تعليم ذاتي في سورية

25 يناير 2017
متحمسات للدراسة (العربي الجديد)
+ الخط -



مع ازدياد عدد الأطفال المتسرّبين من المدارس في مخيّمات النزوح السوريّة، والمناطق التي تشهد معارك عنيفة ويستهدف القصف مدارسها، باتت هناك حاجة إلى إعادة تأهيل آلاف الأطفال الذين خسروا سنوات دراسيّة. من هنا، أطلقت منظّمة "غراس" للتعليم، بالتعاون مع منظّمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، مشروع "التعليم الذاتي" الذي يهدف إلى تأهيل التلاميذ وإلحاقهم بمقاعد الدراسة مجدداً.

ويوضح مدير مشروع التعليم الذاتي في مؤسسة "غراس"، عبد الرزاق زليطو، أنّ عدد الأطفال المستفيدين من التعليم الذاتي يقدّر بنحو ثلاثة آلاف، تراوح أعمارهم ما بين 6 و10 سنوات، لا يجيدون القراءة والكتابة، وذلك في مخيمات الشمال السوري، على غرار مخيمات قاح وأطمة وياسمين الشام والأمل وأبو بكر الصديق وشباب الخير والهلال القطري وشمارخ وسجو، بالإضافة إلى مراكز في مدينة أعزاز وإدلب وتفتناز والأتارب والدانا وترمانين.

ويشير زليطو إلى أنّ تزايد نسب الأمية في هذه المناطق يرتبط بقصف المدارس، الأمر الذي يصيب الأطفال وذويهم بالخوف، فيفضّلون البقاء في منازلهم. ويلفت إلى أنّ لكلّ طفل شقيق أو زميل أو قريب استشهد جراء القصف. لذلك، يرفض عدد من الأطفال الذهاب إلى المدرسة. ويعتمد برنامج التعليم الذاتي على منهاج مكثف، تقدم المادة العلمية فيه بطريقة مبسطة ومرفقة بصور توضيحية. ويقول زليطو إنهم قسموا البرنامج "إلى ثلاثة مستويات، من الأسهل إلى الأصعب، علماً أن كل مستوى يحتاج إلى شهرين. ونلحق الطفل بالمستوى المناسب بعد الاطلاع على المعلومات التي يعرفها". ويوضح أن المنهاج يتضمن ثلاث مواد رئيسية، وهي اللغة العربية والرياضيات واللغة الإنكليزية.

ولإتمام المنهاج، ينظّم المدرسون زيارات أسبوعيّة إلى منازل الأطفال لمتابعتهم وتوجيههم وتشجيعهم، بالإضافة إلى تشجيع الأهل على مساعدة أطفالهم. ويوضح زليطو أن "سبب اختيارنا هذا الأسلوب هو خوف الأهالي من إرسال أولادهم إلى المدارس. ومن خلال المسح الذي أجريناه، لاحظنا أن معظم الأطفال انخرطوا في سوق العمل، وليس سهلاً عليهم التوقف قبل الحصول على التشجيع الكافي والثقة في النفس". يضيف أن الطفل في السنة الثامنة أو التاسعة من عمره يجد صعوبة في الدراسة في الصف الأول مع من هم أصغر منه سناً. لذلك، لا بد من دمجه تدريجياً. ويمكن للطفل الذي يعمل أن يدرس هذا المنهاج في الوقت الذي يناسبه.



ويبدو لافتاً انقطاع عدد كبير من التلاميذ عن الذهاب إلى المدارس في المخيّمات، علماً أنها تعد آمنة نسبياً. ويعزو عبد الرزاق السبب إلى الازدحام الكبير في هذه المدارس، وعدم توزّعها جغرافياً بشكل جيد بين المخيمات. في مخيم ياسمين الشام، على سبيل المثال، يقول الأهالي إنهم لا يرسلون أطفالهم إلى المدرسة لأنها بعيدة، وهي موجودة في مخيم مجاور، بالإضافة إلى أوضاع المخيمات السيئة في فصل الشتاء. أحياناً، وبسبب الطين، يعجزون عن التنقل. ويوجد طريق واحد للتنقل بين المخيمات، وهو مزدحم ويمر فيه الجميع، بالإضافة إلى السيارات والدراجات النارية. لذلك، يشكل خطراً على الأطفال.

ويسعى المشروع إلى افتتاح صفوف جماعيّة للطلاب، وهي عبارة عن خيام مجهزة بطاولات وكراس. ويقول عبد الرزاق: "أجرينا استطلاعاً للرأي مع الأهالي، ولاحظنا أنهم يرفضون دخول مدرّس إلى الخيمة. ويقدّر عدد الأفراد في الخيمة الواحدة بخمسة، بالإضافة إلى المستلزمات، لذلك يصعب استقبال أستاذ للتدريس فيها. من هنا، لجأنا إلى إقامة هذه الصفوف".

مع بداية العمل، واجهت الكوادر التعليمية مشكلة في دمج الأطفال، ما أدى إلى تأخر المشروع نحو شهر. يقول زليطو إن "عدداً كبيراً من الأطفال لم يعرفوا كيف يمسكون القلم، أو كانوا عاجزين عن التركيز، ولاحظنا أنهم يتعاملون مع الكتب بعنف". يضيف أن "البعض لا يعرف أن الكتاب يفتح من اليمين إلى اليسار. لذلك، كان علينا البدء بتعليمهم الهدوء وكيفية التصرف".

دلالات