عواصف خوزستان تعطّل حياة الإيرانيين

13 ابريل 2017
يتخذان الاحتياطات (محمد رضا دحداري/ فراس برس)
+ الخط -
لطالما واجهت محافظة خوزستان، الواقعة جنوب غرب إيران، عواصف رمليّة وغبار. قبل مدة، أدّت هذه العواصف إلى مشاكل أكثر تعقيداً، في ظلّ انقطاع الكهرباء والمياه عن خمس عشرة مدينة من المحافظة، ما أثر على عمل المصانع وأدى إلى انخفاض إنتاج النفط وغيرها. هذه العوامل أدّت إلى انتقاد الحكومة ومؤسسة البيئة الإيرانية، خصوصاً أن خوزستان باتت تعاني بسبب تكرار هذه الظاهرة التي تعطل حياة المواطنين وتؤثّر على صحّتهم.

وتكمن الخطورة في تأثير الظاهرة على صحّة وسلامة السكّان هناك. فالعواصف التي كانت تهبّ في وقت سابق في المناطق المفتوحة والقرى والأرياف في المحافظة، أصبحت تشمل المدن فيها، ما يعني تبعات سلبيّة أكثر، منها ارتفاع معدلات التلوث التي تهدد أصلاً سلامة نحو 30 مليون إيراني يقطنون في مدن تعاني أيضاً، بحسب مؤسسة البيئة. وتؤكد بعض دراساتها أنّ العواصف الرملية والترابية تضرّ بـ37.5 في المائة من الإيرانيّين، أي أنها تؤثّر على صحة القلب والجهاز التنفسي.

لكنّ ما عانى منه القاطنون في خوزستان خلال العواصف الأخيرة التي تشتد أحياناً وتنخفض في أحيان أخرى، هو تعطّل حياتهم اليومية، واضطرارهم في بعض الأحيان إلى عدم مغادرة منازلهم، وانقطاع الكهرباء والمياه عنهم. وإن تمّ تدارك المشكلة، إلّا أنّه لا يوجد ما يضمن عدم تكرارها.

كل ما سبق أدّى إلى حركة تضامن من قبل إيرانيين في مدن ومحافظات أخرى، وقد انتشرت صور من خوزستان على مواقع التواصل الاجتماعي، وطالب كثيرون بحلول جذرية لمساعدة السكان هناك، علماً أنّ لهذا الملف أبعاداً سياسية.

رسميّاً، أعلن رئيس دائرة العمران والتخطيط في محافظة خوزستان، أحمد سياحي، أن سماكة الأتربة وصلت إلى تسعة آلاف و773 ألف ميكروغرام في المتر المكعب الواحد في مدينة الأهواز وحدها، الواقعة في تلك المحافظة.

وحذّرت مؤسّسة البيئة المواطنين، وطالبت كبار السن والأطفال بعدم الخروج من منازلهم، كما طلبت من المواطنين مساعدتها من خلال زيادة التشجير. وطالب نوّاب من البرلمان الحكومة الإيرانية بالعمل أكثر على حلّ القضيّة، بعدما تسبب الغبار والرمال في انقطاع الكهرباء وتلوث المياه. ويقول عضو اللجنة الاجتماعية في البرلمان عبد الرضا عزيزي، إنّ أعضاء هذه اللجنة زاروا بعض المدن في خوزستان، لافتاً إلى أنها ليست مشكلة جديدة، لكن ما استجد هو تعطّل الشبكة الكهربائية وشلل الحياة.

ويوضح عزيزي لـ"العربي الجديد"، أنّ أفراداً من الحكومة، من بينهم وزيرا الطاقة والداخليّة، بالإضافة إلى الرئيس حسن روحاني، زاروا المكان للتأكيد على اهتمامهم بما يجري هناك. وقدّم الأخير اعتذاره للمواطنين، لافتاً إلى أن الحلول ليست سهلة، لكن الزراعة واستصلاح الأراضي يمكن أن يساعدا في تخفيف التبعات، مضيفاً أن عدداً كبيراً من الفلاحين تركوا أراضيهم، بالتالي يجب تشجيعهم على العودة.



وجهة النظر الرسمية لا تلغي وجود عوامل تتطلب اتخاذ خطوات عملية من قبل الحكومة نفسها. فما يزيد الطين بلة هو الجفاف الذي يعاني منه الإقليم، والناتج عن تحويل مسار الأنهار أو بناء سدود.

من جهته، دافع محافظ خوزستان غلام رضا شريعتي، عن حكومته، قائلاً إن بعض السياسات اتخذتها حكومات سابقة، لافتاً إلى أن حكومة روحاني لم توافق على تحويل مسار أي نهر، بل اتخذت خطوات لإنعاش الأحواض والمسطحات المائية.

من جهته، يقول أستاذ العلوم البيئيّة إسماعيل كهرم، إن السبب الرئيسي لما يحدث هو الموقع الجغرافي لخوزستان، القريب من دول أخرى تعاني من المشكلة عينها، كالعراق وبعض الدول الخليجيّة، فضلاً عن جفاف السطوح المائية وقلّة الأشجار. ويوضح لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك 46 نقطة جغرافيّة تسبّب غباراً وأتربة في المنطقة، وتتوزّع بين شمال أفريقيا والسعودية وسورية وتركيا والعراق. إلّا أنّ 15 في المائة من المسبّبات موجودة داخل إيران نفسها، ما يعني أنّ العوامل المحليّة تتكامل مع تلك الخارجية. على الأقل، يجب إيجاد حلول في الداخل، في وقت تعاني تلك الدول من نزاعات وحروب ولن تكون قادرة على توقيع اتفاقيات بيئية مع إيران في الوقت الراهن لمواجهة تلك المشكلة التي تضر سكان عدد من المناطق.

ويلفت كهرم إلى وجود حلول قصيرة المدى وأخرى بعيدة، لافتاً إلى أن الحلول الفورية مكلفة للغاية ولن تقف في وجه العواصف، لكنها قد تخفف من التبعات، من قبيل منع انقطاع الكهرباء أو تلوث المياه، ويجب اعتمادها بكل الأحوال. ويرى أن الحلول الجذرية هي تلك البعيدة المدى، لذلك يجب منع تحويل مسار الأنهر وتجفيف المسطحات المائية، بالإضافة إلى التشجير.

وقبل عامين، عانى سكان خوزستان من الأمر نفسه، واحتجّوا أمام مبنى المحافظة والبلدية، بعدما زاد عدد المرضى في غرف الطوارئ في المستشفيات، وتعطّلت حياتهم اليومية، وهو ما يتكرّر في الوقت الراهن. وكثيراً ما تأثّرت بعض المحافظات الإيرانية بمشكلة الجفاف في ظل انخفاض معدّل هطول الأمطار، نتيجة غياب السياسات المدروسة، لناحية تحويل مسار الأنهر من منطقة إلى أخرى، أو بناء السدود عليها، ما يجعل الأمور أكثر تعقيداً.