كلما زاد الوقت الذي يمضيه الشباب على منصات التواصل الاجتماعي كلما زاد احتمال شعورهم بالعزلة الاجتماعية. جاء ذلك ضمن نتائج دراسة حديثة نشرت على موقع جامعة "بتسبرغ" الأميركية، وفي المجلة الأميركية للطب الوقائي.
أشارت نتائج الدراسة إلى أنّ وسائل التواصل الاجتماعي لا تقدم حلاً سحرياً للمساعدة في التقليل من العزلة الاجتماعية، وهو ما يحدث عندما يفتقد الشخص الإحساس بالانتماء الاجتماعي والاندماج الحقيقي مع الآخرين ويبتعد عن العلاقات المباشرة.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة براين بريماك، أستاذ الطب وطب الأطفال والعلوم الإكلينيكية في جامعة "بيتسبرغ": "هذه مسألة مهمة فمشاكل الصحة العقلية والمجتمعية قد وصلت إلى مستويات وبائية بين الشباب". أضاف: "نحن في طبيعتنا مخلوقات اجتماعية، لكنّ الحياة الحديثة تميل نحو تفريقنا بدلاً من جمعنا. ففي حين تبدو وسائل التواصل الاجتماعي فرصة لمدّ حبال الاجتماع الإنساني وملء الفراغ بين الناس، فإنّها قد لا تكون الحلّ الأمثل الذي يأمل البعض أن يجمع الناس".
قاس الباحثون العزلة الاجتماعية عند المشاركين في الاستبيانات، مع تنبههم إلى العوامل الأخرى الاجتماعية والديموغرافية، ووجدوا أنّ من يمضون ساعتين يومياً أو أكثر على وسائل التواصل الاجتماعي لديهم تصورات بالعزلة الاجتماعية ضعفي المستوى الموجود لدى من أمضوا نصف ساعة أو أقل يومياً. كذلك، كان عدد مرات الدخول إلى منصات التواصل أسبوعياً مؤشراً آخر، فمن تجاوز 58 مرة أسبوعياً كانت لديه ثلاثة أضعاف احتمالات العزلة الاجتماعية عمّن زار تلك المواقع تسع مرات فقط في الأسبوع.
من جهتها، علقت الباحثة الرئيسية المشاركة في الدراسة إليزابيث ميلر، أستاذة طب الأطفال: "لا نعرف حتى الآن ما الذي جاء أولاً، هل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أم الشعور بالعزلة الاجتماعية"؟ فسرت: "قد يكون الشباب شعروا في البداية بالعزلة الاجتماعية، ومن ثم تحولوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، أو أنّ هذا الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل هو الذي أدى بطريقة أو أخرى إلى الشعور بالعزلة عن العالم الحقيقي، أو أنّ هناك مزيجاً من الأمرين معا". وعقّبت ميلر أنّه حتى لو كانت العزلة قد جاءت أولاً، فإنّ قضاء الوقت على الإنترنت لا يبدو وسيلة حقيقية للتخفيف من تلك العزلة، ولو كان ظاهره اجتماعياً.
وحث الباحثون الأطباء المعالجين لحالات الشعور بالعزلة لدى الشباب على سؤال مرضاهم حول استخدامهم وسائل التواصل الاجتماعي.