طلاب ممنوعون من الصلاة في ألمانيا

03 مايو 2017
لا بدّ من عدم المس بحريّة الآخرين(رافاييل لوجيرو/فرانس برس)
+ الخط -

حظرت مدرسة ألمانية في مدينة فوتربال، الواقعة في ولاية شمال الراين فستفاليا، غربي البلاد، الصلاة بطريقة علنية في حرمها، الأمر الذي أثار جدالاً، وتحفّظ عليه مسلمون كثيرون. بالنسبة إلى هؤلاء، لا يحقّ للمدرسة إغلاق المكان المخصص لصلاة التلاميذ المسلمين فيها، في حين لا تتوفّر أسباب وجيهة وموجبة لذلك. وجاء التوجيه بالحظر المرسل من قبل إدارة المدرسة، بحسب موقع "هاف بوست" الألماني، بعد ملاحظة تلاميذ وتلميذات مسلمين يصلون بطريقة ظاهرة للعيان مع الوضوء في دورات المياه العامة ومدّ سجادات الصلاة في مباني المدرسة.

في خطوة مماثلة، أعلنت جامعة برلين التقنية عن إغلاق غرفة الصلاة الخاصة بالمسلمين، وكذلك جامعتا دورتموند وآيسن أخيراً. وبرّر رئيس جامعة برلين التقنية الأمر لوكالة الأنباء الألمانية، قائلاً إنّه "على اقتناع تام بوجوب فصل الدين عن التعليم في الجامعة الحكومية". ووفقاً للقرار، لن تكون الغرفة المخصصة للصلاة والقاعة الرياضية التي تستخدم عادة لأداء المسلمين فرائضهم، متاحتَين لهم بعد الآن. وبحسب الموقع الإخباري نفسه، فقد صرّح رئيس الجامعة بأنّهم لا يملكون أدلّة على وجود سلفيين، والسبب الوحيد لذلك الحظر هو فصل المرفق الحكومي عن الكنيسة والدين عموماً. وأشار إلى أنّ غرفة الصلاة أنشئت قبل سنوات عندما لم تكن العاصمة برلين تضمّ جوامع كثيرة. أمّا اليوم، فقد اختلف الحال، وصار في إمكان الطلاب المسلمين التوجّه إلى الجوامع القريبة. من جهتها، برّرت جامعة دورتموند قرار إغلاق "الغرفة المخصصة للتأمّل"، بالقواعد التمييزية التي وضعها الطلاب المسلمون. وأوضحت أنّه كان من المفترض الحفاظ على حيادية تلك الغرفة، إلا أنّ هؤلاء الطلاب وضعوا نسخاً من القرآن وسجادات صلاة في جزء كبير من الغرفة، في حين قسموها بستائر لتخصيص قسم للطالبات.

سامية، طالبة عربية في إحدى الجامعات الألمانية، تقول إنّ "توفّر مكان للصلاة في الجامعة أو المدرسة أمر لا بدّ منه، وهو حقّ لا يمكن التنازل عنه. فالصلاة ركن أساسي في الإسلام، ولا يمكن أن يمضي المرء حياته وهو يجمع فروض الصلاة ليؤدّيها مرة واحدة في المنزل". تضيف: "لكنّ من المهم كذلك ألا يكون مكان الصلاة في الجامعة أو المدرسة في موقع يعيق حركة الآخرين أو يعرقل طريقهم".




أمّا وفاء محمد، فتقول: "خلال دراستي الجامعية، أمّن شباب مسلمون زاوية صغيرة للصلاة ووضعوا فيها بعض السجادات. لكنّ تلك الزاوية لم تكن في طريق أحد ولم تضايق أحداً أو تحصر حركته، وهذه نقطة مهمّة". تضيف: "إذا كانت لدينا الحرية لممارسة ديننا، فلا بدّ من عدم المس بحريّة الآخرين. في النهاية، قيمة الدين الإسلامي هي أكبر من أن نصلّي في زاوية".

في السياق، يقول الراهب شبايس بروت، لـ"العربي الجديد"، إنّه "من المهم وجود مكان للصلاة، في حال عدم وجود مسجد قريب من الجامعة أو المدرسة. لكن، في حال أمّنا غرفة صلاة للمسلمين، ألا يحقّ للآخرين من الأديان والمذاهب الأخرى المطالبة بتأمين أماكن صلاة لهم؟".

من جهته، يقول أستاذ أصول الفقه في جامعة الأزهر الدكتور خالد حنفي، وهو المستشار الشرعي لمركز تشريع في فرانكفورت ورئيس لجنة الفتوى في ألمانيا، إنّ "الاستفزاز مرفوض من الطرفَين إن حدث. من غير المقبول استفزاز المدرسة للتلاميذ عبر منعهم من الصلاة التي يسمح بها القانون أو تقديم ذلك بأسلوب لا يفهمه التلاميذ، كذلك فإنّ الاستفزاز من قبل التلاميذ المسلمين مرفوض". ويشرح أنّ هذا "الاستفزاز يكون في حال صلّوا من دون إذن المدرسة أو في مكان مفتوح أو شوّشوا بصلاتهم على التلاميذ أو قطعوا الدراسة للصلاة أو أساؤوا استخدام مرافق المدرسة استعداداً للصلاة. فالصلاة تعلّم النظام والسكينة ومراعاة مشاعر الآخرين".

وينصح حنفي "التلاميذ والطلاب المسلمين في المدارس والجامعات أن يتصرّفوا بتحضّر محترمين القانون سواء سمح لهم بالصلاة أم منعهم منها. فإن سمح لهم بالصلاة، أقاموها بهدوء ونظام واقتصروا في وضوئهم على مسح الجوارب من دون غسل القدمين وأدّوها في وقت الراحة في المكان المخصص لها من قبل المدرسة، مع تجنّب أيّ صورة من صور التبشير من قبيل توزيع المصاحف وما شابه، بالإضافة إلى أداء الصلاة على أنّها فريضة مهمّة في الإسلام وترتبط بوقت محدد لا يصلح تأجيله". ويتابع: "وفي حال منعوا من أداء الصلاة، لا بدّ من تجنّب التشويش والقدح. وعليهم السعي إلى بيان موقفهم عبر القنوات القانونية والتواصل الإيجابي الحضاري مع المدرسة".

دلالات