"هيومن رايتس ووتش" تجدد دعوتها مصر لتعليق عقوبة الإعدام

12 يونيو 2017
ضدّ الإعدام (أحمد إسماعيل/ الأناضول)
+ الخط -





دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" السلطات المصرية إلى تعليق عقوبة الإعدام، مستنكرة صدور أحكام عسكرية بإعدام ثمانية من شباب المنصورة في الدقهلية (شمال) متهمين بقضية "قتل الحارس".

وكانت محكمة عسكرية قد قضت بالإعدام على ثمانية من شباب مصر، ستّة منهم محتجَزون، في 29 مايو/أيار 2016، بعد محاكمتهم بتهم إرهاب. كذلك رفضت المحكمة العسكرية العليا للاستئناف طعن المتّهمين.

وبيّنت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها أصدرته اليوم الأحد، أنّ المحاكمة العسكرية حرمت المتّهمين "من حقهم في الإجراءات القانونية اللازمة، بالاستناد إلى اعترافات قال المتّهمون إنها انتُزعت تحت التعذيب". وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، جو ستورك، إنّ "السلطات المصرية تستخدم المحاكمات العسكرية لتفادي الحماية القانونية الضعيفة أصلاً الواجبة في المحاكم العادية، ونخشى أن يصبح دور هذه المحاكم بمثابة تمرير شكلي لعقوبة الإعدام".

في السياق، دعت المنظمة إلى إلغاء أحكام الإعدام وطالبت النيابة العسكرية بإسقاط الدعوى أو توجيه التهم إلى المتّهمين أمام محكمة عادية في حال وجود أدلة ضدهم. وكشفت المنظمة أنّها راجعت لوائح اتهام الادعاء العسكري التي تألفت من 20 صفحة، ومذكرة الدفاع المؤلفة من 149 صفحة، وحكم المحكمة العسكرية المؤلف من 37 صفحة. كذلك أجرت مقابلات مع محامِيَيْ دفاع ومتهم واحد محكوم بالإعدام يعيش خارج مصر وأقارب خمسة متّهمين آخرين.

وأوضحت المنظمة أنّ خمسة من المتّهمين كشفوا لأقاربهم أنّ المحقّقين عذّبوهم بالضرب والصدمات الكهربائية وعلقوهم بوضعيات متعِبة ومؤلمة، وثلاثة منهم قالوا إنّهم أجبروا على قراءة اعترافات مكتوبة لهم. إلى ذلك، قال اثنان لأقاربهما إنّ "إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع" التابعة لوزارة الدفاع احتجزتهما في حيّ مدينة نصر في القاهرة، في منشأة تأكدت "هيومن رايتس ووتش" بطريقة مستقلة من أنّها تابعة للاستخبارات العسكرية، ولم يتسنَّ لهما التواصل مع محامين أثناء احتجازهما أو استجوابهما أو الاستجواب الأوّلي من قبل النيابة العسكرية.

وكان الثمانية المحكوم عليهم بالإعدام من بين 28 شخصاً حوكِموا معاً وقد اتُّهموا بالإرهاب، واحد منهم فقط عسكريّ بالجيش. وقد حكمت المحكمة على ثمانية بالإعدام وعلى 12 آخرين بالسجن المؤبد وعلى ستّة بالسجن 15 عاماً، فيما برّأت شخصَين اثنَين.

وقد أشارت المنظمة إلى أنّ المحاكم العسكرية حكمت على ما لا يقلّ عن 60 مدعى عليهم بالإعدام في 10 قضايا على أقلّ تقدير منذ عام 2013. وجرت الموافقة على ستّة من تلك الأحكام وتنفيذها. إلى ذلك، حاكمت السلطات المصرية أكثر من سبعة آلاف و400 مدني في المحاكم العسكرية منذ إصدار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قانوناً في أكتوبر/ تشرين أول 2014 وسّع فيه نطاق اختصاص المحكمة العسكرية.

