولار، خصوصاً أن غالبية تلك المنتجات مستوردة، منها "الشامبو" والأطعمة المخصصة. يضيف أن نفقات تربية الكلب الواحد في مصر تصل إلى أكثر من مائتي جنيه في اليوم الواحد (نحو 11 دولارا)، مؤكداً أن هناك أكاديميات متخصصة في البلاد لتدريب الكلاب على سيطرة صاحبه عليه وإطاعة أوامره، فضلاً عن شحنه بميول عدوانية وهجومية.

من جهته، يتّهم الطبيب البيطري ياسر طنطاوي الحكومة بغض الطرف عن انتشار المزارع غير المرخصة للكلاب، خصوصاً تلك المستوردة التي دمرت الكثير من سلالات الكلاب المصرية. ويوضح أن الوضع أصبح كارثياً لأن اقتناء الكلاب والتجوّل بها من الأمور التي يسمح بها القانون، شرط أن يكون الحيوان مكمماً ويحمل رخصة في رقبته وبطاقة تلقيح من مرض السعار. وفي حال لم يحدث ذلك، يكون المواطنون في خطر. ويزداد الأمر خطورة إذا ما استخدمت الكلاب خلال التحرّش الجنسي، ولتهديد الحريات الشخصية للفتيات في الشارع. ويشير إلى أنه في ظل حالة الانفلات الأمني والحالة الاقتصادية، زادت تربية الكلاب في بعض المناطق الشعبية في القاهرة فوق أسطح المنازل غير المرخّصة، لبيعها إلى قاطني المناطق الراقية.

إلى ذلك، يقول رضا محمد، وهو صاحب مزرعة كلاب في منطقة الزاوية الحمراء، إنّ تجارة الكلاب رائجة ومربحة جداً. ويوضح أن الكلبة التي يهتم بها صاحبها صحياً، وتكون من سلالة جيّدة، تلد ما بين 9 و12 جرواً في المرة الواحدة، ويمكن بيع الواحد بسعر يتراوح ما بين 800 (نحو 45 دولاراً) و2000 (113 دولاراً) أو 3000 جنيه (169 دولاراً)عندما يكبر. ويوضح أن هناك تدريبات خاصة للكلاب لتكون قادرة على الحراسة، وذلك بعد ثلاثة أشهر من ولادتها. تتعلم "العض" و"الجري" و"السباق" وأعمال الانتقام وغيرها. والأهم، تعليمها كيفية الدفاع عن أصحابها.

وحول البيع، يوضح رضا أنّه يلجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي. ويوضح أن العلاقات الجيدة لها دور إيجابي، ويُحضر كلّ زبون شخصاً من أقاربه أو أصدقائه، ما يساعد على زيادة نسب البيع، خصوصاً بيع كلاب الحراسة التي يزداد الطلب عليها في ظل الأوضاع الأمنية الصعبة. كذلك، تعدّ عنصراً أساسياً في عمل شركات الأمن والحراسة. ويقدّر سعر الكلب الواحد بأكثر من 20 ألف جنيه، موضحاً أنّ ارتفاع أسعار الدولار في مقابل الجنيه المصري ضاعف أسعار الكلاب المستوردة، فضلاً عن صعوبة استيرادها في ظل عدم توفر الدولار والقيود الصحية. ويلفت إلى أن لكلّ كلب جواز سفر وشهادة صحية وأوراق إفراج جمركية.

دلالات