أربعة أطفال مرضى على سرير في تونس

17 فبراير 2017
بانتظار دورهم (العربي الجديد)
+ الخط -
لمستشفى الأطفال في العاصمة التونسية حصة من معاناة القطاع الصحي بالكامل في البلاد، لكنّه يتأثر أكثر من غيره

يشكو قطاع الصحة في تونس بمختلف اختصاصاته من جملة من المشاكل التي أثارت احتجاجات الطاقم الطبي أكثر من مرّة. احتجاجات تطالب بحلول تخفف الضغط على الأطباء، خصوصاً في ما يتعلّق بنقص عددهم، ونقص الخدمات الصحية والتجهيزات، بالإضافة إلى الاكتظاظ، وطول فترات انتظار المواعيد.

هذه الحالة جعلت قطاع الصحة العمومية في حاجة إلى مراجعة شاملة على مستويات عديدة، لا سيّما في ما يتعلّق بالطاقة الاستيعابية للمستشفيات وتخفيف الضغط على بعضها لتحسين مستوى التدخل الطبي والتخفيف من الضغط على الأطباء.

مشاكل النقص في الطاقم الطبي والنقص في عدد الأسرّة لم يكن مستشفى الأطفال في العاصمة بمنأى عنها، إذ يشهد حالة اكتظاظ كبيرة، لا سيّما في الشتاء، وما يرافقه من أمراض إضافية بسبب البرد. وقد أكد معظم القائمين على القطاع الصحي في تونس حالة الفوضى التي يشهدها المستشفى على مدار السنة.

مستشفى الأطفال في باب سعدون بالعاصمة هو المستشفى الوحيد على المستوى الوطني لعلاج الأطفال. ويشهد توافد مئات المرضى شهرياً من مختلف أنحاء البلاد، بحثاً عن أطباء الاختصاص الذين يغيبون في مستشفيات المناطق الداخلية التي تفتقر أيضاً إلى أقسام جراحة. وهو ما يجعل الطاقم الطبي في مستشفى الأطفال بالعاصمة في موقف حرج، خصوصاً على مستوى توفير الأدوية والأسرّة.

هذا الوضع يدفع الكوادر الطبية في المستشفى إلى الاحتجاج كلّ مرة منذ سنوات، تنديداً بالوضع الكارثي، خصوصاً مع الخطر الذي يهدد صحّة المرضى جراء الاكتظاظ، وإمكانية انتقال العدوى بين الأطفال.

آخر تلك الاحتجاجات نفذت خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، إذ أكدت النقابة الأساسية للمستشفى على تدني مستوى الخدمات الصحية نتيجة الاكتظاظ، خصوصاً في قسم الطوارئ الذي يستقبل نحو 500 مريض يومياً من مختلف الجهات، وهو ما يفرض إقامتهم في المستشفى بالرغم من العدد المحدود للأسرّة. وقد يضطر بعض أولياء الأمور إلى الانتظار مع أطفالهم المرضى أكثر من 7 ساعات ليصلهم الدور في قسم الطوارئ الذي لم تعد قاعات الانتظار فيه تستوعب العدد الكبير من الأطفال.

تقول الطبيبة في المستشفى، سامية حمودة، إنّ ضغطاً كبيراً يعيشه الأطباء يومياً نتيجة توافد مئات الحالات التي لا تتلاءم مع طاقة استيعاب المستشفى. كذلك، يصرّ أغلب الأهل على مرافقة أبنائهم خلال إقامتهم في المستشفى، لا سيّما الآتين من الجهات الداخلية بسبب صعوبة التنقل يومياً. وهو ما يصعّب عملية توفير أسرّة تكفي أهل المرضى أيضاً.

من جهته، يؤكد الكاتب العام للنقابة الأساسية لمستشفى الأطفال، فيصل الهذيلي، لـ"العربي الجديد"، أنّ القسم المخصص للإقامة يعدّ أكثر مكان يعاني من أزمة الاكتظاظ، إذ هناك أحياناً ثلاثة أو أربعة أطفال على السرير الواحد. وهو ما يتعب الأطفال أكثر ويشكل خطراً إضافياً على صحتهم. كذلك، هناك نقص في الكوادر الطبية وشبه الطبية في المستشفى. وهو ما يؤثر في مستوى الخدمات الصحية المقدّمة، بحسب الهذيلي.

يشير إلى أنّ حالة الاكتظاظ المستمرة لا تسمح أحياناً بقبول عدد أكبر من الأطفال، مما يضطر إلى بقاء الأم على كرسي ليوم أو يومين ليتلقى ابنها العلاج في أحضانها، وبالرغم من ذلك تدفع كلفة الإقامة كاملة.

مفيدة الرياحي تجلس في البهو الخارجي للمستشفى بانتظار موعد الزيارة للاطمئنان على ابنها الذي يقيم في المستشفى منذ أسبوع. تشير إلى أنّ الغرفة التي يقيم فيها تتوفر فقط على أربعة أسرّة، مع ذلك فيها عشرة أطفال. استغربت الأمر في البداية، لكنّ جولة وحيدة بباقي الغرف جعلتها تدرك أنّ ابنها قد يكون محظوظاً بالظفر بمكان على سرير يتقاسمه وغيره من الأطفال المرضى.

من جهتها، تشير عائشة إلى أنّها اضطرت إلى نقل ابنها يومياً إلى المستشفى صباحاً على أن تعود به إلى البيت آخر النهار لتكمل رحلة التحاليل الطويلة. كلّ ذلك لأنّها لم تجد مكاناً لابنها داخل المستشفى، خصوصاً أنّ الإدارة قد تلجأ أحياناً إلى توفير إقامة للأطفال الآتين من جهات داخلية بعيدة، مقابل مجيء بعض الأطفال يومياً للمتابعة، بشرط ألاّ تشكل عدم إقامتهم بالمستشفى أيّ خطر على حالتهم الصحية.

يؤكد الهذيلي أنّ المستشفى يشكو أيضاً من النقص في الأدوية وغياب بعض التخصصات الطبية. وهو ما يدفع إلى التنديد أكثر من مرة بالوضع الذي آلت إليه الأمور. يطالب الحكومة بحلّ عاجل، كذلك التخطيط لبناء مستشفى يستوعب العدد الكبير من الأطفال المرضى.

دلالات
المساهمون