وتكشف تقارير سهولة التحايل على القوانين المتعلقة بحيازة السلاح في أميركا، مع إشارة الخبراء إلى أن مرتكب مجزرة الأمس الأميركي، ستيفن بادوك، عدّل سلاحه المستخدم بطريقة غير قانونية لجعله آلياً بالكامل، في سابقة لم يستخدم فيها السلاح الأوتوماتيكي في الجرائم المشابهة.
ووسائل الإعلام الأميركية تنشغل في تحليل طبيعة الاعتداء إن كانت تصح تسميته بأنه "عمل إرهابي"، أم "جريمة قتل جماعي"، بدل التركيز على سبل الحدّ من انتشار الأسلحة بين الناس، إذ إن الإحصاءات تشير إلى أن كل 100 أميركي يقابلهم وجود 85 قطعة سلاح في البلاد، وهو الرقم الأعلى في العالم.
القتل الجماعي يتزايد في أميركا
271 جريمة قتل جماعي وقعت في الولايات المتحدة منذ مطلع 2017 وحتى يوم أمس، الذي شهد جريمة لاس فيغاس المروعة، في حين أن القتل الجماعي في 2016 في الفترة ذاتها بلغت حصيلته 267 جريمة، ما يعني أن أربع عمليات قتل جماعي إضافية شهدها العام الحالي في أشهره التسعة الأولى مقارنة بسابقه.
وأحصى موقع Gun violence archive الأميركي 271 عملية قتل جماعي في الولايات المتحدة منذ مطلع العام الجاري 2017 وحتى يوم أمس 2 أكتوبر/تشرين الأول منه، بلغ عدد ضحاياها 348 قتيلاً. ويعرّف الموقع حادث إطلاق النار الجماعي بأنه العمل العنيف الذي تطلق خلاله النار على أربعة أشخاص وما فوق.
ويظهر جليا أن جريمة الأمس كانت الأكبر لجهة عدد الضحايا، في حين أن إجمالي جرائم القتل في البلاد بلغت 46510 جرائم، وذهب ضحيتها 11574 شخصاً، أي بمعدل 169.74 ضحية في اليوم.
وتلحظ الإحصائية مقتل 9 أشخاص في حادث قتل جماعي في 10 سبتمبر/أيلول 2017 وقع في بلانو في ولاية تكساس، وقبله يوم 27 مايو/أيار 2017 في ولاية ميسيسيبي وراح ضحيته 8 قتلى، في حين أن الحوادث المتبقية تراوح عدد القتلى فيها من 6 ضحايا وما دون.
— Gun Violence Archive (@GunDeaths) ٢ أكتوبر، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وبالمقارنة مع أحداث القتل الجماعي في أميركا العام الماضي من مطلع 2016 وحتى 2 أكتوبر/تشرين الأول منه، نجد أن عددها بلغ 267 جريمة، راح ضحيتها 333 قتيلاً.
— Gun Violence Archive (@GunDeaths) ١ أكتوبر، ٢٠١٧
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Gun Violence Archive (@GunDeaths) ١ أكتوبر، ٢٠١٧
|
نوعية السلاح المتوفر للمواطن الأميركي
التعدي والتحايل على القانون موجود في الدول الغربية كما الدول النامية تماماً، والحصول على سلاح غير مرخص، أو إجراء تعديلات غير قانونية على أسلحة مرخصة أمر متاح في ولايات عدة.
فوفق قانون الأسلحة النارية الوطني لعام 1934، لا يستطيع المواطن الأميركي امتلاك نوع من السلاح الفردي، وهناك قيود إلى حد بعيد على حيازة المدافع الرشاشة ومنها البنادق والمسدسات الآلية بالكامل، والبنادق قصيرة الماسورة، وكواتم الصوت. ومن يحصل عليها لا بد أن يخضع لتحقيق معمق من مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات.
ولفتت التحقيقات بحادثة لاس فيغاس أمس إلى أن القاتل ستيفن بادوك استخدم سلاحاً آلياً بالكامل، مكّنه من تفريغ مخازن الطلقات أوتوماتيكياً بأعداد كبيرة دون اضطراره لتلقيم سلاحه. فالسلاح الآلي يفرغ الطلقات تلقائياً.
ويرجح المحققون أن يكون المعتدي قد أجرى تعديلات غير قانونية على السلاح المستخدم، وهو أمر يحصل في ولاية نيفادا. ولفتوا إلى أن التعديل الذي يجعل السلاح آلياً بالكامل يحتاج إلى قطع يمكن شراؤها عبر الإنترنت ولا تزيد كلفتها عن 40 دولاراً.
