فاجعة الصويرة تعيد ملف التبرعات الخيرية في المغرب إلى الواجهة

21 نوفمبر 2017
أعادت الفاجعة طرح أسئلة حارقة (فيسبوك)
+ الخط -


أعادت الفاجعة الإنسانية، التي شهدتها قرية بضواحي إقليم الصويرة في المغرب يوم الأحد الماضي، ونجمت عنها وفاة 15 امرأة بسبب التدافع الشديد على نيل حصتهن من الدقيق، ملف معايير وشروط التبرعات الخيرية في المملكة إلى الواجهة.

ووفق إحصائيات حديثة، تتواجد في المغرب زهاء 132 ألف جمعية تنشط في جميع المجالات الثقافية والاجتماعية والرياضية والتنموية، 46 في المائة منها تعمل في مجالات التنمية والإحسان والتكافل الاجتماعي، أغلبها يتم تمويلها بدرجات متفاوتة من طرف ميزانية "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية".

وتخضع طلبات الترخيص بالتماس الإحسان العمومي لمقتضيات القانون رقم 71-004 الصادر في 12 أكتوبر/تشرين الأول1971 الذي يتعلق بالتماس الإحسان العمومي، والذي ينص على أنه "يجب على كل جمعية مؤسسة بصفة قانونية يوجد مقرها بالمغرب، ترغب في التماس الإحسان العمومي، أن تضع عن طريق ممثلها بصفة رسمية لهذا الغرض طلبا للحصول على رخصة بذلك مقابل وصل، خمسة عشر يوما على الأقل قبل تنظيم التظاهرة المزمع إقامتها".

وتوزعت مواقف مراقبين حيال موضوع الإحسان الموجه إلى فقراء المجتمع، فهناك فريق يشدد على ضرورة تأطير ومراقبة هذا المجال ووضعه تحت تصرف الدولة وحدها، وبين من يرى ضرورة استمرار التكافل وتوزيع المساعدات من طرف المحسنين لمساعدة المعوزين.

وفي هذا الصدد ترى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أنه بات مرفوضا استمرار المقاربة الإحسانية وسط المجتمع، لأنه يؤشر على عجز الدولة عن توفير الحاجيات الضرورية للمواطن، مطالبة بإرساء الدعم بشكل مؤسساتي لفائدة الفقراء.



من جهتها أكدت الجمعية المغربية لحماية المال العام، رفضها لما أسمتها سياسة الصدقات عن طريق الجمعيات التي تستغل الفقراء في الانتخابات، داعية إلى جعل الإحسان العمومي في يد الدول لوحدها بشكل مقنن ومعروف المسالك.

ويرصد الباحث المغربي الدكتور إدريس الكنبوري مشكلتين في قضية الإحسان العمومي، الأولى أن المساطر القانونية معقدة بالنسبة للجمعيات التي تريد الحصول على ترخيص، إذ ينص القانون على ضرورة الحصول عليه من الأمانة العامة للحكومة، وليس من السلطات المحلية المباشرة، وهذا ينطبق على الجمعيات ذات الطابع الوطني وعلى الجمعيات المحلية، لذلك لا بد من تبسيط المساطر.

أما المشكلة الثانية، يضيف الكنبوري، فهي أن غياب المراقبة، وتبسيط المساطر" لا يتعارض مع المراقبة الإدارية للعمل الخيري"، مسجلا الكثير من الفوضى والتسيب في الإحسان العمومي، وتوظيفه من بعض الأشخاص أو الجمعيات لأهداف سياسية وانتخابية.

ودعا الكنبوري إلى منع الجمعيات ذات العلاقة بالتنظيمات السياسية أو الدعوية التي لها امتداد سياسي وكذا الأفراد، "للحيلولة دون التوظيف السياسي للمساعدات التي تقدم للمواطنين"، مردفا أنه أيضا لا يجب أن تكون هذه الإجراءات التي ستقدم عليها الحكومة بشكل يدفع الناس إلى التخوف وإلى تضييق المساحة أمام العمل الخيري.

وأوضح المتحدث أن العمل الخيري جزء من الدين والقيم الدينية والعادات المغربية الراسخة، فملك البلاد نفسه يقوم بهذا العمل الإحساني في شهر رمضان مثلا، من خلال مشروع "قفة رمضان"، لكنه يقوم بذلك لإعطاء النموذج للآخرين في العمل الخيري، وليس بوصفه رئيسا للدولة، لأن الدولة لديها مؤسساتها التي يتعين أن تضع البرامج التنموية والاقتصادية، وهناك حكومة لديها برنامج يجب أن تنفذه.

واسترسل الكنبوري بأن "ما يقوم به الملك مبادرة لديها بعد رمزي فقط، وهو تقديم النموذج، وهو نفسه يعرف أن المبادرة رمزية وليست موجهة إلى محاربة الفقر، لأن الفقر لا يحارب بالقفاف بل بالبرامج والسياسات، وهذا ما يدل عليه مثلا انتقاده الأخير للمشروع التنموي والاختلالات في التوزيع".