حيّ مذبح في صنعاء

21 أكتوبر 2017
صغار مهمّشون ونفايات (العربي الجديد)
+ الخط -

في حيّ مذبح الواقع في مديرية معين في صنعاء، ينتشر البناء العشوائي وتكثر الأسر اليمنية الفقيرة. وخلال الفترة الأخيرة، تراكمت النفايات في ذلك الحيّ، الأمر الذي يتسبب في انتشار الأمراض، في مقدّمتها الكوليرا، وسط إهمال من قبل السلطات المحلية.

ظروف معيشية صعبة يعيشها سكان الحيّ الذي يفتقر إلى أدنى مقوّمات الحياة الأساسية، وسط القمامة المكوّمة والمجاري الطافحة في الشوارع. ويقف هؤلاء من نساء وأطفال وكبار في السنّ في طوابير لساعات عدّة، بهدف الحصول على بضعة ليترات من المياه من أحد الصهاريج.

محمد يحيى، من سكان حيّ مذبح، يشكو لـ"العربي الجديد"، من أنّ "حيّنا يفتقر إلى الخدمات الأساسية، بينما تنشر فيه الأمراض بسبب تراكم القمامة وفيضان المجاري في ظل غياب للجهات المعنية، الأمر الذي يفاقم تفشّي الكوليرا هنا". ويشير يحيى إلى أنّ الأحياء في مختلف مناطق صنعاء أفضل حالاً من الحيّ الذي يسكن فيه، مؤكداً أنّه "بؤرة للكوليرا نظراً إلى التدهور الكارثي في الوضعَين البيئي والصحي، الأمر الذي يجعلنا وأبناءنا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض". يضيف أنّ "هذا الحيّ هو من الأحياء التي كانت مهملة قبل الحرب، لكنّ الوضع في البلاد أخيراً زاد من معاناتنا. أمّا المجلس المحلي فلا يقوم بواجباته ولا يوفّر لنا احتياجاتنا".

من جهته، يتحدّث عبد الرحمن أحمد، وهو من سكان الحيّ كذلك، بمرارة عن إصابته مع أحد أطفاله بمرض الكوليرا بسبب تدهور الأوضاع البيئية والصحية في الحيّ وانعدام الخدمات الصحية الحكومية، فيقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "المسؤولين المعنيّين بشؤون النظافة لا يهتمون بالتداعيات الصحية والإنسانية التي يعاني منها السكان، وكثيراً ما يربطون انتشار القمامة بغياب النفقات التشغيلية لعمّال النظافة ووسائل رفع المخلّفات. لكنّها في النهاية كارثة علينا، مهما كانت الأسباب، وهي تقتلنا في كلّ لحظة".




إلى ذلك، يخبر شرف الريمي أنّه لجأ إلى البناء العشوائي مضطراً، بعد شراء قطعة أرض في الحيّ للهروب من تكاليف الإيجارات ولتأمين سكن متواضع لأسرته، ويقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاستعجال في البناء جاء بسبب خوفي من نهب أرضي، على الرغم من عدم توفّر إمكانيات للبناء السليم الذي يضمن بيئة صحية مناسبة لساكنيه". يضيف الريمي: "تعرّضت أنا وأفراد أسرتي لأضرار صحية وبيئية لم نعرفها إلا بعد سكننا في الحيّ. السكان هنا بمعظمهم تحت خط الفقر وخارج نطاق تغطية المؤسسات الصحية والتعليمة، وفي بيئة غير صحيّة للعيش". ويلفت إلى أنّ "الأهالي يعتمدون على حفر يستحدثونها بالقرب من منازلهم، بسبب غياب شبكات المجاري. لكنّ تلك الحفر تمتلئ وتطفح وتُغرق الشوارع بمياه الصرف الصحي، ونتيجة ذلك تتفاقم المآسي وتتوالد الأحزان، فيما تحصد الأمراض أرواح كثيرين من قاطنيها". ويتابع الريمي أنّ "الأمر يزداد سوءاً عند هطول الأمطار، إذ ينتشر الذباب والبعوض بطريقة مخيفة. فالمياه الملوّثة في كل مكان والنفايات تغطّي جانبَي الطريق".

في السياق، تقول عزيزة الأصبحي، وهي متطوّعة في المجال الصحي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع هنا سيئ جداً، مع الانتشار الواسع في إصابات الكوليرا وحالات الإسهال الأخرى والأمراض الجلدية. هنا، يعاني السكان من الفقر المدقع ويفتقرون إلى أدنى مقومات الحياة البشرية، وكثيرة هي الأسر التي لا تجد قوت يومها". وتشير الأصبحي إلى أنّها تعمل من ضمن فريق تطوّعي تابع لوحدة طوارئ المياه في صنعاء مدعوم من قبل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في مجال توعية الأسر في منطقة معينة، ومنها حيّ مذبح، حول كيفيّة الوقاية من عدوى الكوليرا. وتشرح أنّهم يعمدون إلى "تعقيم مصادر المياه بالكلور وتعقيم المياه في الخزانات المتوفّرة في الشوارع، للتأكد من المياه وصلاحيتها للشرب". وتشدّد الأصبحي على "ضرورة الالتفات إلى سكان هذه المناطق وأهلها قبل أن تتفاقم معاناتهم وتخرج عن السيطرة. فأوضاع الأطفال والنساء هنا شديدة البؤس".

ويقرّ مصدر مسؤول في السلطة المحلية في مديرية معين في صنعاء، بأنّ الوضع في المناطق العشوائية ومنها حيّ مذبح في تدهور كبير في مجال الخدمات الأساسية، "وحياة الناس تزداد صعوبة نتيجة افتقارهم إلى الغذاء والمسكن والمياه والنظافة". يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ الوضع لم يعد بيدهم كسلطة، فالحرب قضت على أيّ فرصة للإصلاح والصيانة في الوقت الحالي. ويشرح المصدر المسؤول نفسه أنّ المجالس المحلية أصبحت في حكم المعطّلة لعدم توفّر أيّ إمكانيات لمواجهة احتياجات الأحياء والمناطق التي تعاني من المشاكل وتحتاج إلى معالجة. ويقول جازماً: "من الصعب جداً علينا في هذه الظروف فعل أيّ شيء".