شبح الطعن بالسكاكين والخناجر يلاحق أطباء بغداد

26 يوليو 2017
لا أمان في شوارع بغداد(ماريو تاما/Getty)
+ الخط -




لا يعرف كثير من العراقيين أشهر سفاح ظهر في تاريخ العراق المدعو أبو طبر في سبعينيات القرن الماضي، والذي اتهم بارتكاب جرائم بشعة باستخدام الطبر، وهو أداة تشبه الساطور، ما أثار الرعب في قلوب العراقيين إلى أن ألقي القبض عليه وأعدم.

لكن من يعرف أبو طبر، ويقارنه بما يقوم به مجرمو العراق اليوم من قتل وطعن وتصفية للخصوم بمختلف الوسائل ومنها السكاكين، يكاد ينسى كل جرائم سفاح السبعينيات.

ونفذت خلال أيام قليلة داخل العاصمة العراقية بغداد ومحافظات أخرى جرائم طعن عدة بحق أطباء العراق، وخلصت إلى تصفية الضحايا بالسكاكين والخناجر في ظاهرة انتشرت داخل بغداد وخارجها لتمثل مصدر رعب للسكان.

وشملت قائمة الاغتيالات طعن طبيبة الأسنان شذى فالح، المختصة في مركز صحة الوشاش للرعاية الصحية الأولية بجانب الكرخ من بغداد، داخل منزلها المجاور لمستشفى الإسكان التعليمي، وسرقة مصوغات ذهبية ومبلغ مالي.

كما ضمت أيضاً الطبيب سليم عبد حمزة، والذي توفي إثر تعرضه لطعن مماثل بالسكاكين داخل عيادته في حي المعامل، شرقي بغداد، بالتزامن مع اختطاف رئيس قسم الجراحة بمستشفى الشعلة، الدكتور محمد علي زاير، من داخل عيادته، ثم الدكتور أحمد فهمي أخصائي جراحة الأعصاب والشرايين ببغداد.


وقال الأكاديمي رامي محمود لـ"العربي الجديد"، "إن ما يتعرض له سكان بغداد من اغتيالات بطرق عدة منها الطعن بالسكاكين له دوافع مختلفة منها سياسية وطائفية ومادية وحتى أخلاقية، لكن ذلك لا يعني أن الجاني لا يتعرض لعقاب في حال الإمساك به خصوصا إذا كانت دوافعه مادية ولا ينتمي إلى عصابة. أما إذا كانت الدوافع طائفية فإن القضية تسجل حتما ضد مجهول".

وأشار محمود إلى أن المحاكم العراقية تتلقى فعلا تسجيل دعاوى كثيرة في الآونة الأخيرة عن حالات القتل طعنا، داعيا الشخصيات العامة والأطباء إلى توخي الحذر وإلى إخبار الشرطة فورا حالما يكون هناك أمر يدعو إلى الريبة والشك.



وقال الناشط في جمعية "شباب من أجل السلام" محمد علي لـ"العربي الجديد" "هناك الكثير من الاغتيالات تتم تصفية الضحايا فيها بيد أشخاص يتعاطون الحشيش والمخدرات ومن أرباب السوابق، وغالبا ما تقف خلف تلك الاغتيالات جهات حزبية أو مرتبطة بشخصيات نافذة في الحكومة العراقية.

وليس الطعن بالسكين هو الوسيلة الجديدة التي تستخدم للتخلص من الضحايا، بل تنامت أيضا أخبار الانتحار والتي يعزوها كثيرون إلى أنها عمليات اغتيال مقصودة يجري الإعلان عنها بأنها انتحار".



وأشار إلى إن التفكك الأسري والعوامل الاقتصادية وانتشار المخدرات هي الأساس في استفحال الجريمة، فضلا عن غياب أو عدم تفعيل الإجراءات القانونية الرادعة بحق المجرمين، إذ ساهم اشتراك بعض المنتسبين إلى الأجهزة الأمنية مباشرة أو غير مباشرة في استفحال الظاهرة.

وخرج المئات من الأطباء العراقيين في تظاهرة حاشدة أمام مبنى مدينة الطب ببغداد، خلال مراسم تشييع جثمان الدكتور سليم عبد حمزة، مطالبين بمحاسبة القتلة وتفعيل قانون حماية الأطباء رقم (26) لعام 2013، والذي تنص مادته الأولى على حماية الأطباء من الاعتداءات والمطالبات العشائرية والابتزاز عن نتائج أعمالهم الطبية.

ودعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان الحكومة العراقية إلى أخذ دورها في حماية النخب المجتمعية من الأطباء والأكاديميين وكل شرائح المجتمع، محذرة من إفراغ البلد من الشرائح المهمة.

وبحسب مؤشر عالمي تصدره قاعدة البيانات الشهيرة نامبيو، ويتضمن تصنيفًا لـ117 دولة من دول العالم، احتل العراق المركز السابع عربيا بمعدلات الجريمة والسابع والثلاثين في الترتيب العالمي لعام 2016.

وحذر عضو نقابة الأطباء العراقية الدكتور وسام العاني، من "خطورة استهداف الكفاءات العراقية، وتداعيات ذلك على مستقبل البلاد"، وقال لـ"العربي الجديد" "عمليات استهداف الأطباء منظمة وتقف وراءها نفس الجهات التي سعت في السابق لإفراغ البلاد من كفاءاتها"، مبينا أنّ "هذه الحملة الجديدة ذات أبعاد خطيرة تهدد مستقبل البلاد، ما يحتم على الحكومة وضع حلول جذرية لهذه العصابات المنظمة التي تنفذ عملياتها من دون أن تتمكن القوات الأمنية من القبض عليها".



وأشار إلى "ضرورة وضع خطة مشدّدة لحماية وتأمين الأطباء العراقيين، حفاظا عليهم وعلى بقائهم في البلاد".

وأكد مسؤولون عراقيون أنّ عمليات الاستهداف التي طاولت الأطباء، هي "عمليات منظمة ولا يمكن أن تكون بدافع السرقة".

وقال عضو لجنة المصالحة الوطنية، النائب هشام السهيل، في تصريح صحافي، إنّ "هذه العمليات تسير وفق خطط مدروسة وممنهجة". ورأى أنّ "هذه العمليات تتطلّب جهدا استخباريا لمتابعتها وكشفها، فهي لا تقل خطورة عن الإرهاب".