الحرارة المرتفعة تقتل نباتات العراق

05 يوليو 2017
ما بقي في أرضه (صافين حامد/ فرانس برس)
+ الخط -
سجّلت محافظة البصرة العراقية، المطلّة على الخليج العربي، درجات حرارة غير مسبوقة وصلت إلى 56 درجة مئوية في مركز المحافظة، ما أدّى إلى موت أنواع عدة من النباتات والأشجار، وتلف محاصيل زراعية مختلفة، مع ارتفاع كبير أيضاً في نسبة الرطوبة.

ويتوقّع خبراء وباحثون في البصرة أن يكون للارتفاع الكبير في درجات الحرارة خلال فصل الصيف، تأثير على أنواع مختلفة من النباتات. ويقول معاون عميد كليّة الزراعة في جامعة البصرة، محسن عبد الحي، إنّ المدينة سجّلت خلال العام الحالي ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة يختلف عن الأعوام السابقة التي طرأت خلالها زيادة طفيفة، مبيّناً أنّه من أبرز أسباب تلك الظاهرة هي الغازات المنبعثة من الحقول والمنشآت النفطية الكثيرة في البصرة، وجرف بساتين النخيل. كما أن البصرة ليست بمعزل عن ظاهرة الاحتباس الحراري.

ويلفت عبد الحي إلى أنّ استمرار درجات الحرارة بالارتفاع عاماً بعد عام، يؤدّي إلى فقدان البيئة المحليّة لبعض أنواع النباتات، وهناك المزيد من الأنواع التي من المتوقع أن تفقدها المحافظة، والتي كانت تضم 180 صنفاً من النخيل. إلا أن بعض تلك الأصناف لم تعد موجودة بسبب عدم قدرتها على تحمل الارتفاع المفرط في درجات الحرارة.

من جهته، يؤكّد أستاذ تصنيف النباتات في جامعة البصرة، عبد الرضا أكبر علوان، أنّ الارتفاع الحاد في درجات الحرارة يؤدّي إلى موت أنواع مختلفة من النباتات، خصوصاً حين تكون درجات الحرارة فوق الخمسين درجة مئوية. إلّا أنّه يمكن إعادة زراعة هذه النباتات بعد تحسّن المناخ وانخفاض درجات الحرارة. وفي حال استمرت درجات الحرارة على هذا المنوال خلال المواسم اللّاحقة، لن تصل بعض أنواع النباتات إلى مرحلة التكاثر، لتنقطع دورة حياتها.

ويشير علوان إلى أنّه على الحكومة أن تولي اهتماماً كبيراً لمشاريع التشجير، استناداً إلى رؤية استراتيجيّة للتقليل من الآثار السلبيّة الناجمة عن الارتفاع المفرط في درجات الحرارة، موضحاً أنّ البصرة في حاجة ملحّة إلى مشاريع كهذه لأنّها فقدت مساحات شاسعة من غطائها النباتي.
إلى ذلك، يقول المزارع أبو غضنفر البصري، لـ "العربي الجديد"، إنّ النباتات غالباً ما تتأثّر بشكل كبير بالمناخ، لافتاً إلى أن المزارعين يعانون بسبب موجات الحرّ والتصحّر، في ظلّ قلّة الإمكانيات التي تمكّنهم من الاعتناء بالنباتات والحفاظ عليها، خصوصاً أن الأمر يتطلّب جهوداً كبيرة ودعماً حكومياً. ويضيف: "لا نملك الدعم الكافي، ما يؤدي إلى تلف المزروعات قبل أن تنمو، وقد تنمو بشكل غير سليم".

يملك البصري أكثر من 12 دونماً من بساتين النخيل والحمضيات، فضلاً عن أراض في بلدة أبي الخصيب زرع فيها نباتات. "تقلّصت المساحات المزروعة في بساتيني وليس في إمكاني زراعتها من جديد، ما لم يكن هناك دعم حكومي نتيجة ملوحة الأرض والتصحر". ويضيف: "في مواسم سقوط الأمطار الغزيرة، يكون المحصول وفيراً، إلّا في حال كانت هناك عواصف ورياح قوية وفيضانات". ويوضح أنّه في مدينة البصرة، تنخفض نسبة الإنتاج حين تكون درجات الحرارة مرتفعة جداً، وما من وسائل لحماية النباتات من الحر الشديد، لافتاً إلى أنّه يتوجّب على الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية المزارع والنباتات في البصرة من الانقراض، في ظلّ ارتفاع درجات الحرارة.



من جهته، يقول نقيب المهندسين الزراعيّين في البصرة، علاء هاشم البدران، إنّ الارتفاع الكبير في درجات الحرارة خلال فصل الصيف تحوّل إلى سببٍ لعزوف المزارعين في البصرة عن الزراعة، في ظلّ صعوبة الحفاظ على المزروعات. ويشير إلى أنّ أصنافاً كثيرة من النباتات ستختفي من البيئة المحلية، موضحاً أنّ نسبة الأشجار القادرة على تحمّل درجات الحرارة المرتفعة باتت قليلة.

يشار إلى أنّ البصرة هي ثالث أكبر مدن العراق لناحية عدد السكان، وتشتهر بالزراعة منذ مئات السنين. وتكثر زراعة الحبوب في المناطق الشمالية المتاخمة للأهوار. أمّا في المناطق الغربية ذات البيئة الصحراوية، فهناك الآلاف من مزارع الطماطم، في وقت تنتشر فيه بساتين النخيل في أقضية أبي الخصيب وشط العرب والفاو. وخلال الأعوام الماضية، تضرّرت الزراعة في المحافظة بشدة من جرّاء ملوحة مياه شط العرب، والارتفاع الكبير في درجات الحرارة. كذلك، تراجعت أعداد أشجار النخيل من 33 مليوناً مطلع العقد الثامن من القرن الماضي إلى أقلّ من ثلاثة ملايين خلال المرحلة الحالية. ويوضح أنّ الكثير من أشجار النخيل لم تعد مثمرة بسبب قدمها إضافة إلى تضرّرها من جرّاء الحروب المتكرّرة، والآفات الزراعيّة، والجفاف، وملوحة المياه، إضافة الى موجات الحر التي أثّرت على الإنتاج الزراعي خلال الأعوام الأخيرة.

وكانت هيئة الأرصاد الجوية العراقية قد توقّعت أن تتجاوز معدّلات درجات الحرارة 50 درجة مئوية، مبيّنة أن درجات الحرارة هذه هي الأعلى منذ 30 عاماً.