أعلنت هيئة الإشراف على الانتخابات في إيران عن تسجيل 137 امرأة طلبات ترشحهنّ من أصل 1636 مرشحاً، وهو عدد كبير للغاية مقارنة بالدورات السابقة، بعد انتهاء عملية تسجيل طلبات المرشحين مساء السبت الماضي.
واللافت أن غالبية المرشحات يعلمن أنهن لن يخضن الاستحقاق الرئاسي، ليس لأن كثيرات منهن رغبن في التسجيل وحسب، كما فعل مواطنون إيرانيون كثر لا يتمتعون بشروط الترشح أصلاً، بل لأن إمكانية مشاركة المرأة إلى جانب الرجل في استحقاق من هذا النوع، لا توضحه مواد الدستور الإيراني.
وكانت شعلة حاج مير فتاح تبريزي، من بين أول الواصلين لمقر وزارة الداخلية في اليوم الأول لعمليات التسجيل، الثلاثاء الفائت، والمرأة الأولى التي تسجل ترشيحها لهذه الدورة الرئاسية.
وتبريزي تحمل شهادة دكتوراه في العلوم السياسية من إيطاليا. وقالت امرأة كانت ترافقها للصحافيين: "شعلة تعلم أنه لا حظوظ لها، لكنها لا ترى ضيراً في التجربة".
شعلة نفسها أعربت في تصريحات صحافية عقب التسجيل، بأنها مستقلة ولا تنتمي لأي تيار سياسي أو حزبي فاعل في البلاد، لكنها قالت صراحة "إن النساء يشكلن 60 في المائة من المجتمع الإيراني، فعليهن السعي لتصبح واحدة منهن رئيسة مقتدرة لإيران يوماً ما".
تعلم شعلة كما غيرها بأن القانون لا يمنعهن من تسجيل ترشحهن للانتخابات، كما يعلمن أن في القانون ثغرة يجب إيضاحها.
ويشترط القانون أن يكون الرئيس الإيراني "رجلاً سياسياً"، هذا ما كُتب حرفياً باللغة الفارسية، والمعروف أن فيها الكثير من المفردات العربية، لكن الخلاف يدور حول المعنى المقصود من رجل. تحدث كثيرون من ساسة ورجال دين بأنها تعني فرداً أو شخصاً، بالتالي تشمل الرجال والنساء على حد سواء، لذا تطالب كثيرات بتعديل الصيغة. إلا أن آخرين من لجنة صيانة الدستور نفسها المؤلفة من فقهاء وحقوقيين، وهم المعنيون بدراسة طلبات المرشحين لأي انتخابات في إيران، أكدوا أن كلمة "رجل" تعني أن الرجال وحدهم هم المخولون للوصول لهذا المقعد.
لهذا السبب، عادت أعظم طالقاني مجدداً إلى مقر وزارة الداخلية هذا العام، لتسجل ترشحها للانتخابات. هي ابنة رجل الدين الإيراني المعروف وأحد أبرز رموز الثورة الإسلامية آية الله محمود طالقاني، معروفة بتوجهاتها الإصلاحية ونشاطها السياسي.
لم تمنعها سنُّها الكبيرة من العودة، فهي المولودة في عام 1944، وكانت أول امرأة إيرانية تقدم على هذه الخطوة نفسها في انتخابات عام 1977، فشجعت كثيرات من بعدها على الترشح. طالقاني التي أسست مجمع النساء المسلمات بعد انتصار الثورة في إيران، وتترأس اليوم جمعية نساء الثورة، سجلت ترشيحها الثالث هذه المرة، وهي بالكاد تقوى على المشي، معتبرة أنه لا يوجد أي مبرر يمنع المرأة الإيرانية من خوض الرئاسيات.
كثيرات أردن إيصال الفكرة ذاتها، لكن بعضهن حملن هموم المرأة والمجتمع الإيراني إلى مقر وزارة الداخلية، ومنهن أكرم أذر بهرام، والأختان طهورا وشيما زاغه البالغتان من العمر 32 و29 عاماً، وبريسا دهكمه، وغيرهن. كلهن طالبن بحل مشكلات الشباب والمرأة وعدم التمييز، لا سيما أن الإيرانيات تقدمن كثيراً في جوانب الحياة العلمية والعملية في إيران.
قبل سنوات، قال المتحدث باسم لجنة صيانة الدستور، عباس علي كد خدايي، إن النساء غير ممنوعات من الترشح، وبأن هذه اللجنة لم تفسر وتقيد معنى مفردة "رجل" المدونة في المادة 115 من الدستور.
أما المتحدث السابق في المنصب ذاته، غلام حسين الهام، قال إن القانون يسمح للرجال وحسب بالترشح، وهذا التناقض في التصريحات يجعل عملية التسجيل مقبولة، لكن استمرار واحدة منهن إذا ما تمتعت ببقية الشروط ومنها امتلاك التجربة السياسية، يبقى رهناً بما تفسره لجنة صيانة الدستور الراهنة.