لا تميّزوا بين الأبناء الذكور والإناث

01 اغسطس 2017
يلاعبان طفلهما (ناصر السهلي)
+ الخط -
ما زال التمييز بين الأبناء، بحسب الجنس، قائماً في الدنمارك، وإن يبدو ذلك غريباً. ويوافق نحو ثلث الدنماركيّين (32.2 في المائة) على التمييز بين الأبناء بحسب الجنس، حين يتعلّق الأمر بالهدايا والحقوق والواجبات. بيد أن الغالبية، أي بنسبة 60.8 في المائة، يرفضون التمييز. كذلك، يرفض أكثر من 70 في المائة التمييز بين الأخوة غير الأشقاء، و77 في المائة التمييز في ما يتعلق بالهدايا ومصروف الجيب، بحسب الجنس.

الدراسة التي أعدّها معهد "فيلكا" لصحيفة "يولاندس بوستن"، تظهر أنّ نسبة كبيرة من الدنماركيين ما زالت "تفضّل الذكور على الإناث". ويقول أستاذ علم النفس، جون هلسا، إنّ هذه النتيجة "مفاجئة نوعاً ما. عندما كنت طفلاً في الخمسينيات من القرن الماضي، كان ينظر بشكل إيجابي إلى التمييز بين الأبناء الذكور والإناث. لكن في الوقت الحالي، وفي ظل الإيمان بالمساواة في المجتمع، لم أتوقع وجود مثل هذه النسبة، التي توافق على التمييز بحسب الجنس".

في المقابل، ترى الطبيبة النفسيّة ومستشارة الأسرة، شارلوتا ديامنت، أن الدراسة قد لا تعكس صورة الدنماركيين الحقيقية. ثم تضيف: "رغم أنّنا لسنا مجتمعاً ذكورياً، إلّا أنّنا لسنا جميعاً متساوين". وترى أن الأهل لا يسعون إلى التمييز عادة، لكنّهم في الحقيقة يفعلون. ومن الطبيعي أن يترك الأهل الصبي يقوم بأعمال تتطلّب جهداً جسدياً، فيما يشجعون الفتيات على الطهي.

فرص متساوية

وترى ديامنت أنّه لا يتوجّب على الأهل بذل جهد لإقناع الفتاة بالقيام بالأشياء التي يفعلها الصبي عادة. لكن إذا ما أرادت الفتاة جزّ العشب، فلا يجب منعها بل تشجيعها. هذا التمييز، بحسب الطبيبة النفسية، هيلين كراسنيك، قد يؤدي إلى "حسد وشعور بالغيرة، ويؤثر نفسياً على مستقبل الأبناء". وتوضح أنّ ما يقوله الآباء والأمهات لأبنائهم يترك تأثيراً عليهم، لافتة إلى أن التفريق في المعاملة ليس أمراً سهلاً بالنسبة إلى الطفل.

في نزهة (ناصر السهلي) 


إلى ذلك، يرى باحثون أن منح الأطفال الانتباه والحب بشكل متساو لا يعني أنه لا يمكن التمييز، إذ يجب معاملة كل طفل بحسب طبيعته، إذ إن الأطفال يولدون في ظروف مختلفة داخل الأسرة، ومن الطبيعي أن يلقى الطفل الأول معاملة الطفل الوحيد، إلى أن يأتي الثاني، وينتقل الاهتمام إليه، وهكذا دواليك. وإذا ما صبّ الأهل اهتمامهم على تصوير الطفل الأول، فقد لا يهتمون بالأمر مع الطفل الثالث بسبب اختلاف الظروف. هنا، يجب أن يفكر الأهل ملياً، علماً أن هذا التصرف لا يعني أنهم لا يحبون طفلهم الثالث. وتقول كراسنيك إن بعض الأهل "يهتمون جداً بإعطاء مصروف الجيب بشكل متساو بين الأبناء تجنباً للمشاكل. لكن بحسب المعطيات على الأرض، عادة ما تكثر المشاكل بين الأشقاء من الجنس نفسه، خصوصاً بين الفتيات.

وبالنسبة إلى مستشارة الأسرة شارلوتا ديامنت، فإنّه من الضروري إثارة موضوع التمييز بين الجنسين، خصوصاً بعد النقاش حول الفتيات المتنافسات للحصول على العلامة التامة في امتحانات آخر السنة للتخرج، ما أدى إلى معاناتهن من مشاكل نفسية. وتشير إلى ضرورة أن يُفكّر الأهل والمجتمع في تأثير مواقفنا على أطفالنا ومستقبلهم في المجتمع. نحن نخلق صورة بأنّه على الفتيات أن يكنّ هادئات ومطيعات ويتصرفن بذكاء، بينما نرسل إشارات للصبية بأنهم عكس ذلك، ويمكنهم أن يتشاجروا ويتسلقوا الأشجار ويعودوا في وقت متأخر إلى المنزل.
ويرى أحد الباحثين أنّ معارضة 77 في المائة من الأشخاص للتمييز بين الأطفال (الذكور والإناث)، في ما يتعلّق بالهدايا والمصروف، أمر طبيعي ومتوقع، خصوصاً أنه غير صحي. إذ ليس من المعقول أن يحضر الأهل هاتف آيفون لأحد الأطفال، فيما لا يجلبون للآخر أي شيء.

تجدر الإشارة إلى أنّ الباحثين في مجال التربية والصحّة النفسية، يولون اهتماماً كبيراً بالتمييز بين الأبناء. ويرى البعض أنّ التمييز يؤدي إلى عدم توازن نفسي لدى الأطفال حين يكبرون. "يمكن للمرء أن يتخيل ما يعنيه تفضيل طفل على آخر، وهو ما قد يدفع الضحية إلى منافسة غير صحية. في العادة، نبعث برسالة إلى الفتيات بأن عليهن أن يكنّ أفضل من الفتيان للحصول على الرضا، والسعي إلى المنافسة ليصبحن هادئات وجميلات وناجحات في المجتمع، وأكثر اندفاعاً نحو تحديد ما يردن. هذا الأمر قد يدفع الفتيات إلى حياة يهيمن عليها الإجهاد"، بحسب المستشارة الأسرية شارلوتا ديامنت.