الخليج بعد 2020

23 يونيو 2017
بات متشائماً (جيوسيبي كازاتشي/ فرانس برس)
+ الخط -
قبل عام، كنت أناقش صديقاً خليجياً في ما ستكون عليه الأوضاع في المنطقة بحلول العام 2025. خلال لقائنا قبل يومين ذكّرني بمناقشتنا السابقة، وكان واضحاً أن الكثير من تصوّراته قد تغيرت، بل إن تفاؤله السابق تبدّل إلى عدم وضوح رؤية محفوف بالمخاطر.

في نقاشنا الأول قال لي الصديق، وهو أكاديمي درس إدارة الأعمال في أوروبا: "انظر إلى وضع بلادنا الآن مقارنة بما كانت عليه قبل 20 سنة، نحن نتطور سريعاً، ونتعلم جيداً، وننفتح على العالم، ولدينا أغلب مظاهر الحداثة"، قبل أن يؤكد: "كنا نتغير مع تغير العالم، ثم أصبحنا أحد أسباب تغير العالم"، مشيراً إلى الاستثمارات الخليجية المتزايدة في أنحاء العالم، وتأثيرها المباشر على القرار العالمي.

وقتها لم أختلف معه كثيراً، فأنا أيضا ألحظ هذا وأتابع تطوره. كانت أبرز ملحوظات تتعلق بظاهرة بذخ الإنفاق، لكني هذه المرة عاجلته بمزيد من الملحوظات الإضافية التي كان أبرزها تدهور أوضاع الحريات في الخليج، وهي الأزمة التي يجب مناقشتها بجدية كونها أصبحت سبباً رئيسياً في توتر العلاقات بين المواطنين، وبين الحكام والمحكومين، في حين بات العالم ينظر إلى الحريات الشخصية باعتبارها من المقدسات.

كنت وصديقي، وما زلنا، متفقين على أن ما بعد 2025 في الخليج العربي سيكون مختلفاً عن ما كان عليه في العقد الأول من الألفية الثالثة، ومختلفاً بشكل جذري عما كان عليه في العقدين الأخيرين من الألفية الثانية، لكن رؤيتنا لمآلات التطورات الجارية في المنطقة طغت على تصوراتنا لما يمكن أن يكون عليه المستقبل القريب.

كان يرى أن مزيداً من التطور سيحدث داخل المجتمع الخليجي بما يحوله إلى مجتمع عصري بالكلية، وإن كان يرى أن ذلك ربما يتخذ صيغاً غريبة أو صادمة، وأنا اتفقت معه على حتمية التطور بالنظر إلى تغير تركيب وثقافة وطريقة تفكير المواطنين بفعل التعليم والتفاعل مع الآخرين والخروج من المحيط القبلي الضيق إلى الكون الفسيح، لكني مثله أخشى من تداعيات تلك التحولات التي تصطدم بثوابت مجتمعية ودينية راسخة.

هو يرى أن الأزمة الخليجية الأخيرة أظهرت الجانب السلبي في شخصية المواطن الخليجي، ودفعته إلى اللجوء إلى تصرفات غير متوقعة، بينما أرى أن اشتباك المواطنين مع الأزمة كان ضرورياً، وأنهم سيخرجون منها بكثير من الدروس المستفادة، حتى لو لم يكن هذا ظاهراً للعيان بعد.

كان صديقي يجادل سابقاً في ما ستكون عليه الأوضاع في دول الخليج عام 2025، لكنه الآن لا يستطيع أن يحدد طبيعة ما سيكون عليه الخليج بحلول 2020، وبينما بات متشائماً فإنني لم أفقد تفاؤلي بعد.

المساهمون