— Tactical-reviews.com (@Tactical_review) October 3, 2017 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وأشاروا أيضاً إلى أن السلاح نصف الآلي متاح للأميركيين ويمتلكه الملايين منهم، منه نموذج "آر-15"، الذي وجد في مسارح جرائم القتل الجماعي في أكثر من مكان، ومنه مثلاً في سان برناردينو في ولاية وكاليفورنيا عام 2015، وفي أورورا عام 2012 في ولاية كولورادو، وفي مدرسة ساندي هوك في نيوتاون في ولاية كونيتيكت في العام نفسه، وهي البديل المدني للبنادق العسكرية M-16 و M-4.
— Tactical-reviews.com (@Tactical_review) September 26, 2017 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وتتناقل وسائل الإعلام بيانات أوردها الباحث في العلوم السياسية، الدكتور باسم خفاجي، عن السلاح في أميركا مفادها أنه "يُصنع في أميركا مسدس كل 10 ثوان، ويحمل مليون أميركي سلاحهم معهم يومياً، و يحتفظ مليونا شخص بسلاحهم في سياراتهم. و12 في المائة من الأسلحة الموجودة في الولايات المتحدة مرخصة، ما يعني أن 88 في المائة منها غير مرخصة، وأكثر من نصف الإنتاج العالمي من المسدسات يصنع في الولايات المتحدة".
وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة هي الدولة الأولى في العالم في الأعداد المتوفرة لقطع السلاح بالنسبة إلى عدد السكان، وبيّنت إحصاءات عام 2012 أن هناك في أميركا 85 قطعة سلاح لكل 100 نسمة، أي ضعف المعدل الموجود في سويسرا وفنلندا البالغ 45 قطعة سلاح لكل 100 نسمة، في حين أن لدى فرنسا 28 قطعة سلاح لكل 100 نسمة، و30 قطعة في ألمانيا لكل مائة شخص على أراضيها.
الكلمة الأخيرة للسلاح
صمت وعدم اتخاذ موقف سياسي صريح وواضح تجاه الجريمة المروعة في لاس فيغاس، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء، حلّت محله عبارات المواساة وتقديم التعازي بالضحايا والشدّ من أزر الشرطة ورجال الإنقاذ. وبقدر حاجة الشعب الأميركي للدعم "العاطفي" من ممثليه في الكونغرس والسلطات المحلية في هذا الظرف، إلا أنه ينتظر حلولاً جدّية بلا شك لمسألة تسلح الأفراد التي ترفع من نسب الجريمة في بلادهم، والتي تخبئ لهم فواجع ترقى إلى مستوى المجازر، خصوصاً أن ذريعة التسلح للدفاع عن النفس أثبتت فشلها.
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) ٢ أكتوبر، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
ويرى المحللون تغيراً سلبياً في ردود أفعال السياسيين الأميركيين في السنوات الأخيرة، يتمثل في فتور الحملات ضد التسليح والمطالبة بتعديل القوانين وتشديد سبل وصول السلاح لكل الناس. لكن يبدو أن الانشغال ينصب على تصنيف الجريمة إن كانت عملاً إرهابياً أو جريمة قتل جماعي، ولكن في المحصلة تزيد تلك الحوادث من تشويه صورة أميركا التي يسهم رئيسها دونالد ترامب في ترسيخها أمام مواطنيه وأمام العالم.
والجدير بالذكر أن دراسة أعدّها مركز السيطرة على الأمراض والوقاية، التابع لوزارة الصحة الأميركية (شاهد الإنفوغراف)، بيّنت أنّ أكبر معدّلات القتلى سنويًّا (نحو 11737) تعود إلى جرائم يرتكبها مواطنون أميركيّون آخرون، ولا دخل لها بعمليات "الإرهاب" التي يوهم ترامب مواطنيه بأن تسليحهم يردع الإرهابيين، ويحميهم ويخفف الخطر عنهم.
(شاهد الفيديوغراف)
وأوضحت الدراسة أن عدد من يقتلون سنويًّا بفعل أمور يوميّة وغير مهدِّدة للحياة، كالوقوع عن السرير، أو الصواعق، هم أضعاف ضحايا "الإرهاب". معطيات يغض السياسيون الأميركيون الطرف عنها، لحماية صناعة السلاح وتسهيل تسويقه، على حساب أمن الناس وسلامتهم.