مهن للاجئين في الأردن

18 أكتوبر 2017
باتت لديهما مهنة (العربي الجديد)
+ الخط -
خسر اللاجئ السوري علي الحمصي (26 عاماً) الكثير حين ترك سورية وانتقل إلى الأردن. كان يدرس الحقوق، واضطرّ إلى التخلّي عن دراسته الجامعية، ليصل إلى الأردن من دون شهادة جامعية أو مهنة. مضى على وجود الحمصي في الأردن نحو خمس سنوات. خلالها، تزوّج وأصبح أبا لطفلين، ما زاد من تكاليف الحياة بما يتجاوز ما تقدّمه المفوضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين من مساعدات. حاول اللاجئ المقيم في مخيّم الزعتري (شرق مدينة المفرق)، العمل على تأمين متطلّبات معيشته، لكن ذلك لم يكن سهلاً بسبب عدم امتلاكه مهنة أو حرفة. يقول: "فرص عملي كانت قليلة. وما حصلت عليه كان عبارة عن أعمال شاقة براتب قليل".

حلم

أدرك الحمصي ضرورة أن يكون لديه مهنة. وفي نهاية عام 2013، التحق في مركز الشباب الموجود داخل المخيم، والتابع للمجلس النرويجي للاجئين، لتعلّم الحلاقة. يقول: "كنت أحلم أن أصير محامياً، إلّا أن ذلك بات مستحيلاً، في الوقت الحاضر على الأقل. في هذه المرحلة، مهنة الحلاقة هي أكثر ما يناسبني".

في عام 2013، افتتح مركز الشباب داخل مخيم الزعتري، بهدف تمكين الشباب من الذكور والإناث، وتعليمهم مهارات مهنية وزيادة مشاركتهم الفاعلة في مجتمعاتهم، من خلال برامج تدريب مهنية وفنية. وبعد ثلاثة أشهر، انتقل الحمصي للعمل في أحد محال الحلاقة في المخيم، ومحال أخرى خارج المخيم، قبل أن يفتتح محله الخاص داخل المخيم. يقول: "بات لدي مهنة، ولم أعد مضطراً إلى العمل في المزارع كما في السابق. أصبحت قادراً على توفير احتياجات الطفلين".



وأعلن المركز عن حاجته إلى توظيف مدرّبين للحلاقة، فتقدّم إلى الوظيفة واجتاز الاختبار، ليصبح مدرباً براتب شهري ثابت. "بعد انتهاء ساعات العمل في المركز، أعود إلى العمل في المحل". كذلك، يعمد إلى تدريب البعض في محله لأن الخبرة العملية مفيدة جداً.

مجسّم للمشروع (العربي الجديد) 


تدريب

يوفّر مركز الشباب 11 برنامجاً تدريبياً، تشمل الخياطة والحلاقة والتجميل وتصليح الهواتف والكومبيتر والأدوات الكهربائية وغيرها. ويقول مدرّب الكهرباء، اللاجئ إياد المصري، إنّ الدورات تنقسم إلى مرحلة تأسيسيّة وأخرى أكثر تقدماً، مشيراً إلى أنه ومنذ افتتاح المركز، نظّم 13 دورة تدريبية استفاد منها مئات اللاجئين. قدم المصري إلى الأردن من سورية، حيث كان يعمل أيضاً في مجال الكهرباء، وفي البلد الجديد، صار يعمل في المجال نفسه، قبل أن يصبح مدرّباً في المركز.

يقول: "المركز مجهّز بكافة المستلزمات، ويشكّل فرصة للاجئين لتعلم مهن، وقد ساهم في تطوير مهارات العديد من الأشخاص". ويشير إلى أن العديد من المتدرّبين تمكنوا من العمل في المهن التي تعلموها، سواء داخل المخيم أم خارجه، في وقت أقدم أولئك الذين يملكون المال على فتح مشاريعهم الخاصة. ويتحدّث المصري عن زيادة أعداد الملتحقين في برامج التدريب، بعدما قررت الحكومة الأردنية فتح سوق العمل أمام اللاجئين السوريين، وبدأت في إصدار تصاريح العمل لهم.

وعقب مؤتمر لندن للمانحين الذي عقد في فبراير/ شباط في عام 2016، بدأ الأردن منح تصاريح عمل للاجئين السوريين المقيمين خارج المخيمات وداخلها (200 ألف لاجئ)، بالتوازي مع وعود أوروبية بتسهيل دخول الصادرات الأردنية إليها.

يقول المصري: "أصبحت المنافسة كبيرة، ومن لا يملك مهنة تقل فرصة عثوره على عمل مناسب. وقد تشجّع عدد كبير من اللاجئين على الحضور إلى مركز الشباب والالتحاق ببرامج التدريب، على أمل الحصول على فرص أفضل". وبحسب إحصائيّات وزارة العمل الأردنية، حصل أكثر من 7 آلاف لاجئ سوري يقيمون داخل المخيمات على تصاريح عمل، غالبيّتهم التحقوا بالعمل في المصانع والشركات والمزارع القريبة من المخيمات.

ويستفيد اللاجئون من الإعفاءات المالية التي تقدّمها وزارة العمل الأردنية لتشجيعهم على إصدار تصاريح عمل، علماً أن الرسوم هي 10 دنانير أردنية (14 دولاراً أميركياً)، وتستمرّ الإعفاءات حتى نهاية العام. ويرى المصري أن أولئك الذين يملكون تصاريح عمل، سيجدون فرص عمل أفضل، في وقت سيعمل أولئك الذين لا يملكون مهنة في أعمال شاقة، ويحصلون على عائدات مالية أقل، واصفاً الدورات التدريبية بـ "الفرصة التي يجب اغتنامها".

المساهمون