أكثر من 13 ألف شخص تضرروا بشكل مباشر من حصار قطر

02 يوليو 2017
توصلت اللجنة القطرية لحقوق الإنسان بمئات الشكاوى (العربي الجديد)
+ الخط -
أعلنت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر أن ما لا يقل عن 13314 شخصًا قد تضرروا، بشكل مباشر، من الحصار الذي تفرضه ثلاث دول خليجية، هي السعودية الإمارات والبحرين، على دولة قطر.

وقالت اللجنة، في تقرير أصدرته اليوم السبت، إن "الانتهاكات التي طالت هؤلاء المتضررين تشمل مئات الأسر، وانتهاك حق التنقل والتعليم والصحة والعمل وحرية الرأي والإقامة والتملك، إضافة إلى الحرمان من ممارسة الشعائر الدينية والتحريض على العنف والكراهية".


واستعرض التقرير، وهو الثاني من نوعه منذ بداية الأزمة، الشكاوى التي تلقتها اللجنة إثر الانتهاكات التي لحقت بمواطني دولة قطر، جراء الحصار، ومنعهم من دخول أراضي الدول الثلاث التي أجبرت أيضًا مواطنيها على مغادرة دولة قطر في غضون أسبوعين.

ووصف التقرير الإجراءات التصعيدية التي اتخذتها دول الحصار الثلاث، في الخامس من شهر يونيو/حزيران الماضي، بأنها "حادة وصادمة"، حيث شملت إغلاق المجال البحري والبري والجوي، ليس فقط في وجه التجارة والبضائع؛ بل طال أيضًا المواطن الخليجي، في سابقة لم تشهدها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من قبل، ضاربة بذلك عرض الحائط بجميع المبادئ والمعايير الحقوقية والإنسانية وتبعاتها القانونية.

وأشار التقرير إلى توصل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بمئات الشكاوى، سواء عبر البريد الإلكتروني أو عبر الهاتف، أو عبر زيارات مباشرة إلى مقر اللجنة، مبينًا أنه، حسب البيانات التي تحصلت عليها اللجنة الوطنية، فإن ما لا يقل عن11387 مواطنًا من دول الحصار الثلاث يقيم في دولة قطر؛ بينما يقيم قرابة 1927 مواطنًا قطريًّا في تلك الدول، تضرروا جميعهم في نواح وقطاعات مختلفة، وبشكل متفاوت، وصل في بعض الحالات إلى أن تقوم بعض دول الحصار بالفصل بين الأم وأولادها.



وبخصوص الخطوة التي اتخذتها دول الحصار الخليجية الثلاث بمراعاة الحالات الإنسانية للأسر المشتركة، السعودية والبحرينية والإماراتية والقطرية، اعتبرت اللجنة القطرية لحقوق الإنسان هذا الأمر خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها طالبت الدول الثلاث بتوضيح آليات التنفيذ أولًا، وضرورة أن تشمل جميع النواحي الحقوقية والقانونية.

ونبّهت اللجنة، في التقرير، إلى أنه في بعض الحالات تعرض الشخص الواحد لأكثر من نوع من الانتهاكات، واستعرض في الوقت نفسه شهادتين أو أكثر من الضحايا عن كل صنف منها، كما أورد جدولًا تم خلاله توزيع الشكاوى حسب نوعها والبلد المتسبب بها.


وقالت اللجنة، في تقريرها، إن ما تم توثيقه يبقى في الحد الأدنى، خاصة أن كثيراً ممن تعرضوا للانتهاكات لا يعلمون بوجود آليات تقديم الشكاوى، كما أن لدى كثير منهم خوف حقيقي من اتخاذ إجراءات انتقامية بحقهم من قبل سلطات بلدانهم، إضافة إلى وقوع انتهاكات بحق أطفال ممن هم دون سن الـ18 عامًا، وبالتالي فهم لا يمتلكون هوية؛ مما يعني أن الإحصائيات الواردة في التقرير لا تشمل عددًا كبيرًا منهم.

ولفتت إلى أن الحكومة القطرية لم تقم بأي إجراء بحق مواطني دول الحصار الثلاث، ولم تتلق اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أية شكوى في هذا الخصوص، وأشار إلى أن حكومات كل من السعودية والإمارات والبحرين انتهكت، عبر قراراتها، عدة قواعد وقوانين رئيسة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، والتي باتت من أبسط وأساسيات الركائز الحقوقيّة، وتتمتع لبساطتها واتساع نطاق تصديقها وتطبيقها بصفة العرف الدولي.

وأكدت أن الدول الثلاث انتهكت، على نحو صارخ، عدة مواد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومواد أخرى في كل من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 4 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، إضافة إلى مواد في كل من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وإعلان حقوق الإنسان لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والاتفاقية الاقتصادية بين دول مجلس التعاون؛ وبالتالي تتحمل تلك الدول مسؤولية حماية وحفظ حقوق ومصالح الأفراد المقيمين على أراضيها.



وطالبت اللجنة المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لرفع الحصار عن قطر، وبذل كل الجهود الممكنة لتخفيف تداعياته على المتضررين منه من سكان دولة قطر ومن مواطني الدول الثلاث التي قامت به، كما حثت الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان على اتخاذ خطوات سريعة لإرغام الدول التي أصدرت قرارات جائرة بحق قطر على التراجع عنها.


وشددت على ضرورة إعداد المفوضية السامية لحقوق الإنسان تقارير وبيانات توثّق مختلف أنواع الانتهاكات التي طالت أعدادًا هائلة من الأفراد، وبشكل خاص فيما يتعلق بتشرّد العائلات، بما يشمل تداعياتها المرعبة على النساء والأطفال إثر تفكك الأسر، ومطالبة الدول باحترام الحريات الأساسية للقائمين على أراضيها.

كما حثت اللجنة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة على اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة في سبيل رفع الحصار، وما نجم عنه من انتهاكات، والمطالبة بتعويض كافة الأضرار التي لحقت بجميع الأفراد.

وأوصت المقررين الخاصّين في مجلس حقوق الإنسان بتوثيق استمارات تتضمن مختلف أنواع الانتهاكات التي حدثت، ومراسلة الحكومات المعنية في هذا الصدد على وجه السرعة، مؤكدًا على أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على استعداد تام لتزويد المقررين وجميع الجهات بكامل البيانات التي لديها، كما أكد التقرير على وجوب قيام الأمانة العامة لمجلس التعاون، وخاصة هيئة تسوية المنازعات التابعة للمجلس الأعلى، بالتحرك بالسرعة القصوى، وبذل كافة الجهود لإقناع حكومات الدول للبدء بتسوية أوضاع العوائل والمواطنين الاجتماعية والاقتصادية والمدنية والثقافية.

ودعت كل من السعودية والإمارات والبحرين لمراعاة خصوصية المجتمعات الخليجية، وعدم اتخاذ قرارات تساعد في قطع أوصال الأسر والمجتمعات، والتراجع عنها في أسرع وقت ممكن.

وطالبت هذه الدول باحترام حقوق الإنسان الأساسية في التنقل والملكية والعمل والإقامة والتعبير عن الرأي المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والميثاق العربي المشترك لحقوق الإنسان، وأشار إلى ضرورة تحييد الملف السياسي عن التأثير على الأوضاع الإنسانية والاجتماعية، وعدم استخدامه ورقة ضغط؛ وذلك لمخالفته القانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.