الطفل وحيوانه الأليف... الكلاب والقطط ليست حلاً

09 ابريل 2017
لا تنسوا تحصينه باللقاحات اللازمة (روبين بيك/ فرانس برس)
+ الخط -

في أحيان كثيرة، يلحّ الأطفال على ذويهم لشراء كلب أو اصطحاب قطّ صادفوه في الطريق. بعضهم يرفض بطريقة قاطعة، فيما لا يجد آخرون مشكلة في الأمر. يُذكر أنّ ذلك ليس مجرّد نزوة.

يُسجَّل في الآونة الأخيرة توجّه نحو تربية الحيوانات الأليفة، لا سيّما في العائلات التي تضمّ أطفالاً. ويعيد البعض ذلك إلى أنّ ثمّة خبراء في الصحة النفسية يشجّعون الأمر لما فيه من فائدة للصغار. هؤلاء يجدون فيه وسيلة علاج حديثة لأزمات نفسية قد يعانيها الطفل.

ورعاية الحيوانات الأليفة تُعَدّ في كلّ الأحوال فرصة جيّدة للأطفال ولجميع أفراد العائلة كذلك. من خلالها، يمكننا أن نتعلّم جملة من المعاني الجميلة، لا سيّما تحمّل المسؤولية وتقديم الرعاية بالإضافة إلى الحنان والصبر والنظافة والرفق بالحيوان، ونتعلّم كذلك القدرة على استنباط حاجة الحيوان انطلاقاً من حركاته. بالتالي، تمثّل رعاية الحيوانات الأليفة فرصة للأطفال لتنمية مهاراتهم وقدراتهم العقلية. لكنّ الأمر قد يتحوّل إلى ما يشبه الهوس، وهنا تبرز خطورة تعلّق الصغير بحيوانه.

سدّ فراغ

وتتحدّث الاختصاصية في علم النفس العيادي، دالين باسط، عن خلفيّة تعلّق الأطفال بالحيوانات الأليفة، لافتة إلى أنّه "في البداية لا بدّ من تحديد هويّة الطفل الذي يتعامل مع تلك الحيوانات ووضعه. على سبيل المثال، لا بدّ من التحديد إذا كان الصغير سليماً لجهة صحته النفسية، أو إذا كان يعاني من اضطراب من قبيل التوحّد، أو إذا كان وحيد عائلته. ولا بدّ من تحديد ما هو دور الحيوان الأليف في حياة طفل معيّن. إذا كان الأمر مجرّد اهتمام بالحيوان، فهذا أمر طبيعي. أمّا إذا أصبح الحيوان الأليف عالمه الوحيد، فهذا يشير إلى مشكلة نفسية لديه".

وتشرح باسط لـ "العربي الجديد" أنّ الطفل قد يميل إلى العزلة، "وفي عالمه الخاص يرغب في أن يكون الحيوان الأليف إلى جانبه. لكنّ المشكلة الكبرى قد تقع في حال اعتاده الصغير وفقده في يوم. من شأن ذلك أن يؤثّر سلباً على سلوكه وحالته النفسية". وتحذّر من أن "يتحوّل الحيوان الأليف إلى وسيلة لسدّ فراغ معيّن في العائلة. هذا أمر غير سليم. ولا بدّ من أن نحدد الإطار الخاص بالحيوان في حياة الطفل". وتشدّد على أنّه "في حال كانت تربية الحيوان الأليف تأتي بطريقة طبيعية، فهذا أمر مفيد. أمّا إذا تحوّل إلى محور تفكير الصغير، فهنا تكمن المشكلة. لا شكّ في أنّ ذلك سوف يخلّف آثاراً نفسية عليه، في ظل التغيّرات الحياتية اليومية ومع غياب الأهل عن المنزل بهدف العمل أو غير ذلك. هكذا، يكون الحيوان الأليف تعبئة لـفراغ عاطفي لدى الطفل".




ليس علاجاً

من جهته، يصوّب الطبيب المتخصص في الأمراض النفسية (للأطفال والمراهقين)، الدكتور جون فياض، السائد في هذا السياق، موضحاً أنّ "الحيوان الأليف عامل مساعد وليس علاجاً نفسياً". ويقول لـ "العربي الجديد" إنّه "منذ زمن بعيد، نلاحظ رغبة لدى أطفال كثيرين في تربية حيوانات أليفة كتعبير عن مشاعر داخلية نفسية. وقد بيّنت دراسات طبية نفسية أخيرة أنّ الاهتمام الكبير الذي يبديه طفل إزاء حيوان أليف يأتي مرتبطاً بأزمة نفسية يعاني منها، فيحاول التخفيف عن نفسه عبر الاعتناء بكلب أو قطّة أو حصان على سبيل المثال. فإنّ ذلك يمنحه اطمئناناً نفسياً وكذلك هدفاً لحياته، فيما يجعله يتدرّب على كيفية تحمل المسؤولية". ويضيف أنّ "الأطفال الذين يشعرون بالوحدة وبأنّهم لا يلقون اهتماماً من قبل أهلهم أو اليتامى أو المعنّفين نفسياً، يلجؤون إلى تربية الحيوان للتخفيف من أزماتهم النفسية". وإذ يشير إلى أنّ "الامر يتوقّف على تقبّل الأهل لهذه الطريقة العلاجية"، يشدّد على أنّها "قد تساعد الطفل لكنّها ليست الحلّ، بالتالي لا يمكننا تعميمها كعلاج نفسي".

صديق وفيّ

في السياق نفسه ، يعيد الطبيب البيطري، الدكتور فضل الله منير، لجوء الطفل إلى العناية بحيوان أليف إلى "نقص عاطفي". ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ "الطفل يلجأ عادة إلى تربية حيوان أليف وقد عَدّه صديقاً له. فهو قد يفشي له أسراره التي يخفيها عن أهله، لا سيّما إن كان يشعر بالوحدة وبألم نفسي. هو في حاجة إلى رفيق، لذلك تساعده تربية الحيوان الأليف في الخروج من أزمته النفسية". ويشير إلى أنّه "في الفترة الأخيرة، لاحظنا إقبالاً كثيفاً على الحيوانات الأليفة، خصوصاً القطط والكلاب. فالأطفال يرغبون في تربيتها. لكنّ المهم هو أن يخضع الحيوان الأليف إلى كشف صحيّ دقيق ويحصل على اللقاحات البيطرية الضرورية من قبل الطبيب المختص، قبل حمله إلى المنزل. وذلك من أجل حماية صحة الطفل من أيّ جراثيم قد تنتقل إليه، من قبيل تلك التي تسبّب داء الكلب".

التحصين ضروري

ويطمئن الطبيب المتخصص في أمراض الدم والأورام لدى الأطفال، الدكتور بيتر نون، الأهل "بعدم وجود مشكلة في تربية حيوان أليف في المنزل، شريطة أن يكون محصّناً باللقاحات الضرورية". ويقول لـ "العربي الجديد" إنّه "لا مشكلة إذا كان الطبيب البيطري يتابعه باستمرار، حتى لا يمثّل أيّ خطر على صحة الطفل". ويشدّد على "ضرورة عدم جلب حيوان أليف من جهة غير معروفة ومن دون تحصينه باللقاحات الخاصة. من شأن ذلك أن يهدّد صحة الطفل والعائلة على حدّ سواء".