عراقي يهزم السرطان بالطاقة الإيجابية

08 ديسمبر 2017
انتصر في معركته ضد السرطان (فيسبوك)
+ الخط -
"أنا إنسان يحلم ويحقق أحلامه، أنا صانع حياة في عالم الموت وموزع الابتسامة على العابسين. أنا الباحث عن السلام وسط الحرب، وقد ولدت من رحمها واتخذت من السلام مشيمة لي". بهذه العبارات يُعرف الشاب مصطفى نادر، نفسه، وهو يسعى جاهداً لزرع الأمل في نفوس المرضى بالسرطان في كل مكان بالعالم، منطلقاً من وطنه العراق، وجُلّ طموحه أن ينجح في نشر الإيجابية وإحياء قيم الإنسانية بين الناس.

مصطفى نادر شاب ذاع صيته في العراق، بعد أن انتصر في معركته مع أخطر الأمراض وأكثرها قسوة، السرطان، فنجح حين واجهه متسلحاً بالطاقة الإيجابية.

رأى مصطفى نادر النور سنة 1995، وهو خريج كلية الفنون الجميلة، يعمل مصوراً ومنتجاً في عدد من وسائل الإعلام، لكن علاقته بمرض السرطان لم تبدأ حين أصيب به سنة 2014، بل قبل هذا الوقت؛ إذ كان يمارس دوراً إنسانياً في دعم مرضى السرطان نفسياً، واكتشف لاحقاً إصابته بالمرض، فلم يستسلم له وحاربه إلى أت انتصر عليه.

يقول مصطفى لـ "العربي الجديد": "كان يراودني شعور بأني سأصاب بالسرطان، وكنت أفكر في كيفية مواجهته لكنني كنت أطرد هذه الأفكار، وعندما علمت بإصابتي، كان أمامي خياران، إما أن أحارب أو استسلم".

ويواصل حديثه عن الشعور الذي انتابه في بداية إصابته بالسرطان: "الخوف كان موجوداً في البداية، من الموت والخسارة، لكن في النهاية ليست لديك خيارات كثيرة. إما تقاتل أو تُقتل" مشيراً إلى أن "للتهيئة النفسية دورا كبيرا وفعالا في محاربة مرض السرطان؛ فالطاقة الإيجابية أثبتت نجاحها في الانتصار على الكثير من الأمراض المستعصية، مثل أمراض الكبد والكلى والرئة والسرطان؛ والعامل النفسي مهم جداً في المساعدة على الشفاء".




ويوضح نادر أنه قبل اصابته بالسرطان كان يزور الأطفال المصابين بمرض السرطان، ضمن نشاطات منظمات المجتمع المدني التي يتطوع في العمل لصالحها.

عندما قرر مصطفى المواجهة، أطلق على نفسه لقب "محارب السرطان" ودخل المعركة مقاتلاً شرساً، وقرر أن يعتمر قبعة عسكرية حمراء، خاصة أن العلاج الكيميائي لم يكن سهلا فقد سبب له تساقط الشعر وفقدانا للوزن.

أطلق على نفسه محارب السرطان (فيسبوك)


وتابع: "القبعة الحمراء ترمز للمحارب، وبطبيعة الحال كان عليّ أن اعتمر قبعة، فاخترت التي يرتديها الجنود في الجيش ومنها كنت استمد القوة وأشبه نفسي بالمحارب وأرفض تسمية مريض".

بحث مصطفى في بداية إصابته بالمرض عن شخص انتصر على مرض السرطان كي يتعلم منه ويقتدي به، لكنه لم يجد، بحسب قوله. وأضاف "قررت أن أكون انا هذا الشخص. كان هذا في عام 2014، وأطلقت وسما بعنوان "محارب السرطان"، وكنت أول من أطلق هذا "الهاشتاغ" الذي يستخدمه الآلاف من مرضى السرطان في الوطن العربي وفي كل مكان".

وسم محارب السرطان، وعدة مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل اسم محاربي السرطان، تنشر الإيجابية بين المصابين بهذا المرض، يتفاعل معها عدد كبير من الناس في دول عربية، كانت فكرة أطلقها مصطفى على مواقع التواصل الاجتماعي عند إصابته بالمرض، لتطير سريعاً إلى دول عربية، ويتفاعل الناس معها ويطبقون شعارها الإنساني.

