جمعيات تونسية متّهمة بالإرهاب

03 يوليو 2017
تظاهرة دعماً لحقوق الإنسان في تونس (ياسين غيدي/ الأناضول)
+ الخط -
من حين إلى آخر، تُثار قضية تمويل الجمعيات في تونس، في ظل عدم التزام نسبة كبيرة منها بكشف مصادر تمويلها أو عملها وما إلى ذلك. وفي الوقت الحالي، لا تملك الدولة معلومات حولها، علماً أنها توجّه لها الإنذارات

مجدّداً، يعود الجدال حول تمويل الجمعيّات في تونس، تزامناً مع حملة مكافحة الفساد التي أعلن عنها رئيس الحكومة يوسف الشاهد. ورغم مساهمة مئات الجمعيّات في الكشف عن ملفّات فساد، وقيام أخرى بأعمال خيرية في مختلف جهات البلاد، إلا أنّ الآلاف منها تواجه تهم الفساد والتمويل الأجنبي. ومنذ سنوات، يطالب ممثلو بعض الجمعيّات وبعض السياسيين بتفعيل آليات الرقابة، خصوصاً على تلك التي تحصل على تمويل مشبوه وتعمل من دون رقابة. ويسمح القانون للجمعيّات بالتمتّع بالمساعدة العامة واللجوء إلى التمويل الأجنبي، لكنّه يمنعها من استعمال هذه الموارد في مساندة الأحزاب السياسية وتمويل الحملات الانتخابية أو إنفقاها في أعمال مخالفة للقانون.

ولا تملك الدولة قاعدة بيانات حول هذه الجمعيات، وحجم الموارد، ومصادر التمويل وكيفية صرف المال. ولدى 8 آلاف جمعيّة معرّفاً جبائيّاً من بين 20 ألف جمعية في البلاد، بحسب إحصائيات وزارة المالية. كذلك، لا تملك بقيّة الجمعيّات ملفات مالية أو جبائية، بحسب المدير العام لمركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق والجمعيات، نبيل عجرود.

وفي آخر تقرير صادر عن المرصد الدولي للجمعيّات والتنمية المستدامة حول حالة المجتمع المدني في تونس، سُجّلت 24 قضيّة قضائية. وطاولت قرارات التعليق نحو 164 جمعيّة، من بينها 79 تحوم حولها شبهات الإرهاب، فيما ما زالت البقية محلّ متابعة قضائية لإتمام إجراءات تعليق نشاطاتها. كذلك، طلب حلّ 151 جمعية عن طريق المكلف العام بنزاعات الدولة.

ويشير وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، مهدي بن غربية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى ضرورة مراجعة المرسوم المتعلّق بالجمعيات، الصادر أواخر سبتمبر/ أيلول في عام 2011، خصوصاً أنّه لا يحتوي على قوانين رادعة أو عقوبات على غرار غرامات مالية أو السجن في حال لم يقدم مؤسس الجمعية كل المعطيات (الأهداف وأنشطة الجمعية ومصادر التمويل)، أو عدم الإدلاء بكل تغيير يحدث حول هذه المعطيات.

ويضيف أنّ الوزارة تسعى إلى التوصّل لقانون جديد يحافظ على مستوى الحريات ويدعمها أكثر ويحدّد آليات رقابة أفضل. ولتحقيق هذا الهدف، ستكون هناك منصة إلكترونية تسمح للأحزاب والجمعيات بتقديم تقاريرها، وتتيح للإدارة التفاعل معها، وتتيح للناس الاطلاع على تقارير كافة الأحزاب والجمعيات. يضيف أن الدولة لا تستطيع مراقبة كلّ الجمعيات التي فاق عددها 20 ألف جمعية، باستثناء تلك التي تحوم حولها شبهات دعم الإرهاب أو غسل الأموال، أو مسائل تتعلق بتحويل الأموال.

وكانت رئاسة الحكومة قد دعت أخيراً الجمعيات المكوّنة بصفة قانونية إلى الالتزام بإعلام الكتابة العامة للحكومة بالتمويل الأجنبي الذي حصلت عليه، مع ذكر مصدره وقيمته وموضوعه، وإعلام العموم بكل ذلك في إحدى وسائل الإعلام المكتوبة.

كذلك، أكدت رئاسة الحكومة أنّه يتعين على كل جمعيّة استفادت من التمويل العام إعداد تقرير سنوي حول مصادر تمويلها ونفقاتها، يقدّم إلى دائرة المحاسبات في أقرب وقت. وقرّر رئيس الحكومة منح الجمعيات مدة شهر لنشر المساعدات والتبرعات والهبات الأجنبية التي حصلت عليها، وذكر مصادرها وقيمتها وموضوعها.

يشار إلى أنّ الحكومة وجهت خلال الأشهر الأخيرة نحو 825 تنبيهاً، يتعلق نحو 741 منها بالمخالفات المالية، أي عدم الإعلان عن التمويل العام أو الأجنبي، إضافة إلى 84 تنبيهاً موجهاً إلى جمعيات تطاولها شبهات تتعلق بالإرهاب.

ويفرض المرسوم رقم 88 الصادر في عام 2011 على الجمعيّات المستفيدة من المال العام رفع تقرير مفصّل حول تصرّفها في مواردها إلى دائرة المحاسبات. رغم ذلك، فإنّ 1500 جمعية فقط قدمت تقارير حول مداخيلها ومصاريفها في عام 2014. وحتّى نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني في عام 2015، لم تقدم إلّا 20 مؤسسة عامة تقارير حول تمويلها جمعيات.

تجدر الإشارة إلى أنّ مصالح رئاسة الحكومة أشارت منذ عام 2014 إلى الشروع في إعداد مشروع قانون أساسي خاص بتنظيم الجمعيات، بدلاً من المرسوم رقم 88 الذي صدر في عام 2011، بسبب تضمّنه ثغرات شكلية وموضوعية في تطبيق مضامين الدستور، الذي نص على سن قانون أساسي يتعلق بتنظيم الجمعيات. كذلك، أظهرت الممارسات مشاكل في تطبيق المرسوم رقم 88، خصوصاً على مستوى ملف تكوين الجمعيات وآليّات الرقابة، إضافة إلى الفراغ القانوني على مستوى متابعة أنشطة الجمعيّات.
المساهمون