دير نظام الفلسطينية... تعليم تحت دخان قنابل الغاز المسيل للدموع

26 ديسمبر 2017
التلاميذ كتبوا بقنابل الغاز "القدس لنا" (العربي الجديد)
+ الخط -
تعيش الطفلة الفلسطينية رؤى أحمد الخطيب التميمي (12 سنة)، قلقا مستمرا على مصير دراستها وامتحانات الفصل الدراسي الأول التي يتقدم لها حاليا طلبة مدرسة قرية دير نظام، شمال غرب رام الله، بسبب اعتداءات الاحتلال المتكررة على القرية ومدرستها في أوقات الدوام بقنابل الصوت وقنابل الغاز المسيل للدموع.


رؤى طالبة في الصف السادس بمدرسة دير نظام الثانوية المختلطة، وهي المدرسة الوحيدة في القرية، تقول لـ"العربي الجديد"، إن جنود الاحتلال كرروا إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المدرسة في وقت الدوام، "قبل أيام، منعتنا المدرسة من الخروج خوفا علينا".

ويتعمد جنود الاحتلال اقتحام القرية في وقت دخول الطلبة إلى مدرستهم صباحا، أو حين خروجهم منها ظهرا، وأحيانا خلال فترة الدوام، بينما يعيش الطلبة بعد انتهاء دوامهم معاناة أخرى في منازلهم بسبب استهداف المنازل بقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع.

ويشارك رؤى القلق ذاته شقيقها معاذ، وهو طالب في الصف الثاني عشر، وأصيب خلال مواجهات سابقة قبل نحو خمس سنوات بقنبلة غاز تسببت في بتر إصبع السبابة في يده اليسرى، وتركت تشوهات في أنفه، وهو اليوم يخشى من تأثير تلك الاقتحامات لقريته واستهداف منازلها، حسب قوله لـ"العربي الجديد".

والدة رؤى ومعاذ، السيدة سهى صوفان، تعاني من التوتر منذ ذهاب أبنائها إلى المدرسة وحتى انتهاء دوامهم، فجنود الاحتلال يقتحمون القرية بشكل يومي، ويستهدفون المدرسة. تقول لـ"العربي الجديد": "هؤلاء الطلبة يجب أن يدرسوا، كيف لهم أن ينتظموا في دراستهم وهم في هذه الحالة من التوتر؟".

ويؤكد الطالب في الثانوية العامة بمدرسة دير نظام، أيوب أحمد عساف، أن اقتحام قوات الاحتلال لقريته قبل يوم من امتحان مادة التكنولوجيا قبل نحو شهرين، زاد من توتره، فجنود الاحتلال اقتحموا القرية بعد دوام المدرسة بوقت قليل، وبقوا في القرية حتى المساء يطلقون قنابل الغاز.

تقع دير نظام شمال غربي رام الله، وتبلغ مساحتها نحو أربعة آلاف دونم، ويبلغ عدد سكانها نحو 1100 نسمة، وتوجد فيها مدرسة وحيدة، يبلغ عدد طلابها نحو 250 طالبا وطالبة، وهي تشمل الذكور والإناث، ووجود أطفال فيها يشكل خطرا على حياتهم، حسب قول مدير المدرسة، محمود التميمي، لـ"العربي الجديد".

يضيف التميمي أن "المدرسة قريبة من الشارع الاستيطاني، ولا يكاد يخلو يوم دون مواجهات في القرية، وتم استهداف المدرسة وساحاتها بقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع خلال الفصل الدراسي الحالي خمس مرات، ما سبب ذعرا وأوقع إصابات وتسبب بحالات اختناق تمت معالجتها ميدانيا في غالب الأحيان، وأصبحنا بصدد تأمين مرشدين تربويين ونفسيين لتقديم الدعم النفسي للأطفال مما تسببه تلك الاقتحامات".

ويشير مدير المدرسة إلى أن جنود الاحتلال يقفون أمام المدرسة ويعتقلون الطلبة، ومنهم من تم اعتقاله من منزله، أو خلال المواجهات، وبلغ عدد المعتقلين خلال الفصل الدراسي الحالي 30 طالبا أفرج عن غالبيتهم وبقي أربعة طلبة، علاوة على اعتقال المدرس محمد مصطفى الخطيب التميمي، والذي ما زال موقوفا.



ويوضح أمين سر حركة فتح في دير نظام، مجاهد التميمي، لـ"العربي الجديد"، أن "القرية تعاني من استهداف متواصل من قبل قوات الاحتلال، فيتم اقتحام القرية واستهداف المنازل بقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والرصاص المعدني والرصاص الحي، وهو ما يوقع العديد من الإصابات".

ورغم أن القرية كانت تعاني من الاقتحامات المتكررة وتشهد مواجهات واستهدافا لبعض منازلها من قبل جنود الاحتلال، بحجة رشق سيارات المستوطنين الذين يمرون عبر الشارع الاستيطاني القريب، إلا إنه منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل في السادس من الشهر الجاري، تصاعدت المواجهات والاقتحامات واستهداف المدرسة والمنازل، حتى مسجد القرية لم يسلم من قنابل الغاز المسيل للدموع.



ويشير مجاهد التميمي إلى أن القرية مستهدفة من قبل جنود الاحتلال ومستوطني مستوطنة "حلميش" المقامة على أراضي عدة قرى شمال غرب رام الله، ولا تبعد سوى عدة أمتار عن بعض منازل دير نظام، وخاصة بعد عملية الطعن التي نفذها الأسير عمر العبد في شهر يوليو/ تموز الماضي، داخل "حلميش"، وأدت إلى مقتل ثلاثة مستوطنين حينها.

ولا تكتفي قوات الاحتلال باعتداءاتها على منازل الأهالي في دير نظام، بل إن أحد ضباط جيش الاحتلال هدد الطلبة خلال ذهابهم إلى دوامهم المدرسي بالاعتقال والضرب وإطلاق الرصاص باتجاههم في حال استمروا برشق سيارات المستوطنين في الشارع الاستيطاني، علاوة على وصول رسائل تهديد لأهالي القرية بالتضييق وإغلاق الطريق الوحيد الواصل بين القرية ورام الله، في حال استمر رشق سيارات المستوطنين بالحجارة.

في المقابل، فإن طلبة المدرسة رغم ما يتعرضون له، مصممون على استكمال الدراسة، وعلى عروبة القدس وفلسطينيتها، حيث جمعوا قنابل الغاز المسيل للدموع وكتبوا بها على أحد أسوار المدرسة "القدس لنا"، لتكون شاهدا على ما يرتكبه الاحتلال بحق المدرسة.