ويشير إلى أنه في البداية عمل على "مشروع تحويل كلمة مريض إلى محارب، ونجح هذا الأمر وأنا اليوم منتصر على مرض السرطان، بفضل الله أولاً وبالالتزام بالدواء والعلاج الكيميائي، وأيضاً بالطاقة النفسية والإيجابية".

ويقول مصطفى إنه واجه المرض وحيداً "لقد تخلى عني الكثير من الأصدقاء" لكنه حين أصبح ينشر يومياته في حسابه الخاص في "فيس بوك" ويعرّف عن نفسه بأنه محارب السرطان، وجد تشجيعاً واسعاً من قبل الناس، وبات الكثير يتابعونه ويشجعونه ويقفون إلى جانبه.

بعد نحو عشرة أشهر، وتحديداً في 19 أغسطس/ آب 2015، قهر مصطفى السرطان وأعلن انتصاره عليه، حين انتهت نتائج التحليلات الطبية إلى شفائه التام من المرض.

مصطفى اليوم هو صاحب إنجاز إنساني كبير؛ فقد زرع الأمل في نفوس مرضى السرطان، وأيضاً داخل الأصحاء الذين يتابعونه، ويتابعون كل مريض بالسرطان يحمل شعار محارب السرطان، الذين تزداد أعدادهم في البلدان العربية وهم يحاربون المرض تحت هذا الشعار، وامتد إنجاز مصطفى ليشمل إنشاء "مجموعة" على مواقع التواصل الاجتماعي لمحاربة السرطان، عناصرها من الناجين من المرض أنفسهم.

ويشير إلى أنه بعد انتصاره على المرض بدأ بتشكيل فريق محاربة السرطان، مستطرداً بالقول "أنا اليوم أتواصل مع أكثر من 250 مريضا بالسرطان من بين ناجٍ ومحارب ومصاب، لدينا مجموعة على "فيسبوك" باسم محاربي السرطان، وأسبوعياً نزور الأطفال إن لم يكن أكثر من مرة بالأسبوع في المستشفى، ونزورهم أثناء أخذهم لجرعة العلاج الكيميائي، نلعب ونتحدث معهم، ونخبرهم بأننا كنا مثلهم ونجونا، وبذلك نصدر لهم أشخاصاً يقتدون بهم وأبطالاً يتشبهون بهم، ونخبرهم بأنهم محاربو السرطان والناجون منه قريباً". 

يؤمن مصطفى كثيراً بأن الإيجابية هي السر وراء النجاح في كل شيء، ويعمل في هذا المجال من خلال توظيف طاقاته وإمكانياته الفنية، بشكل طوعي دون مقابل؛ فهو يرى أن على الإنسان تناول الجانب الإيجابي دائماً لصنع الابتسامة والسلام.

ويقول: "أعمل في الإعلام الإيجابي من خلال نقلي صورة ايجابية عن بلدي، وأشارك في أفلام قصيرة بمهرجانات دولية لكي أوصل معلومة مفادها أن العراق ليس فقط بلد حرب، بل بلد السلام".

الإيجابية التي يتبناها مصطفى تشمل أعمالاً مختلفة فهو يستغل مهارته في التصوير لإعداد تقارير مصورة عن العراق وإرسالها إلى مختلف وسائل الإعلام العالمية مجاناً، وهدفه "إيصال فكرة إيجابية عن بلدي"، فضلاً عن ذلك يقدم مصطفى دروساً مجانية للأطفال داخل المدارس "أخصص وقتاً كل أسبوع لإعطاء محاضرات مجانية توعوية في العلوم الإنسانية والتربية النفسية للأطفال".

وعن أهدافه الإنسانية يقول: "هدفي تأسيس أكبر مجموعة لمحاربي السرطان، ومستشفى متكامل لمحاربة السرطان، يقدم العلاج النفسي والعلاج الكيميائي والفيزيائي والإشعاعي وكل أنواع العلاجات المختصة بالسرطان، هذا ما أتمناه خاصة في ظل غياب مستشفى لعلاج مرضى السرطان  في العراق، بالرغم من أن عدد المصابين بهذا المرض يبلغ أكثر من مليون مريض".

دلالات
المساهمون