أدوية مفقودة في تونس

05 نوفمبر 2017
الانتظار مستمر (العربي الجديد)
+ الخط -

كثيراً ما يشكو المواطنون في تونس من نقصٍ في بعض الأدوية، بما فيها أدوية الأمراض المزمنة كالسكري والدم. وفي الفترة الأخيرة، زادت الشكاوى من جراء نقص الأدوية التي تستعمل لعلاج أمراض السرطان في صيدليات المستشفيات الحكومية والخاصة. وتؤكد أطراف عدة أنّ سوق الأدوية شهد نقصاً كبيراً في جميع الأدوية المستوردة من الخارج، ما خلق أزمة في المستشفيات، وتهديداً لحياة المرضى.

نقص الأدوية في تونس تحوّل إلى أزمة خلال السنوات الأخيرة، ما أدى إلى فتح ملفات الفساد في المستشفيات، بعد الحديث عن احتمال تهريبها من المستشفيات الحكومية وبيعها بهدف تحقيق الربح. وخلال الفترة الأخيرة، زادت شكاوى المرضى بسبب عجزهم عن الحصول على بعض الأدوية.

يوسف العياري الذي يبلغ 9 سنوات، يُعاني من سرطان الدماغ. يقول والده مروان العياري إنّ تكاليف علاج ابنه باهظة الثمن وغير مسجلة ضمن أدوية الصندوق الوطني للتأمين على المرض. رغم ذلك، يحاول توفير ما يستطيع من أدوية لعلاج ابنه. لكن مؤخراً، نفدت بعض الأدوية من الصيدليات. ويلفت إلى أن حال ابنه حرجٌ للغاية خصوصاً أنه يعاني من أمراض أخرى. ولم يجد الأدوية حتى في إحدى المستشفيات العامة التي قصدها.

منجية حافظي هي الأخرى مصابة بمرض سرطان الثدي، وقد خضعت لعملية جراحية لاستئصال الورم منذ نحو عام. رغم ذلك، ما زالت تتناول بعض الأدوية، إلا أنها لم تجد عدداً منها مؤخراً. تضيف أنّها اتصلت ببعض المستشفيات بحثاً عن الدواء من دون جدوى. وتسأل عن الأضرار الصحية التي قد تحصل، علماً أن طبيبها المباشر أكد على ضرورة تناول الدواء بصورة منظمة.




معظم العاملين في قطاع الأدوية أجمعوا على أنّ الصيدلية المركزية تمر اليوم بوضع مالي صعب ناتج عن ديون غير مستخلصة من قبل الصندوق الوطني للتأمين على المرض، ما جعلها تجد صعوبة في استيراد نوعية معينة من الأدوية المفقودة، سواء في القطاع العام أو الخاص، أو استيراد المواد الأولية اللازمة لصنع الأدوية المحلية.

في المقابل، تؤكّد إدارة الأدوية في وزارة الصحة أنّه ما من نقص في الأدوية، باستثناء تلك الخاصة بمرض واحد تُستورد من مختبرات في الخارج، وقد تعهدت بتوفيرها. ونفت أن يكون تهريب الأدوية أو سرقتها سبباً في النقص، خصوصاً أنّ الوزارة في صدد البدء في زيارات مكثفة إلى مختلف المستشفيات، للتأكد من كميات الأدوية المتوفرة، وتقييم العمل داخل الصيدليات.

أما وزارة الداخلية، فتؤكد اعتقال شخص يعمل في أحد المستشفيات العامة في تونس، كان في صدد بيع كمية من أدوية السرطان إلى شخص آخر، وقد اعترفا بما نُسب إليهما. كذلك، أخبر المعتقل عن شخصين إضافيين كانا يساعدانه. وبعد التحري، اعترف الجميع بالمشاركة في عملية استيلاء وبيع الأدوية الخاصة بمرض السرطان.



من جهته، يقول كاتب عام النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة، رشاد قارة، لـ "العربي الجديد" إنّ الأدوية المفقودة في الصيدليات مستوردةٌ، مؤكداً على خطورة الأمر منذ انطلاق أزمة صندوق التأمين على المرض. ويوضح أن ديون الصندوق بلغت 220 مليون دولار، ما انعكس على علاقة الصيدلية المركزية بمختبرات الأدوية الأجنبية. بالتالي، يُرجح أن يتفاقم وضع الصيدلية المركزية، ما سيؤدي إلى تعذر استيراد الأدوية. وفي ما يتعلق بالأدوية المصنّعة في تونس، يوضح أنّ المواد الأولية مستوردة من الخارج. لكن نظراً لوجود مشاكل في توفير العملة الصعبة، فهناك إشكاليات في توريد حتى تلك المواد الأساسية.

من جهة أخرى، يشير كاتب عام النقابة إلى أنّ قضايا سرقة الأدوية ليست سابقة في تونس. وخلال الفترة الأخيرة، فتحت الحكومة تحقيقات عدة تتعلق بشبهات فساد وسرقة أدوية. يشار إلى أنّ أحد أكبر مخازن الصيدلية المركزية كان قد احترق في عام 2012، ما أدى إلى خسائر قُدّرت بـ 20 مليون دولار. وقضى الحريق على أدوية كلفتها عالية، منها أدوية السرطان وغيرها.

ويفترض البدء في تسويق أدوية محلية الصنع. وأعلنت مخابر "سيتوفارما" عن استكمال بناء الوحدة الصناعية الجديدة في تونس، وتحديداً في منطقة زغوان، وبدء تصنيع أدوية علاج أمراض السرطان الذي يؤدي سنوياً إلى وفاة ما لا يقلّ عن 8 آلاف شخص. وتشير الأرقام إلى أنّ تونس تشهد سنوياً 14 ألف حالة إصابة جديدة بمرض السرطان، وتنفق سنوياً نحو 135 مليون دولار لاستيراد أدوية مرض السرطان.

دلالات
المساهمون