تلطيشة

25 اغسطس 2017
قولوا لا للتحرش (كريس برونكل/ فرانس برس)
+ الخط -
تتعرّض النساء والشابات في العديد من المناطق في لبنان لأنواع مختلفة من التحرّش الجنسي سواءً في التاكسي أو الشارع، وفي مكان العمل أو المدرسة أو الجامعة، أو من قبل بائع الخضار، أو في السوق أو في الحي. سائق تاكسي يطل برأسه ويسأل شابة تنتظر سيارة أجرة عن "سعرها"، ومارّ على طريق يطيل التحديق بجسد امرأة، أو طالب جامعي يلمس زميلة له في الصف، أو شاب مراهق يصفّر لشابة تعبر الطريق. تتطوّر هذه السيناريوهات، لتصل حدّ الملاحقة والمضايقة والتتبع، أو التلفظ بإيحاءات جنسية أو غيرها من التصرفات التي تنتهك كرامة ومساحة النساء والشابات الشخصية.

لا يكاد يخلو نهار لا تبلّغ فيه امرأة أو شابة عن تعرّضها لتحرّش جنسي في الأماكن العامة في لبنان سواءً أكان هذا التحرّش لفظياً (تلطيشة) أو أن يصل إلى حد الاعتداء الجنسي. قد يكون هذا التبليغ رسمياً للسلطات المختصة لكنه في أغلب الأحيان يمر خبراً أو سالفة تخبرها النساء لبعضهن البعض كنوع من شبكة دعم اجتماعية عفوية.

بحسب إحصاءات قوى الأمن الداخلي لعام 2016، بلغ معدّل تبليغ النساء أو الفتيات أو الشابات عن تحرّش جنسي ثلاث مرات في الأسبوع. إذا افترضنا أن هذه التبليغات تتم حين يتم التمادي بالتحرّش الجنسي، ليصبح فعلاً أو اعتداءً، فإن ذلك يعني أن من يتعرضن لتحرّش جنسي لفظي (تلطيشة) في الشارع أو الجامعة أو السوق مثلاً، لا يتم لحظها ضمن معدلات الإبلاغ هذه. بكلمات أخرى، ماذا ستقول السيدة لعنصر قوى الأمن لترفع شكوى تجاه المعتدي: "لطشني"؟ أو "أهان كرامتي"؟ أو "انتهك مساحتي الآمنة"؟ وكيف يمكن أن يتصرّف هذا العنصر إذا كان، في بعض الأحيان، هو أحد من يقومون بمثل هذه التصرفات؟

حتى اللحظة لا يوجد قانون في لبنان يحمي كرامة النساء عبر حمايتهن من العنف الجنسي والتحرّش في الأماكن العامة. أبطلت المادة 522 من قانون العقوبات بإلغائها مؤخراً، مفاعيل ما بعد الاعتداء الجنسي أو الاغتصاب. لكن الحماية من هكذا اعتداء لئلا يحصل أصلاً، ليست أمراً منصوصاً عليه بالقانون. مع العلم أنه في أيار/مايو الماضي، كان النائب غسان مخيبر قد تقدّم بمشروع قانون معجل مكرر لتجريم التحرّش الجنسي والإساءة العنصرية. من يتذكر ما حدث في مجلس النواب من موجة استنكار واستهزاء عارمة من قبل العديد من النواب، نتيجة اقتراح النائب مخيبر مشروع القانون، يستطيع أن يستنتج لما لا تزال النساء في لبنان عرضة لهذه التصرفات المهينة للكرامة.

*ناشطة نسوية
المساهمون