أهل الرقة يحلمون بالعودة إلى منازلهم

20 أكتوبر 2017
نازحون من الرقة (بولنت كيليك/ فرانس برس)
+ الخط -
انتهت معركة الرقة وأُخرج مقاتلو تنظيم "داعش" على يد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، إلّا أن مأساة مئات الآلاف من سكانها لم تنته بعد، وما زال هؤلاء مشردين في ريف الرقة بين المزارع والقرى المحيطة بها ومخيمات النزوح، التي تفتقر إلى الحدّ الأدنى من مقومات الحياة في ظل غياب المساعدات الإنسانية والرعاية الطبية والتعليم والنقص في المواد الغذائية ومياه الشرب.

يقول الناشط الإعلامي عبد الجبار الهويدي، لـ"العربي الجديد": "قبل بدء معركة الرقة منذ أكثر من أربعة أشهر، كان عدد سكان المدينة بحدود نصف مليون شخص. ومع بدء المعارك، نزح كثيرون إلى المناطق والمزارع المحيطة، على غرار الطبقة وتل أبيض والمنصورة وغيرها، التي باتت تعاني من كثافة سكانية". ويلفت إلى أنه يتوقّع أن "يعود عدد كبير من أهالي المدينة بعد أن تسمح لهم قسد بذلك، فذلك أفضل لهم من البقاء في المخيمات". إلّا أنّ بعض أهالي المدينة يخشون العودة، إذ لا فكرة لديهم عمّا سيجدونه فيها، وإن كانت آمنة، في ظل احتمال وجود ألغام وعبوات ناسفة وقنابل غير منفجرة. ويتوقّع أن يعود إلى الرقة ما بين 200 و300 ألف مدني أوضاعهم مأساوية.

بدورها، تقول الناشطة راما الرقاوية، لـ"العربي الجديد"، إن "أوضاع النازحين تكاد تكون كارثية، وسط غياب المنظمات الإنسانية الدولية بشكل عام. وتعاني مخيمات النزوح من نقص شديد في الخيم لإيواء الأسر النازحة، خصوصاً مع انخفاض درجات الحرارة وتساقط الأمطار أحياناً. وما من عوازل أرضية وفرشات وبطانيات ووقود للتدفئة والطهي".

تضيف: "يعاني النازحون بسبب شح المساعدات الإنسانية، خصوصاً الغذائية، وانعدام الرعاية الطبية بشكل شبه كامل، إذ ما من نقاط طبية أو كادر طبي، ما يضطر المريض إلى التوجه إلى عين عرب أو تل أبيض للحصول على العلاج، وهذا ليس بالأمر اليسير، خصوصاً أن المريض يضطر إلى دفع المال، عدا عن الحاجة إلى موافقة مسبقة". وتلفت إلى أن "أوضاع بعض الأطفال النفسية سيئة للغاية، من جرّاء الحرب والقتل والدمار على مدى السنوات الماضية، إضافة إلى ما سعى التنظيم لتكريسه في عقولهم، في وقت انقطعوا عن التعليم بشكل كامل، ولا يعرف بعضهم القراءة والكتابة".



من جهته، يقول أبو محمد الرقاوي، لـ"العربي الجديد": "نزحنا مع بداية المعارك. كنت على يقين من أنّ الرقة ستعيش أياماً صعبة وستدمّر. استقر الحال بي في أحد مخيمات النزوح حيث الحياة صعبة جداً، ولا يمكن الحصول على شيء إلا بعد تعب وجهد كبيرين. أنتظر العودة إلى منزلي في الرقة على أحرّ من الجمر، فذلك سيكون أرحم مما أعيشه اليوم. السكن في خيمة يشبه السكن في البراري، خصوصاً أنها لا تردّ البرد ولا المطر". يضيف: "يفكّر النازحون بما حلّ في منازلهم. نسمع من البعض أن الرقة دمرت بنسبة تزيد عن 90 في المائة أو أقلّ. نسمع أيضاً عن أعمال نهب، ما يعني أن من لم يدمر منزله، لن يجد فيه شيئاً، ولا حتى باباً أو نافذة يغلقها لترد عنه برد الشتاء الذي بدأ بالفعل".

ويلفت إلى أن "أهل الرقة قادرون على إعادة الحياة إلى مدينتهم، رغم الدمار الذي لحق بها، ورغم أن أوضاعنا المادية سيئة للغاية، وقد خسرنا كل ما نملك. حتى المغتربين يجدون صعوبة في إيصال المال إلى ذويهم، في حين تغيب المنظمات الإنسانية".

إلى ذلك، أفادت مصادر مطلعة من الرقة، لـ"العربي الجديد"، بأنه "في جولة سريعة على بعض أحياء الرقة، تبين أن نسبة الدمار تقدر بـ60 في المائة، ويتوقع السماح بعودة الأهالي إلى منطقة مفرق الجزرة في الساعات المقبلة، وإلى حي المشلب خلال وقت قصير". وتلفت إلى وجود معلومات عن مساعي أميركية وسعودية للعمل على إعادة إعمار الرقة من خلال مجلس الرقة المدني، وبدعم من دول التحالف الدولي لمحاربة داعش، وعلى رأسها دول الخليج العربي. في هذا الإطار، زار مسؤولون أميركيون وسعوديون مقر المجلس المحلي في بلدة عين عيسى للتباحث في الأمر.

تضيف أن "المجلس المدني لمدينة الرقة"، المدعوم من قسد، سيكون مسؤولاً خلال الفترة المقبلة عن تنظيم عودة أهالي المدينة، مع انتهاء تنظيف كل حي من مخلفات المعارك والألغام والعبوات الناسفة ورفع الركام وفتح الطرقات. وتتوقع أن تستغرق العملية أسابيع لتنجز، ما سيخفف من مأساة نازحي الرقة. وفي الوقت نفسه، ما زالت مأساة نازحي دير الزور تتفاقم مع استمرار عمليات النزوح في إطار وضع إنساني مأساوي.

المساهمون