تجدر الإشارة إلى أنّ محاكمة هؤلاء بدأت بما يُعرَف بالقضية 174 لسنة 2015، في 17 سبتمبر/ أيلول 2015. وقد وجّه وكلاء النيابة العسكرية للرجال تهم تصنيع المتفجرات، والحصول على أسرار دفاعية، وحيازة الأسلحة، وانتهاك المادة 86 من قانون العقوبات - القانون الأساسي المصري لمكافحة الإرهاب. وينصّ القانون على عقوبة السجن مدى الحياة أو الإعدام لأيّ شخص يساعد في قيادة جماعة تستخدم الإرهاب بهدف "تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي". وبموجب المادة 86، يُمكن لأيّ شخص يزوّد مجموعة كهذه بالمال أو الأسلحة أو المتفجرات أن يُحكَم بالإعدام.



واستندت لائحة الاتهام التي راجعتها "هيومن رايتس ووتش" بصورة كاملة إلى شهادة الضابط في مجموعة المخابرات العسكرية 77 الرائد هاني سلطان. فقد شهد سلطان أنّه في 24 مايو/ أيار 2015، أثناء تفتيش روتيني للقوات العائدة من الإجازات، اكتشف أفراد عسكريون قلماً يحوي كاميرا في حوزة مجنّد معيَّن في الأمانة العامة لوزارة الدفاع. وشهد سلطان أنّه تمكّن بعد استجواب المجنّد من الكشف عن المؤامرة وتحديد أعضاء "الخلية الإرهابية".

لم يتّهم وكلاء النيابة أيّاً من المدّعى عليهم الثمانية والعشرين بأعمال عنف، لكنّهم قالوا إنّهم كانوا يحضّرون لهجمات من خلال تخزين الأسلحة ومراقبة مسؤولي الأمن، بمن فيهم رئيس قوات الأمن المركزي في وزارة الداخلية اللواء مدحت المنشاوي، الذي أمر بفض وحشيّ لاعتصام في القاهرة في عام 2013 أسفر عن مقتل 817 متظاهراً على أقلّ تقدير في يوم واحد.

تجدر الإشارة إلى أنّه في مارس/ آذار وإبريل/ نيسان من عام 2017، أرسلت "هيومن رايتس ووتش" برقيات إلى ستّ مؤسسات مصرية، منها الرئاسة ووزارة الدفاع، أعربت فيها عن قلقها الشديد بشأن أحكام الإعدام الصادرة في المحاكم العسكرية. وحثّت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الدفاع صدقي صبحي، على عدم التصديق على أحكام الإعدام في هذه القضية من بين أخرى.

وشدّدت المنظمة على ضرورة أن تعلّق السلطات المصرية استخدام عقوبة الإعدام في كل المحاكم العادية والعسكرية، ويعود ذلك إلى الارتفاع الحاد في عدد أحكام الإعدام واضطراب الأوضاع السياسية وعدم إصدار قانون شامل للعدالة الانتقالية في مصر، مذ عزل الجيش أول رئيس منتخب بطريقة حرّة في البلاد في يوليو/ تموز 2013.

في سياق متصل، كان ستّة رجال قد أعدِموا في عام 2015 بعد محاكمة عسكرية غير عادلة اتُّهموا فيها بالمشاركة في هجمات على قوات الأمن، منها تبادل لإطلاق النار أسفر عن مقتل عناصر في الجيش. في هذه القضية، أثبتت "هيومن رايتس ووتش" أنّ ثلاثة من هؤلاء لا يمكن أن يكونوا قد شاركوا في الهجمات لأنّ السلطات كانت قد اعتقلتهم قبل ذلك بشهور، بالتالي كانوا محتجزين في ذلك الوقت. على الرغم من ذلك، نُفّذ بهم حكم الإعدام شنقاً بعدما وافق صبحي والسيسي على حكمَيهما.